رحب قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بالمبادرة التركية التي طرحتها انقرة التي عرضت لعب دور الوسيط من أجل احتواء الصراع الدامي الذي يعصف منذ 20 شهرا بالسودان وتسبب في خسائر فادحة في الأرواح وموجة نزوح كبيرة. أوضح وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، بأن الجنرال البرهان طلب خلال لقائه، أول أمس، من نائب وزير الخارجية التركي، برهان الدين دوران، ببورتسودان بإبلاغ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بترحيب القادة السودانيين بالمبادرة التركية. وقال وزير الخارجية السوداني أن بلاده "بحاجة الى الاشقاء والاصدقاء مثل تركيا"، مضيفا أن "المبادرة يمكن أن تقود الى ارساء السلام في السودان". من جهته، أكد المسؤول التركي أن مسار السلام في السودان بحاجة الى جهود متظافرة وان بلاده على استعداد للعب دورها في تجنيد فاعلين آخرين في المنطقة من أجل المساعدة على تجاوز الخلافات لوضع حد للصراع. وكان البرهان قد ذكر في كلمته بمناسبة ذكرى استقلال السودان، أنه على استعداد للانخراط في "أي مبادرة حقيقية" تنهي الحرب لكنه قطع بعدم العودة لأوضاع ما قبل 15 أفريل 2023، تاريخ تفجر الصراع المسلح الداخلي، وبعدم القبول بوجود "الدعم السريع" وداعميه بقوله "لا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى". يذكر أن الرئيس التركي كان عرض في اتصال اجراه شهر ديسمبر الماضي مع الجنرال البرهان دور الوسيط لاحتواء الصراع المسلح في السودان، حيث اشار الى امكانية توسط بلاده لاحتواء الخلافات بين السودان والامارات العربية ومن أجل ارساء السلام والاستقرار في السودان. وسبق للحكومة السودانية أن اتهمت في عدة مناسبات الإمارات العربية بدعم قوات الدعم السريع الشبه العسكرية التي يقودها الجنرال المعروف باسم حميدتي في حربها المسلحة على الجيش النظامي السوداني. ورفضت الامارات العربية اتهامات الخرطوم لها بتسليح قوات الدعم السريع ورحبت بالمقابل بالجهود الدبلوماسية لتركيا الهادفة الى احتواء الازمة الحالية في السودان. وفي الوقت الذي تتكاثف فيه المساعي الدبلوماسية لإنهاء حرب داخلية انهكت السودان وشعبه، قتل ثمانية أشخاص وأصيب 53 آخرون بجروح في قصف مدفعي لقوات الدعم السريع على ثلاث مناطق في السودان، وذلك بحسب ما اعلنته وزارة الصحة بولاية الخرطوم التي قالت في بيان صحفي بأن "قوات الدعم السريع قصفت أحياء بمنطقتي أم درمان وشرق النيل بما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 43 آخرين". ووفق البيان، فقد طال القصف محلية كرري بأم درمان ومحلية شرق النيل التابعة لولاية الخرطوم وجرى نقل الجرحى إلى ثلاثة مستشفيات. وفي قصف مماثل للدعم السريع على أحياء سكنية بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، قتل أربعة مدنيين وأصيب عشرة آخرين بجروح، بحسب بيان للفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني. ولم يصدر على الفور أي تعليق من قبل قوات الدعم السريع. وتفرض قوات الدعم السريع منذ 10 ماي الماضي حصارا على مدينة الفاشر كبرى مدن إقليم دارفور، والتي تعد مركز هذا الاقليم المكون من خمس ولايات وأكبر مدنه والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع. ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أفريل 2023 حربا خلفت 29الف و683 قتيلا، وفقا لأحدث تقرير صادر عن منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات. وبحسب إحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية في جنيف في 29 أكتوبر الماضي، بلغ عدد الفارين بسبب الحرب في السودان أكثر من 14 مليون شخص منهم 11 مليون نازح داخل البلاد و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.