ساهمت إجراءات رفع القيود والعراقيل عن المشاريع الاستثمارية في قطاع السياحة بعين تموشنت بشكل ملموس في إنجاح موسم الاصطياف الفارط، وفي هذا الصدد، استفادت زهاء عشر مؤسسات فندقية خاصة من رخص استثنائية للاستغلال سمحت بتعزيز قدرات الإيواء بنحو 2200 سرير إضافي بالولاية. أبرز مدير السياحة والصناعة التقليدية بعين تموشنت، محمد بن سعود، بأن هذه الرخص الاستثنائية تأتي ضمن الإجراءات الهادفة إلى رفع القيود والعراقيل عن المشاريع الاستثمارية وذلك تنفيذا للقرارات المتخذة من قبل السلطات العليا في البلاد، خلال الندوة الوطنية الاخيرة حول الإنعاش الصناعي. كما شكلت هذه الإجراءات متنفسا حقيقيا للقطاع، باعتبار أن ولاية عين تموشنت تعد منطقة جذب سياحي بالنظر إلى ما تتمتع به من مؤهلات خاصة فيما يتعلق بالسياحة الشاطئية، وفق ما أبرزه ذات المتحدث. وكان لعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي بعد التراجع المحسوس لجائحة كوفيد-19 واختيار الجزائريين للوجهة السياحية الداخلية أثرا مهما في التوافد المتزايد الذي شهدته شواطئ الولاية والذي سجل أيضا أياما قبل افتتاح موسم الاصطياف. وأكد بن سعود أن دخول هذه المؤسسات الفندقية حيز الخدمة خفف من الضغط المسجل على الحجوزات الفندقية وساهم بشكل "ملموس" في إنجاح موسم الاصطياف. ومن جهتها، أفادت رئيسة المكتب الولائي للكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، جنان حنان، والتي تعد أيضا عضو بالمكتب الولائي للفيدرالية الوطنية للفندقة والسياحة بعين تموشنت- بأن هذه التدابير انعكست "إيجابيا على سيرورة المشاريع الاستثمارية بالولاية وسمحت بدخول عدد من الفنادق حيز الاستغلال خلال سنة 2022". وأشارت ذات المسؤولة الى أنه باعتبار أن ولاية عين تموشنت تتميز بخصوصيتها السياحية بالدرجة الأولى، فإن مثل هذه التحفيزات هي قيمة مضافة للحركية التنموية المحلية وتتيح لحاملي المشاريع والمستثمرين العمل في أريحية في ظل الشعور الدائم بمرافقة الدولة لهم في إطار تنسيق دائم للنهوض بالاقتصاد الوطني. أما المستثمر في مجال السياحة، العربي محند بن شعبان، والذي يعتبر أحد المستفيدين من رخصة استغلال استثنائية لمؤسسته الفندقية المتواجدة ببلدية تارقة الساحلية، فقد ثمن هذه الإجراءات التي قال بشأنها إن "العديد من المستثمرين على عاتقهم قروض بنكية محددة الآجال حيث تسمح عملية رفع القيود وتذليل العراقيل بوفائهم والتزاماتهم المالية تجاه المؤسسات البنكية". وأضاف أن هذه الإجراءات ساهمت "بشكل ملموس في تلبية الطلب المسجل على الحجوزات الفندقية خاصة خلال موسم الاصطياف لسنة 2022 الذي تميز بتزايد التوافد على شواطئ الولاية خلافا للسنوات الفارطة التي عرفت نوعا من الركود بسبب جائحة فيروس كورونا وأيضا تفضيل الوجهات السياحية الخارجية. أكثر من 6 ملايين مصطاف بتيموشنت شهدت ولاية عين تموشنت خلال موسم الاصطياف الفارط، توافد أكثر من 6 ملايين مصطاف عبر مجموع شواطئها حيث تضاعف العدد مقارنة بسنة 2021 التي عرفت إقبال أكثر من 3 ملايين مصطاف، فيما تم إحصاء في 2020 نحو 1.77 مليون مصطاف، استنادا لمديرية السياحة والصناعة التقليدية. وأرجع مدير القطاع هذا الارتفاع في عدد المصطافين إلى تراجع وباء كوفيد-19 وكذا نجاح إستراتيجية الترويج السياحي للوجهات الداخلية خصوصا وأن الولاية تدعمت بفضل إجراءات رفع القيود عن المشاريع الاستثمارية بعدد من المؤسسات الفندقية استطاعت بدورها استقطاب عدد مهم من الزبائن. وبلغ عدد المقيمين بالمؤسسات الفندقية بالولاية خلال موسم الاصطياف المنصرم 19430 زائر قضوا في مجموعهم أكثر من 1.3 مليون ليلة في حين أن عدد الليالي التي تم قضاؤها بفنادق الولاية خلال السنة التي سبقتها لم يتعد 13278 ليلة، حسب نفس المصدر. ويسعى القطاع بالتنسيق مع شركاءه الاقتصاديين الناشطين في مجالات الفندقة والوكالات السياحية والصناعة التقليدية، إلى بلورة أرضية عمل ترتكز على الاستغلال الأنجع لمختلف المقومات السياحية والأثرية والتراثية التي تزخر بها ولاية عين تموشنت لتشكل منطقة جذب واستقطاب سياحي ضمن إرساء معالم تنافسية في مختلف الخدمات المقدمة للسائح الوطني والأجنبي، مثلما أشير إليه. ومن أجل تثمين وإبراز المؤهلات السياحية التي تزخر بها الولاية، قدم القطاع خلال سنة 2022 أربع مسارات سياحية لفائدة الزوار تجمع بين المواقع الأثرية والسياحة الحموية والعلاجية والشاطئية حيث تم الترويج لها عشية تنظيم الطبعة التاسعة عشر لألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها وهران في الصائفة الماضية، وفق ما ذكره مدير القطاع. ويخص المسار الأول قرية مساعدة بن باديس ببلدية المالح وهو الموقع الذي يجمع بين المنطقة الرطبة والغابية ويعرف بالمنتوج الفلاحي المحلي المتعلق بفاكهة التين والنباتات العطرية إضافة إلى الأطباق التقليدية في حين يرتبط المسار الثاني بمنطقة ولهاصة التي تضم مجموعة هامة من المعالم الأثرية الخاصة بموقع سيقا الأثري الذي كان يشكل عاصمة نوميديا الغربية في القرن الثالث قبل الميلاد والضريح الملكي سيفاكس إضافة إلى مسجد سيدي يعقوب الذي يعود تاريخ تشييده إلى 8 قرون. كما يروج المسار الثاني للسياحة الشاطئية من خلال ما يتوفر عليه من شواطئ خلابة منها رشقون ومدريد المقابلة لجزيرة "رشقون" إضافة إلى مسار مدينة عين تموشنت المعروفة قديما بسوفات الذي يكتسي طابعا ثقافيا تراثيا من خلال الجامع العتيق والحديقة التي تتوسط المدينة مع إبراز مختلف المنتجات التقليدية المحلية. وتشكل بلدية حمام بوحجر أيضا مسارا سياحيا منفردا بخصوصيته القائمة غلى السياحة الحموية من خلال المحطة المعدنية التي تتوفر عليها إضافة إلى ما تتضمنه من مناطق خلابة متواجدة بحديقة "الشلال الصغير". كما كانت عين تموشنت على موعد مع جانب من سباق الدراجات ضمن الطبعة التاسعة عشر لألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران-2022 عبر مسار طوله 106 كلم مرورا ببلديات العامرية وحاسي الغلة وحمام بوحجر ووادي الصباح وتمزوغة.