فارس محند صغير، الفنان التشكيلي الشاب، سبق وأن حدثنا عن المشاريع التي أنجزها وبصفة خاصة إعادة تهئية وترميم حديقة التجارب بالحامة والتماثيل التي عمل فريقه على ترميمها.. ويعود لنا اليوم بمشروع آخر أنجزه على مستوى بلدية حيدرة، يتمثل في نصب تذكاري تزينت به ساحة الشهداء بالمدينة. بدأ العمل على المشروع شهر ماي الفارط وأشرف عليه كل من محند والفنان المصمم بوزار مراد وذلك بإنجاز التصميم والتصور الكاملين للنصب التذكاري الذي تبلغ مساحته 150 مترا مربعا، بما في ذلك دراسة موقع النصب وحتى ما يتعلق بالإنارة. يتشكل التصميم من مسلة يفوق علوها الخمسة أمتار، تتوسط النصب وتتكون من أربعة أوجه، يحمل كل وجه لوحة جدارية منحوتة، وتمثل لوحتان الثورة التحريرية المباركة والاستقلال في آن واحد، حيث ترمز البندقيتان إلى الكفاح المسلح، ويرمز العلم والشمس المشرقة إلى نور الاستقلال. أما اللوحتان الأخريان فتمثلان جهات البلاد الأربع، من خلال رموز مثل الفخار الرامز لمنطقة القبائل خصوصا وشمال البلاد عموما، الجمل الذي يرمز للجنوب، الجواد الذي يمثل الشرق والمئذنة المنصورة المشهورة التي تمثل تلمسان ومن خلالها الغرب الجزائري. ويحيط بالمسلة نافورة مياه مربعة الشكل، وقد ازدان حوضها بالفسيفساء بألوان باردة ميزها تدرّج اللون الأزرق.. ويقول الفنان محند إن هذا الاختيار لم يكن للزينة والجانب الجمالي فقط، وإنما له جانبه الإيحائي أيضا، حيث يرمز دوران الماء إلى السيرورة التاريخية المتواصلة، والتي تتكرس في تناوب الأجيال المتعاقبة. ولإضفاء لمسة عصرية على النصب وتمييزه عن النماذج التي عرفناها سابقا، ارتأى فريق الفنانين المشرفين على المشروع أن يضيفوا جسرا معدنيا من الفولاذ وألواح زجاجية، يسمح بالمرور فوق الحوض المائي والقرص الأخضر من العشب الذي يحيط بالنصب ككل ويعطيه شكله الدائري. ويعتبر هذا العمل الفني آخر ما جاد به محند صغير ورفقاؤه بعد القاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي، والعمل الفني الذي أنجزوه لوزارة الطاقة والمناجم، وكذا مشروعي حديقة التجارب بالحامة.. وما زال طموح محند كبيرا من أجل أعمال أكثر من حيث الكم والنوع على وجه الخصوص إن شاء الله تعالى. ------------------------------------------------------------------------