حيوية تنبئ بآفاق مستقبلية واعدة جهود متواصلة لتنويع الاقتصاد وتحقيق استقلالية عن قطاع المحروقات فتح الأبواب أمام المستثمرين الأجانب المهتمين بالاستثمار في القطاع تعد السياحة من بين القطاعات الحيوية التي من الممكن أن تدعم الاقتصاد الوطني وتسهم في جلب العملة الصعبة، ويأتي هذا في سياق جهود الجزائر المتواصلة لتنويع اقتصادها وتحقيق استقلالية عن قطاع المحروقات. وتظهر العديد من المؤشرات بشكل إيجابي، وتُبشر بمستقبل واعد، خاصة مع ارتفاع الصادرات غير النفطية، ومن المتوقع أن تصل إلى 13 مليار دولار بنهاية السنة الحالية. تتمتع الجزائر بإمكانات سياحية هائلة، تجعلها تحمل لقب "الدولة القارة" نظرا لتنوع تضاريسها وشاسع مساحتها. وقد قامت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتصنيف صحراء الطاسيلي في الجزائر كواحدة من أفضل وجهات السياحة العربية المستحقة للزيارة في عام 2023، حيث جاءت في المرتبة الأولى عربيا والثالثة في إفريقيا. وتسعى الجزائر لتعزيز مداخيلها من السياحة من خلال دعم وتشجيع مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالفنادق بشكل أساسي، بهدف تحسين التجهيزات السياحية وتوفير البنى التحتية الحديثة التي تلبي احتياجات السياح وتسهم في توفير تجارب سفر ممتازة. ومن بين الخطوات التي تُتخذ لتحقيق ذلك، فتحت الجزائر أبوابها أمام المستثمرين الأجانب المهتمين بالاستثمار في قطاع السياحة. وتتيح هذه فرصا استثمارية مجزية وتشجع على تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، مما يعزز التطوير السياحي، ويعمل على تعزيز الاقتصاد وتوفير فرص عمل للمواطنين. المنشآت السياحية.. بالأرقام تعتبر المؤسسات الفندقية حجر الأساس في استقطاب السياح وتوفير الإقامة المريحة المرضية. وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد المؤسسات الفندقية في الجزائر حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة السياحة 1.576 فندقا، ما يجعل البلاد قادرة على استيعاب عدد لا بأس به السياح، كما يتجاوز عدد الأسرة المتاحة في الفنادق 145.526 سريرا، مما يوفر خيارات متنوعة للسياح للاختيار من بينها ويضمن توفير الإقامة الملائمة لجميع الزوار. بالإضافة إلى ذلك، تسهم وكالات السياحة والسفر بتسيير وتنظيم الرحلات والجولات السياحية للزوار. وتعد الجزائر بتوفير 4.722 وكالة سياحية وسفر، كما لا يمكن تجاوز الدور المهم الذي يلعبه المرشدون السياحيون في تعزيز تجربة الزوار وتقديم المعلومات الثقافية والتاريخية المحلية بشكل مميز. ويبلغ عدد المرشدين السياحيين في الجزائر حوالي 200 مرشد. ولم تتجاهل الحكومة الجزائرية التوسع في تطوير المشاريع السياحية لتحسين قدرتها على استقطاب المزيد من السياح. حيث يعمل حاليا 2585 مشروعا سياحيا في طور الإنجاز، ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تحسين البنية التحتية السياحية وزيادة التنوع في التجارب السياحية المقدمة في الجزائر. بهذه الجهود المبذولة، تتطلع الجزائر إلى تحقيق نجاحات جديدة في قطاع السياحة وزيادة جاذبيتها للسياح، مما يساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى الحياة للمجتمع المحلي وتعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي بين الجزائر وبقية دول العالم. تعزيز السياحة الداخلية يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عبد القادر منصوري، في تصريح للشعب، أن القطاع السياحي ذو أهمية بالغة، ولكن يجب ألا يُعتبر العصب الاقتصادي الرئيسي، لأن الاقتصاديات المعتمدة على هذا القطاع تعتبر هشّة، موضحا أن تطوير القطاع السياحي يكون عن طريق تطوير السياحة الداخلية، حيث يؤخذ في الاعتبار أن السائح الجزائري عندما يسافر خارج البلاد ينفق مبالغ كبيرة من العملة الصعبة. ويعتقد الدكتور منصوري أن تحسين السياحة الداخلية يمكن أن يمر عبر عدة مراحل، وأولها هو توفير المنشآت الضرورية. ولقد لاحظنا أضاف يقول أن هناك تقدما في هذا المجال في العديد من الولايات، خاصة الساحلية مثل وهران ومستغانم وسكيكدة، مع ضرورة أن تشمل هذه التحسينات جميع المناطق بما في ذلك الصحراء. ثانيا، يرى أن الأسعار في فترات الذروة تكون مرتفعة إلى حدّ ما، مما يجعلها غير متوافقة مع الطبقة المتوسطة الأكثر طلبا للخدمات السياحية، وهذا قد يدفعها لاختيار وجهات سياحية أخرى خارج الجزائر، لذلك يجب العمل على زيادة التنافسية وتحسين القيمة المقدمة مقابل الأسعار. وثالثًا، يرى الدكتور منصوري بأن تعزيز السياحة الداخلية سيساهم في تنمية الثقافة السياحية لدى الجزائريين، مما يساهم في تحويل العملية إلى تجهيز اجتماعي ونفسي لاستقبال السياح من مختلف الدول، لذلك، يوصى بتطوير القطاع السياحي عن طريق توفير المنشآت الضرورية، وتحسين التنافسية وتناسب الأسعار مع مستوى الزبائن المستهدفين، وتعزيز السياحة الداخلية لتنمية الثقافة السياحية لدى السكان وتحويلها إلى عملية استقبال شاملة للسياح من جميع أنحاء العالم. لا محيد عن الرقمنة.. بالإضافة إلى ما ذُكر سابقا، يرى الدكتور منصوري انه من المهم أيضا رقمنة القطاع السياحي بشكل كامل، وتوفير وسائل الدفع الإلكتروني عبر كل المراحل، بدايةً من عمليات الحجز الفندقي وصولًا إلى أبسط الأمور. كما يجب أن تكون الرقمنة أحد الأولويات الرئيسية في دعم القطاع السياحي. وبفضل الرقمنة، يمكن للسائح أن يتعامل بسهولة في بيئة غريبة عنه، حيث يتمكن من تلبية احتياجاته وتلبية متطلباته من خلال التقنيات الحديثة والتطبيقات الإلكترونية. وتعزز الرقمنة تجربة السائح وتسهّل عليه التنقل والتفاعل مع البيئة المحلية، ووضعت الجزائر برنامجا ضخما لرقمنة كل القطاعات بهدف تسهيل العمليات الإدارية وتعزيز التداول الالكتروني للأموال، وتقديم خدمة عمومية بأكثر كفاءة ممكنة. وتراهن وزارة السياحة الجزائرية على بلوغ رقم مليوني سائح للصحراء الجزائرية خلال مواسم السياحة الصحراوية في قادم السنوات.