الشيخ: قسول جلول الشفقة تعني صرف الهمَّة في إزالة المكروه عن النَّاس فالشفقة والرحمة قاعدة لكل بنيان و أساس لكل مجتمع فإذا ظهرة هذه الصفة في المجتمع يهون فيها كل الصعاب فالعبرة بهذا الشفقة والرحمة يمكن أن تتألم الأسرة لمريض ولكن شفقة الناس وتضامن الناس تدخل عليهم الطمأنينة والراحة يمكن أن تكون الأسرة ولكن شفقة الناس وتضامن الناس تدخل عليهم الطمأنينة والراحة قديكون في بيت فيه ضيق ولكن شفقة الناس وتضامن الناس تدخل عليهم الطمأنينة والراحة. أردت أن أنبه إلى هذه الفضيلة المنسية التي أصبحت عملة نادرة إذا اختفت في الأسرة حل محلها القساوة حل محلها غياب الشعور بألم الآخرين ويصبح الإنسان كالآلة لا يتألم لآلام الأخرين .ولا يحزن لحزنهم .. ويكون بعيدا عن أهل الجنة التي قال عنهم من لاينطق على الهوى (أهلُ الجنةِ ثلاثة: ذو سُلطان مُقسِطٌ مُتصدِّقٌ مُوفَّق ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكل ذي قُربَى ومُسلِم وعفيفٌ مُتعفِّفٌ ذو عِيال)!! رواه مسلم صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المتتبع للحركة المجتمعية في كل الإتجهات يشد إنتباهه...إلى غياب تام للكلمة الطيبة التي تخرج من أفواه طيبة وتحويها قلوب حانية فهي بلسم وشفاء لما في الصدور أفتقدناه .. دعوة عاجلة فدعوتنا إليها هي دعوتنا لفضيلة أخلاقية قرآنية ودعامة إيمانية وتذكرة للتحلي بهذا الخلق النبيل . ومعنى الشَّفَقَة رِقَّة مِنْ نُصْح أو حُبّ يؤدِّي إلى خوف وهو أن يكون النَّاصح -من بلوغ نُصْحه- خائفًا على المنصُوح فنسبته إلى الخوف نسبة الرَّأفة إلى الرَّحمة وصرف الهمَّة إلى إزالة المكروه عن النَّاس...فهي تتماسك مع الرحمة كتماسك الإسلام مع الإيمان فالكلمة الحانية والشفقة بالقول أو الفعل قد لا يلقي لها الإنسان بالا لكن لها أجرعظيم ومكانة عظيمة تدل على أصل صاحبها وطبعه وطبيعته بل تدل على إيمانه ودرجة إسلامه لها أصل متين في القرآن الكريم قال تعالى ((ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه الىية من سورة الكهف الآية 49وقال تعالى (( ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم ...)الشورى الآية 22 وهي دعامة رئيسية لتكافل المجتمع وتماسك الأسرة وتماسك الأسرة يتناسب مع الإيمان وتماسك أفراد الأسرة يتناسب طردياً مع الإيمان فكلما ازداد الإيمان تماسكت الأسرة في المجتمع وظهر بينهم الشفقة والرحمة والقارئ الكريم قد لا حظ كما لا حظ الجميع أن مجتمعنا يتميز بهذه الخصلة الأخلاقية الكريمة ... قد يكون إكتسبها من تراثه من دينه من فطرته النقية ونسمع دائما ...فلان يشفق على فلان وتتجلى صورها في الهبة الوطنية التضامنية في المناسبات الدينية والوطنية في مراكز الطفولة المسعفة وكذا المرضى .. في المستشفيات وحتى اللاجئين !! فالجزائري يشفق على الآخرين ويخاف عليهم إن لم يجد ما يقدمه لهم فشفقة عليهم كبيرة يقف معهم بشعوره بمشاعره يقف معهم ولو بالدعاء ! هذه الشفقة مفطورة ومجبولة في مجتمعنا ...وهي قريبة من الرحمة في معناها فالشفقة والرحمة والتماسك دليل قوة الإيمان وكلما اشتد حبك للأيتام للعجزة للمحتاجين كلما كان الإيمان أكثر وكلما قلت الشفقة والرحمة والمحبة ولو كان كل إنسان يتحرك وفق مصالحه لضعف الإيمان وقلت الشفقة والرحمة. فالشفقة خصلةٌ عظيمةٌ جعلَها الله بين خلقِه وقلنا أنها مصاحبة للرحمة ومرافقة لها وعليه نستدل بأدلة الرحمة على صفة الشفقة قال _ عليه الصلاة والسلام -: خلقَ الله مائةَ رحمة فوضعَ واحدةً بين خلقِه وخبَّأَ عنده مائةً إلا واحدة رواه مسلم. قدَّمها الله على نعمةِ العلم فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا [الكهف الآية 65.وهو _ سبحانه _ يحبُّ من اتَّصفَ بها وأثنَى على عبادِه المُتواصِين بها ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ سورة البلد الآية: 17 قال شيخُ الإسلام ذرحمه الله -: _فعلى الإنسان أن يكون مقصودُه نفعَ الخلق والإحسان إليهم مُطلقًا وهذه الشفقة والرحمة هي التي بُعِثَ بها محمدٌ _ صلى الله عليه وسلم -_. وهي مِنحةٌ من الله يهَبُها لمن يشاءُ من عبادِه قال _ عليه الصلاة والسلام _ لأعرابيّ جفَا عن رحمةِ أولادِه: أوَأملِكُ لك أن نزعَ الله من قلبِك الرحمة؟! رواه البخاري.ومتى أراد الله بعبدِه خيرًا أنزلَ في قلبِه الرحمة هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ [الفتح: 4] قال ابن عباس : _أي: الرحمة فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ _. فأكملُ المُؤمنين إيمانًا أعظمُهم رحمة قال _ سبحانه -: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ سورة الفتح: 29. وامتلاءُ القلبِ بالشفقة علامةُ السعادة وهي سببُ نَيل رحمةِ الله. الهدي النبوي قال _ عليه الصلاة والسلام -: الراحِمون يرحمُهم الرحمن ارحَموا من في الأرض يرحمكم من في السماء رواه أبو داود. وممن يدخلُ الجنةَ أقوامٌ مُلِئَت قلوبُهم رحمةً ورِقَّةً مع الإيمان قال _ عليه الصلاة والسلام -: وأهلُ الجنةِ ثلاثة: ذو سُلطان مُقسِطٌ مُتصدِّقٌ مُوفَّق ورجلٌ رحيمٌ رقيقُ القلبِ لكل ذي قُربَى ومُسلِم وعفيفٌ مُتعفِّفٌ ذو عِيال رواه مسلم. وقسوةُ القلبِ في فراغِه من الشفقة والرحمة ذمَّ الله أقوامًا فقال:ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ البقرة: الآية 74.: يبِسَت وجفَّت وجفافُ القلبِ خروجُ الرحمةِ والشفقة منهس. وذلك هو علامةُ الشقاء قال _ عليه الصلاة والسلام -: لا تُنزَعُالرحمةُ إلا من شقِيّ رواه أبو داود.و قال صلى الله عليه وسلم : من لا يرحَمُ لا يُرحَم متفق عليه. فالشفقة على اليتيم عبادة ! والشفقة على المسكين غفران والشفقة على العاصي رحمة والشفقة على الكبير رضوان الشفقة بهؤلاء والرِّفقُ بهم من الأعمال التي يرضَاها الله ويُجازِي عليها و تجعلُهم كجسد واحد قال _ عليه الصلاة والسلام -: ترى المُؤمنين في تراحُمهم وتوادِّهم وتعاطُفهم كمثَلِ الجسَد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ جسَدِه بالسهَر والحُمَّى متفق عليه.. ومن زلَّت قدمُه في المعاصِي يستحقُّ الشفقة والرحمةَ بالنُّصح والدُّعاءِ له بالهداية . وأشدُّ الخلقِ رحمةً وشفقة هم رُسُلُ الله سعَوا لهدايةِ الخلق ودعَوا قومَهم بكل سبيل لإنقاذِهم من الهلَكَة وصبَرُوا على أذاهم ولم يستعجِلُوا بطلبِ عذابِهم. ونبيُّنا محمدٌ _ صلى الله عليه وسلم _ أرحمُ خلقِ الله ومن أسمائِه: نبيُّ الرحمة رواه النسائي. ولما قيلَ له: ادعُ على المُشرِكين قال: إني لم أُبعَث لعَّانًا وإنما بُعِثتُ رحمة رواه مسلم. فمن قبِلَ هذه الرحمة وشكَرَ هذه النعمة والتصف بصفة الشفقة سعِدَ في الدنيا والآخرة فالنبي صلى اللع عليه وسلم كان كان شفيقًا على أمَّته تركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها . القلوب تصفوا من الكِبر واحتِقار الناس بتحقيق الشفقة والرحمة وهي وسطٌ بين القسوة والجفاء . والرأفة والرحمة يُحبُّهما الله ما لم تكُن مُضيِّعةً لدينِ الله وأول الناس بشفقتك ورحمتك عليهم هم أولادك يعني: المؤمن يعيش لأولاده يعيش لهم.أي أن الشفقة والخير يكون في أقرب الناس فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام: علمنا كيف نحرص على أولادنا؟ وكيف نعطيهم حبنا ورحمتنا وشفقتنا عليهم ؟.سيدنا الصديق دخل على ابنته عائشة وقد أصابتها حمى فرأت أباها فقبل خدها وقال: ((كيف أنت يا بنية؟ فكلما ازداد الإيمان ازدادت هذه المشاعر وتلك العواطف وأصبح البيت جنة فيه شفقة وحنان .ومن البيت أي يصبح المجتمع كله جنة فبإمكاننا أن نجعل مجتمعنا جنة! فيمكن أن أقول: أن نسبة الشفقة والرحمة في قلبك كنسبة اتصالك بالله عز وجل بقدر اتصالك بالله عز وجل تزداد الشفقة والرحمة في قلبك. فتفكك الأسرة والمجتمع يبدأ من غيابة صفة الشفقة والرحمة !! وهذه الأحاديث تبين الشفقة والحب والرحمة والاهتمام والعطف والشفقة التي كانت في قلوب أصحاب رسول الله في أسرهم ووسط مجتمعهم وكلما الإنسان قسا وأهمل وقصر في حقوق الضعفاء دليل ضعف إيمانه وضعف الرحمة في قلبه وضعف الشفقة في قلبه!!