يمثل كتاب الفوائد العظيمة للمؤلف الشيخ محمد بوده والمحقق من طرف الدكتور العيد بوده كنزا تراثيا دينيا يستحق العناية والتدويل صرّح الأستاذ العيد بوده أن الكتاب يشتملُ على قسمين، حيث تضمّن قسمه الأول وصف ودراسة مخطوط "الفوائد العظيمة"، مشيرا إلى أنه وقف على نسب جده الشيخ الإمام المجاهد الحاج محمد بوده رحمه الله، ومساره التعليمي، ومسيرته التعليمية للقرآن الكريم، وبصمته الجهادية، ثم توقف عند أدائه فريضة الحج، فوفاته التي مثَّلَتْ حَدَثَاً موجعا في منطقة الصحراء التاسيلية على وجه الخصوص. وقال: "لعل أول ما حفزني لتحقيق هذا المخطوط، هو رغبتي الشديدة في التعريف بشيخنا الراحل، وإحياء الميراث العلمي، الذي تركه شاهدا على مسيرة علمية دعوية جهادية. في زمن لم يكن التنقل والإقامة في الصحراء أمرا يسيرا. نظراً إلى التحديات المعيشية، ناهيك عن قساوة الطبيعة، وكذا الوضع السياسي الذي اتسم بإحكام المستعمر الفرنسي سيطرته على أرض الوطن". وذكر المؤلف أن القسم الثاني جاء مُحَقَّقَاً، مضبوطًا، مُنَسَّقًا، مُتَضمِّنًا فوائد المخطوط المتوزعة على صفحاته بمعدل فائدتين لكل صفحة. إذ قلَّما نجد ثلاث فوائد في الصفحة الواحدة، حيث يبلغ عدد أسطر الفائدة الواحدة حوالي خمسة أسطر فما فوق في الغالب، عدا فائدة واحدة استغرقت ثلاث صفحات، بمعدل يزيد عن 25 سطرا في كل صفحة من الصفحات الثلاث. أوضح العيد بوده أن المخطوط تضمن فوائد متنوعة، اشتملت على معان روحية سامية. فيها من العمق التربوي والديني ما يثري رصيد المرء ويمتعه في الآن نفسه. حيث انتظمت هذه الفوائد بشكل منتظم في رقائق عاطرة؛ منضوية تحت مجالات ثلاث؛ أولها الأدعية وثانيها المناجيات، وثالثها النصوص الشعرية التي تمثل قسم المنظوم في مخطوط الشيخ. المكتوب برسم الخط المغربي الذي يتسم بحضور المقاييس البصرية التي تعتمد على احترام شكل الحرف ونسبته بين الحروف، وانسجامه التركيبي وحيويته التشكيلية، في الإطار الجمالي الذي تتحكّم فيه عناصر التناغم والليونة والقوة والتعبيرية. كما أشار المتحدث إلى أنه سعى من خلال تحقيق المخطوط إلى إبراز جهود الشيخ النيرة في مجال التعليم الديني والقرآني. لاسيما وأن الشيخ الحاج محمد بوده كان مُعَلِّما للقرآن الكريم زهاء أربعين عاما. بما ينسجم مع مساعيه الرامية إلى تنوير الناس من خلال إفادتهم في أمور دينهم، ونَشْرِ العلم النافع بينهم. ما يعني أن إعادة ابتعاث هذا المخطوط، يمثل استكمالا لدور الشيخ في نشر العلم، الذي رفعه الله به بين العباد، سائلا المولى تعالى أن يرفعه به في درجات النعيم والقبول عنده جلَّ في علاه. ونوّه العيد بوده إلى أنه يهدف في الوقت نفسه إلى تمتين صلته بالتراث المغمور، وتشجيع أمثاله من الشباب الباحثين على الأخذ بزمام المبادرة نحو تسجيل الاهتمام بالمكنون التراثي المحلي، الذي مايزال في مسيس الحاجة إلى من يمد له يد العناية الجادة، بوصفه كينونة ثقافية وثروة مادية إنسانية، وجبت المحافظة عليها وإبعادها عن عوامل التلف. كما أن تقدير قيم الماضي هو تثمين لموروث حضاري لا يتوقف عن النمو والتراكم، هذا التراكم الذي يشكل مخزونا للذاكرة الفردية والجماعية ومن ثمة الاقتناع بضرورة التعامل مع التراث على أنه رسالة صلة مع من مارسوا ذلك في الماضي، وعلاقة قرابة معنوية معهم، تستوجب منا العمل على إدامتها والحفاظ عليه.