من رفض الاستدانة الخارجية إلى مساهم ببنك بريكس.. حجة قوية وخطوة عملاقة أكد الخبير الاقتصادي والاستراتيجي عبد القادر سليماني، في اتصال مع «الشعب»، أن الجزائر ترافع من أجل نظام دولي متعدد الأقطاب أكثر عدالة ومساواة بين الدول، قائم على الشراكة والاستثمار لا على الاستغلال. كما ترافع من أجل دمقرطة العلاقات الدولية وحق الدول في اكتساب تكنولوجيات الإنتاج الحديثة؛ عقيدة دبلوماسية دأبت الجزائر على نشرها والإبقاء عليها، مقتنعة أن لا حلول للأزمات الأمنية والسياسية وحالات اللاإستقرار التي تعيشها أغلب الدول الإفريقية، إلا بالتنمية. فالجزائر ترى أن حلول أزمات القارة السمراء يجب أن تكون تنموية، من خلال استثمار عادل لثرواتها، من منطلق إفريقيا للأفارقة، لا أمنية. وجدت الجزائر، يقول سليماني، في مجموعة بريكس، بما يحمله أعضاؤها من مبادئ اقتصادية واستراتيجية تقوم على احترام السيادة الاقتصادية والسياسية للبلدان، ضالتها في الانضواء تحت لواء تكتل- حسب ما صرح به رئيس الجمهورية خلال لقائه الأخير بوسائل الإعلام الوطنية - يتبنى من المبادئ والرؤى ما يعد بعالم أكثر عدالة وإنصافا للدول الفقيرة اقتصاديا رغم مواردها الثمينة، حيث تشكل إفريقيا مركز ثقل العالم من حيث تمركز الثروة الطبيعية، من معادن ثمينة كالذهب والألماس وكذا من حيث المخزون العالمي من النفط والغاز الطبيعي، ما جعلها محل استنزاف. من هذا المنطلق، أضاف المتحدث، تسعى الجزائر إلى الانضمام إلى أكبر فضاء اقتصادي، حيث تسيطر مجموعة بريكس على 31% من الاقتصاد العالمي، كما تسيطر على 25% من الاستثمارات المباشرة بالعالم، مساهمة بذلك بأكثر من 22% من إجمالي الناتج العالمي، إضافة إلى كونها تضم 40% من سكان العالم، موزعين على ربع يابسة المعمورة. وفتح الخبير قوسا ليذكر أن تجمع بريكس يضم حاليا خمس دول هي روسيا، البرازيل، الهند، الصينوجنوب إفريقيا، وقد عقدت أول قمة له في يكاترينبورغ الروسية سنة 2009، متضمنة الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، من خلال تكتل يعد الأسرع من حيث النمو الاقتصادي. وأشار المتحدث إلى أن المبادئ التي يتبناها تكتل بريكس، جعل الجزائر تهتم وتسعى إلى الانضمام إليه، تؤهلها لذلك المؤشرات الاقتصادية الايجابية والأرقام التي تم تحقيقها على مدار ثلاث سنوات، وصفها رئيس الجمهورية «بالمعجزة»، بالنظر إلى المدة القياسية التي تم تجسيدها بها وكذا لكونها أرقاما تتحقق لأول مرة منذ الاستقلال. فمن خطر احتمال اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من أجل الاستدانة الخارجية إلى مساهم ببنك بريكس للتنمية. كما سجلت الخزينة العمومية ضمن حصيلتها بعنوان السنة المالية 2022، 66 مليار دولار احتاطي صرف و225 مليار دولار ناتج خام محلي و13 مليار دولار متوقعة للصادرات الجزائرية خارج المحروقات بنهاية 2023، بالإضافة إلى عدم وجود ديون خارجية، ومعدل نمو سريع يتجاوز 5%. إضافة إلى تمكن الجزائر من احتواء خطر التضخم الذي اجتاح العالم، من خلال حرصها على الرفع من القدرة الشرائية للمواطن؛ نقاط تحتسب لصالح ملف ترشح الجزائر للانضمام لمجموعة بريكس، المنتظر الفصل فيه في القمة الخامسة عشرة، المزمع انعقادها بمركز «ساندتون للمؤتمرات» في جوهانسبورغبجنوب إفريقيا، خلال الأسبوعين المقبلين. نظام مالي ومصرفي يشجع العملات المحلية من جهة أخرى، وفيما يتعلق بالجانب المالي والمصرفي، تمتلك بريكس هيئات مالية واقتصادية قوية، كبنك بريكس للتنمية الذي قدمت الجزائر 1.5 مليار دولار كمساهمة أولية من أجل الانضمام إليه - حسب ما صرح به رئيس الجمهورية- حيث يمول بنك «بريكس» مختلف المشاريع الإستراتيجية ذات البعد التنموي ومختلف مشاريع البنى التحتية بإفريقيا، أمريكا اللاتينية وآسيا. كما يحوز هذا الأخير على نظام تحويلات مالية يضمن التعاملات التجارية بالعملات المحلية، كإضافة نوعية، في محاولة للتخفيف من هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، والرفع من حجم المبادلات الاقتصادية البينية، وزيادة تدفق الاستثمارات المباشرة. فمنذ 2009 تاريخ إنشاء مجموعة بريكس، تعمل هذه الأخيرة على إقامة بنية للتعاون المالي والاقتصادي والتجاري وتسعى إلى تشجيع استعمال العملات المحلية. جولة دبلوماسية شرق- أوسطية لدعم ملف الترشح وتطرق الخبير الاقتصادي، إلى سلسلة الزيارات الشرق أوسطية الناجحة التي قام بها رئيس الجمهورية خلال هذه الصائفة إلى كل من روسيا الفدرالية، جمهورية الصين الشعبية، قطر وتركيا، حيث تكللت الجولة الدبلوماسية لرئيس الجمهورية بإبرام العديد من الاتفاقيات الإستراتيجية وخطط الشراكة الشاملة، مما سيسمح ببعث الاقتصاد الوطني عبر بوابة التعاون جنوب- جنوب، كمنفذ جديد سيعزز فرص انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس، كعضو مراقب في المرحلة الأولى، وسيسمح بتجسيد البرنامج الاقتصادي الذي باشرت به الجزائر في إطار مقاربة جديدة تقوم على الانفتاح والشراكة، من خلال بعث مشاريع البنى التحتية، وفتح معابر اقتصادية، وتفعيل اتفاقيات المناطق الحرة، وتوطين الإنتاج المحلي، وتعزيزه بالاستثمار خارج المحروقات في مجالات مستقبلية كالطاقات المتجددة والمعادن واقتصاد المعرفة. وأضاف، أن الموقع الاستراتيجي المهم للجزائر كبوابة مطلة على العمق الإفريقي وحلقة تواصل جغرافي تجمع بين ضفتي حوض المتوسط، إضافة إلى مكامنها الطاقوية والمنجمية، التي استفادت كثيرا من الصياغة الجديدة للخارطة الجيو-إستراتيجية العالمية، حيث عرفت بموجبها أسعار النفط والغاز ارتفاعا لم تعرفه من قبل الأسواق النفطية العالمية، لتضع الجزائر في موقع المفاوض القوي والشريك الموثوق لما أبدته من التزام جدي فيما يخص معاهداتها مع دول أوروبا الغربية.. معطيات عززت من فرص قبول ترشح الجزائر للانضمام لمجموعة بريكس، من طرف الدول الأعضاء في القمة المزمع انعقادها في بين 22 و24 من الشهر الجاري بجوهانسبورغ.