الاقتصاد الوطني.. من الاعتباطية والعشوائية إلى الموضوعية والمرافقة الهيئة الجديدة ستعمل على تأطير الطاقات الكامنة للاقتصاد الجزائري تكريس خطة توقيف الاستيراد المزيف.. ووسام شرفي للتصدير تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون التي أسداها خلال ترؤسه لفعاليات الطبعة الأولى للوسام الشرفي للتصدير، نصب الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، أول أمس، المجلس الوطني الاستشاري لترقية الصادرات الذي سيسهر على تحديد وتطوير الصادرات وضبط الإستراتيجية الوطنية في هذا المجال، والإشراف على تجسيدها، علاوة على اقتراح التدابير التشريعية والتنظيمية والمؤسساتية لتسهيل فعل التصدير وتوسيع مجال الصادرات خارج المحروقات، كما سيتولى المجلس بشكل خاص، متابعة حصيلة نشاط المناطق الحرة واتخاذ كل التدابير التي من شأنها رفع العراقيل التي تعيق عملية التصدير ضمن هذه المناطق. يأتي استحداث المجلس الوطني الاستشاري لترقية الصادرات بعد النقلة النوعية التي شهدها الاقتصاد الجزائري، وهذا بعد «إيقاف الاستيراد المزيف» كما وصفه الرئيس تبون، في إحدى تصريحاته، حيث تم تقليص فاتورة الاستيراد من 63 مليار دولار سنويا إلى نحو 38 مليار دولار، والتركيز بالأحرى على نشاط التصدير خارج المحروقات، فبعد أن تمكنت الجزائر لأول مرة في تاريخها من تصدير ما يقارب 7 ملايير دولار خارج المحروقات السنة الفارطة، أصبح رقم 13 مليار دولار، والمسطر كهدف للسنة الجارية، على وشك التحقيق، حسب ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال إشرافه على افتتاح الطبعة الأولى ل»الوسام الشرفي للتصدير»، شهر جويلية الفارط. وأكد الرئيس قائلا إنه «بفضل السياسة الاقتصادية الجديدة، بدأت صادراتنا في الارتفاع، وما حققناه يعدّ معجزة، حيث ارتفعت هذه النسبة بخمس مرات عما كنا نسجله منذ 40 سنة»، مبرزا أن ما تم تحقيقه اليوم من إنجازات كبيرة في مجال التصدير والاستثمار واقتصاد المعرفة، مبني على مقاربة متكاملة وشاملة لتطوير الاقتصاد وتحسين بيئة الإعمال. كما تعود النقلة المحدثة - بحسب محللين اقتصاديين - إلى تضافر جهود مختلف القطاعات، ودعم الصادرات خارج المحروقات وزيادة عدد الاستثمارات، وكذا الإفراج عن عدد كبير من المشاريع الاستثمارية التي كانت مجمدة، ناهيك عن أن التحكم في فاتورة الاستيراد، كان له أثر إيجابي كبير على الميزان التجاري الذي سجل فائضا بقيمة تجاوزت 18 مليار دولار، وكلها عوامل ساهمت في ارتفاع احتياطي الصرف من العملة الصعبة إلى ما يفوق 60 مليار دولار أمريكي. وفي السياق، يؤكد عضو مجلس الأمة، مبروك دريدي في حديث ل «الشعب»، أن المجلس الوطني الاستشاري لترقية الصادرات، يندرج ضمن تعهدات رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي، والمتعلقة بترقية الصادرات خارج المحروقات، وعليه، فمسعى ترقية التجارة الوطنية محليا وإقليميا ودوليا يحتاج إلى مؤسسات مسؤولة، تملك الرؤية والقدرة على التشخيص، وتؤطر قطاع التجارة والقطاع الاقتصادي بصفة عامة، بحسب ما يقتضيه المطلب الوطني. وقد سبق لرئيس الجمهورية أن أمر باستحداث مجموعة من المؤسسات والهياكل الساهرة على ذلك، ويأتي المجلس الوطني الاستشاري لترقية الصادرات ضمن هذا التوجه، بهدف إنهاء منطق الاعتباطية والعشوائية والسير نحو الموضوعية والمرافقة التي تنطلق من معطيات الواقع. ويضيف السيناتور دريدي أن استحداث هذا المجلس مهم جدا في الظروف الحالية، حيث يمكن من معرفة ممكنات وآفاق التجارة الوطنية، «وهو ما يجعلنا نتوسم خيرا باستحداثه ونتطلع لعمل دؤوب على مستواه، يؤسس لتجارة وطنية ترتقي بمحور الصادرات بناء على دراسات ومعطيات موضوعية يقدمها المجلس الذي أكيد أنه سيجمع خبراء مقتدرين وكفاءات وطنية لها كل المؤهلات من أجل تأطير قطاع التجارة الخارجية»، يختم المتحدث. من جانبه، يرى رئيس منتدى الاستثمار وتطوير المؤسسات يوسف ميلي، أن الديناميكية التي يعيشها اليوم الاقتصاد الجزائري وخاصة من جانب الصادرات خارج المحروقات، باتت واضحة للجميع والأرقام تعبر عن نفسها في هذا الصدد، وهو ما بات يفرض ويملي الحاجة لمجلس وطني استشاري لترقية الصادرات، باعتبار تسجيل انشغالات كبيرة من طرف الفاعلين في مجال التصدير من مؤسسات وأفراد، وهي عديدة، وبالتالي، سيكون المجلس بمثابة الجهاز الذي سيسهر على التكفل بهذه الانشغالات وكذا الحرص على التقييم الحقيقي لعمليات التصدير خارج المحروقات التي تعتبر أولوية كبيرة للاقتصاد الوطني. ويوضح ذات المتحدث، أنه من خلال ما لوحظ خلال السنوات القليلة الأخيرة، فإن هناك طاقة كامنة في الاقتصاد الجزائري تحتاج إلى تأطير واستجابة لها، وقد قدمت الحكومة الجزائرية الكثير من وسائل المرافقة للتصدير، لكن يبقى تطبيق توصياتها وتجسيدها على أرض الواقع يحتاج إلى نوع من المرافقة والاستشارة، وهو الدور المنوط بهذا المجلس، خاصة ما تعلق برفع العراقيل والاستجابة لمطالب المصدرين.