قدّمت الجزائر طلبا رسميا للانضمام إلى البنك التابع لمجموعة «بريكس» كعضو مساهم، وقد قُدّرت المساهمة الأولية التي قدمتها الجزائر بمبلغ 1.5 مليار دولار. ويعتبر بنك «بريكس»(NDB) بنكا متعدد الأطراف، أنشأته مجموعة «بريكس» المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصينوجنوب إفريقيا في عام 2014، ويقع مقر البنك في شنغهاي، الصين، ويملك مركزا إقليميا في جوهانسبورغبجنوب إفريقيا. يهدف بنك «بريكس» إلى تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والدول النّامية خاصة في آسيا وإفريقيا، ويتمتع البنك برأس مال أولي قدره 100 مليار دولار أمريكي، ويبلغ حجم الإصدارات السنوية للقروض 34 مليار دولار أمريكي. يمكن للبلدان الأعضاء في الأممالمتحدة التقدم بطلب للحصول على عضوية بنك «بريكس»، ولكن يجب أن تحصل على موافقة الدول الأعضاء الخمس. وتمتلك الدّول الأعضاء الخمس حصة 55٪ من أسهم البنك. وتسعى الجزائر للانضمام لمجموعة «بريكس»، والتي تضم خمس دول، وتعتبر مجموعة «بريكس» حاليا أكبر مساهم في الاقتصاد العالمي. فوائد مالية كبيرة يرى أستاذ الاقتصاد عبد القادر بولحفة، أن طلب الانضمام الرسمي للجزائر إلى بنك بريكس يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، وأولها هدف اقتصادي بحت، حيث يُعَدُّ هذا الانضمام استثمارا جيدا. لاسيما وأن الحكومات المتعاقبة عجزت عن تحقيق عوائد حقيقية من الاستثمار في الخارج، لكن بنك بريكس يوفر فرصا واعدة للاستثمار. وبوجود رأس مال بقيمة 100 مليار دولار، فإن المساهمة الجزائرية الأولية التي تقدر ب1.5 مليار دولار تجعلها تمتلك 1.5٪ من أسهم البنك. وأفاد د. بولحفة في تصريح ل»الشعب» أن البنك يقدم مساعدات للدول النامية، إلا أنه يتبع منطق ربحي، حيث لا يُعَدُّ مؤسسة خيرية في نهاية المطاف. وطلبات القروض مرتفعة جدًا في البنك، بسبب طريقة تعامله المختلفة مقارنة بالمؤسسات المالية التي يسيطر عليها الغرب، مثل صندوق النقد الدولي الذي يفرض مشروطيات سياسية واقتصادية مقابل المساعدات والقروض، مما يجعلها غير مجدية في كثير من الأحيان، وتتسبب في حدوث أزمات اقتصادية حادة في الدول النامية، ومن ناحية أخرى، فإن بنك «بريكس» لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول، مما يجعله أكثر جاذبية للدول النامية، حيث يمكن لهذه الدول الحصول على التمويل اللازم لمشاريعها دون أي تدخلات سياسية أو شروط قاسية. من الناحية السياسية، يعزز الانضمام إلى «بنك بريكس» علاقات الجزائر مع دول المجموعة، لاسيما وأن الجزائر قدمت طلبا رسميا للانضمام إلى «بريكس» مع 21 دولة أخرى، تسعى للانضمام كذلك، وبالتالي، هناك نوع من المنافسة، والجزائر بما تمتلكه من قدرات مرشحة فوق العادة لتصبح عضوا في المجموعة، وما تتميز به الجزائر، مقارنة بغيرها من الدول، أنها لا تمتلك أي ديون خارجية ودخولها بنك «بريكس» كمساهم خير دليل على ذلك. كما أن الاقتصاد الجزائري يعد رابع أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية بناتج محلي إجمالي يناهز 195 مليار دولار، كما تمتلك الجزائر احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي والبترول، ضف الى ذلك قدراتها في مجال التعدين، فالجزائر تمتلك ثالث أكبر احتياطي من الزنك في العالم ب36 مليون طن، كما تمتلك الجزائر خامس أكبر احتياطي من الفوسفاط في العالم والمقدر ب2.2 مليار طن، كما تمتلك الجزائر أحد أكبر مناجم الحديد في العالم (منجم غار جبيلات) والمقدرة احتياطاته ب3.5 مليار طن. ويضيف الدكتور بولحفة، الجزائر تمتلك قدرات أخرى، لاسيما في المجال الفلاحي وهي الدولة الأولى إفريقيا وفق مؤشر الأمن الغذائي العالمي والذي تصدره « الإيكونوميست» بإنتاج فلاحي يناهز 30 مليار دولار سنويا، كثاني أكبر إنتاج فلاحي في المنطقة العربية بعد مصر مع نمو سنوي يتجاوز ال7 ٪ سنويا. قمة «بريكس» المقبلة تحت الأضواء منذ تأسيس «بريكس»، لم تحظ القمم التي تنظمها المجموعة بشكل دوري باهتمام إعلامي كبير مثل الاهتمام الذي تحظى به القمة المقبلة، المزمع عقدها في جنوب إفريقيا من 22 إلى غاية 24 أوت المقبل. ومن الأسباب التي جعلت من هذه القمة محل اهتمام، تزايد طلبات الانضمام إلى المجموعة، فقد أعربت أكثر من 20 دولة عن رغبتها في الانضمام إلى المجموعة، بما في ذلك الجزائر والأرجنتين وإندونيسيا ومصر، وهذا يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الدول النامية بمجموعة «بريكس» كقوة اقتصادية وسياسية صاعدة، علاوة على ذلك، التغير الجوهري على مستوى النظام الاقتصادي العالمي. فقد ظهرت مجموعة «بريكس» كقوة اقتصادية عالمية رئيسية في السنوات الأخيرة. وتمثل مجموعة «بريكس» الآن أكثر من 30٪ من مجمل الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 40٪ من سكان العالم. وهذا يجعلها قوة لا يستهان بها في النظام الاقتصادي العالمي. ومن المتوقع أن تناقش قمة مجموعة «بريكس» المقبلة عددا من القضايا المهمة، بما في ذلك: الأزمة الأوكرانية وتأثيراتها الاقتصادية العالمية، أزمة الغذاء العالمية، تغير المناخ، التحول الرقمي، التعاون الاقتصادي بين دول مجموعة «بريكس». ومن المتوقع أن تلعب مجموعة «بريكس» دورا أكثر فاعلية في النظام الدولي الجديد في قادم السنوات، وتقديم بديل للنظام الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها.