لا يزال التساؤل حول من يقف وراء تهريب الكميات الضخمة من المخدرات، يثير تساؤل سكان المناطق الحدودية بعدما تجاوزت المخدرات المحجوزة كل التصورات، فقد أصبحت الآفة بمثابة محجوزات عادية، حيث سبق وأن حجزت عناصر الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات 180 طن من المخدرات في أكبر عملية خلال الأسابيع الماضية محطمة الرقم القياسي الذي كان بحوزتها والمقدر ب133,57 ما أثار تساؤلا كبيرا حول من قد يجرأ على تهريب كل هذه الكمية بدون خوف. كشفت مصالح الأمن المشتركة أن حصيلة محجوزاتها من المخدرات خلال سنة 2012 بمختلف الأسلاك الأمنية تتمثل في أكثر من 120 طن من الكيف المعالج والقنب الهندي وذلك طيلة الأشهر العشرة من السنة الماضية 2012، وتباينت نشاطات الأمن من الدرك والجمارك والفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات، حيث تمكنت مختلف وحدات الدرك الوطني ومجموعات حرس الحدود من حجز أزيد من 63 طنا من المخدرات المغربية بالحدود الغربية والجنوب الغربي للبلاد، بينما حجزت مصالح الأمن الوطني ممثلة في الشرطة بمختلف فروعها أزيد من 49 طنا من القنب الهندي منها أكثر من 38,1 طنا حجزتها مصالح الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات. حجز 120 طن من المخدرات خلال 10 أشهر من جهتها، حجزت فرق الجمارك الجزائرية أزيد من 10 طن من المخدرات، حيث كانت ولاية تلمسان المحاذية للمغرب مسرحا لأغلب المحجوزات من السموم القادمة من المملكة المغربية. وتمثّل هذه الحصيلة منحى جديدا في تصاعد مخاطر الجريمة العابرة للحدود، والتي تستهدف إغراق الجزائر بالمخدرات وإنشاء شبكات محلية لنقل الكيف، خصوصا نحو بلدان الشرق الأوسط، ودول شرق البحر الأبيض المتوسط مستغلة أحداث اللا أمن بكل من دول الجوار لجعلها ممرا خصبا لكميات المخدرات نحو الشرق ومنها إلى أوروبا بعد الانغلاق الذي تعرفه الحدود البحرية ما بين إسبانيا والمغرب. وهو إنغلاق نتيجة تجميد اتفاقية الصيد التي كانت مبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب وهي التي استغلها المغاربة في تهريب كميات كبيرة من المخدرات بحرا نحو إسبانيا ومنها إلى باقي دول أوروبا وبكشفها تم تجميد هذه الاتفاقية ما جعل بارونات المخدرات يحولون وجهتهم نحو الحدود البرية التي حولت الجزائر إلى طريق خصب لتهريب عشرات الأطنان من السموم. وفي تقديرات خبراء مكافحة المخدرات فإن الكميات المحجوزة لا تمثل نظريا أكثر من 10 إلى 15 بالمائة مما يهرّب فعليا، وهذا في حد ذاته يشكل خطرا حقيقيا على أمن الدول المستهدفة، عبر محور شمال إفريقيا والشرق الأوسط ودول شرق المتوسط. بينما يبقى المغرب يدير ظهره للجرائم العابرة للحدود، والتي تنطلق من أراضيه ويدفعها إلى دول الجوار دون أية التزامات وفقا لقانون هيئة الأممالمتحدة، حسب ما يؤكد أكثر من مصدر، هذا وقد أدى اعتماد مصالح الأمن على المخطط الاستعلاماتي إلى تفكيك العشرات من الشبكات وحجز كميات أكبر وتلقي معلومات حول شبكات أخرى لا تزال محل تحقيق لكبح نشاطها وفقا لقانون المحافظة على أمن الجزائر من الجرائم العابرة للحدود. الآفات للانتقام من مواقف الجزائر تجاه القضية العادلة كشفت مصالح مكافحة المخدرات لولاية تلمسان أن تزايد كمية الأمطار خلال السنوات الأخيرة بإقليم جبالة المغربي وراء ارتفاع محصول حقول الماريغوانا بالمغرب التي حطمت الأرقام القياسية ما جعل المنتجين يفكرون في طريقة لتصريف سلعهم قبل موسم الجني لتفريغ المخازن تحضيرا للمنتوج الجديد، هذا وإن كانت أوروبا الطريق الوحيد لتصريف المنتجات، أين كانت علاقات بارونات المغرب تتم مع بارونات أوروبا عن طريق البحر استغلالا لقرب المسافة، فإن إلغاء اتفاقية الصيد البحري التي كانت مبرمة ما بين المغرب وأوروبا والتي إستغلها بارونات تهريب المخدرات في تهريب الكيف نحو أوروبا ما جعل السلطات الإسبانية تلغي الاتفاقية للمحافظة على أمنها، هذا القرار جعل المغاربة يجندون جيوشا من «البارونات» أغلبهم من المبحوث عنهم في قضايا مخدرات لنقل كميات كبيرة من السموم نحو المشرق انطلاقا من الجزائر. وزادت الوضعية الأمنية بكل من ليبيا وتونس وعدم استتبات الأمن في تسهيل مهمة البارونات الذين صاروا ينقلون المخدرات من المغرب نحو الشرق عبر الطرق السرية، هذا وأشارت مصالح الأمن أن الكميات الكبيرة من المخدرات المحجوزة لا تشكل سوى 15 بالمائة من الكميات التي يتم تهريبها من المغرب، حيث تختلف طرق التهريب من شبكة لأخرى فمنها ما يختار الطرق الصحراوية من بشار إلى أدرار ومنها إلى وادي سوف فالحدود ومنها ما يختار الطريق السيار شرق غرب عبر العاصمة وصولا لعين مليلة ومنها إلى الحدود، أما الفئة الثالثة فتختار طريق الساحل أين يتم تهريب مئات القناطير عبر وهران التي تحولت بدورها إلى طريق خصب للمخدرات ومخزنا مهما لها قبل تحويله إلى الشرق أو بحث سبل لشحنه في البواخر الموجهة لأوروبا إنطلاقا من ميناء وهران.
أكثر من 100 بارون جزائري متابع من قبل العدالة يعيش بالمغرب أكدت مصادر قضائية أن أكثر من 100 شخص من سكان المناطق الحدودية محكوم عليهم بالحبس النافذ لأكثر من 20 سنة وهم في حالة فرار لتورطهم في قضايا المخدرات أما عن المحكوم عليهم والموقوفين فيشكلون 1/3 من مجموع المحبوسين. وأشار ذات المصدر إلى أن البارونات المحكوم عليهم غيابيا والذين لازالوا في حالة فرار هم من يقفون وراء عملية تهريب المخدرات للجزائر بعدما تمركزوا بالمغرب وشكلوا قاعدة خلفية قوية بالمناطق الحدودية، حيث تمكنوا من الحصول على الجنسية المغربية باستعمال أموال المخدرات وربطوا علاقات مع أصحاب المال بالمشرق العربي وصاروا ينقلون كميات كبيرة من المخدرات نحو الشرق. وتعرف منطقة باب العسة أكبر منطقة عبور لهذه البضاعة التي غالبا ما تستعمل فيها سيارات المرسيدس «سبينتر» المعروفة بالسرعة والقوة وقدرة الحمولة، كما تستعمل المقاتلات (رونو 25) في وقت الشدة وذلك لسرعتها وخفتها أما عندما تقوم مصالح الدرك الوطني بالتمشيط فإن الأمر يفرض على البارونات استعمال الأحمرة المدربة لنقل البضاعة من الحدود إلى المخازن ومنها يتم شحنها في الشاحنات لنقلها نحو الشرق حيث أن البارونات يستعملون شاحنات تحوي على مخازن سرية أو يقومون بالتمويه بإستعمال مواد البناء أو الحصى أو الرمل لإخفاء المخدرات، ويستعمل المهربون طرقا مختلفة لتفادي التفتيش، حيث أنه غالبا ما يغير السائقون الطرق خوفا من إلقاء القبض عليهم قبل بلوغ البضاعة إلى أهلها، حيث أكد أحد الموقوفين في محضر سماعه أنه يقوم بنقل المخدرات ب4 ملايين للكلغ الواحد من مغنية إلى أم البواقي وأحيانا يرتفع المبلغ حسب الكمية. وبقدر ما كانت المهمة خطيرة بقدر ما ارتفعت تكلفة النقل، حيث أن الناقل غالبا أنه لا يعرف صاحب البضاعة ولا مصدرها، حيث يتلقى الشاحنة المحملة بمنطقة حدود ويبلغونه بمكان وصولها أين يلتقي به شخص مجهول يأخذ منه البضاعة ويدفع له المبلغ المتفق عليه، وهذه الطريقة يتبعها البارونات المعروفون والذين يتفادون ظهور طرقهم ومنابعهم في حالة القبض على السائق الذي غالبا ما يتحمل المسؤولية أثناء توقيفه لغياب أثار الممون الذي يتعامل معه باسم مستعار وبرقم هاتف بإسم أموات أو قصر أو مبحوث عنهم. احترافية الأسلاك المشتركة قلصت من دخول المخدرات أجمعت المصالح الأمنية المكلفة بحماية الحدود أن الكمية المحجوزة من المخدرات ورغم ضخامتها لا تشكل سوى 15 بالمائة من الكيف المهرب من المغرب، حيث أنه غالبا ما يتم حجز المخدرات بناءا على وشاية من المغاربة أو بعض البارونات الذين يعيشون صراعات دائمة ويسعون إلى تحطيم بعضهم البعض للمحافظة على ارتفاع البضاعة من جهة وتحكمهم في تسيير الكيف من جهة. وأمام هذا الوضع الخطير لم تجد الدولة الجزائرية من سبل للوقوف في وجه هذا التنامي الكبير للمخدرات سوى تجنيد كافة الطاقات وتدعيم مصالح الأمن بمنشآت جديدة على رأسها 32 مركزا حدوديا مدعما بعتاد متطور في انتظار تدعيمهم بطائرة مروحية لمراقبة الحدود عن كثب. كما تم فتح مركز للفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات بمنطقة حمام بوغرارة قرب الطريق السيار الذي أصبح سبيلا خصبا لتنقل المخدرات بحكم أنه يربط ما بين الشرق والغرب، كما تم تدعيم فرق مكافحة المخدرات بالعنصر النسوي والعتاد من أجل ضمان مكافحة آفة المخدرات التي حولت الجزائر إلى (كولومبيا شمال إفريقيا)، كما وصفها البعض، الأمر الذي جعل من السلطات القضائية تقوم برفع نسبة التجريم وتخصيص محكمة خاصة بوهران لمعالجة قضايا المخدرات وتسليط أحكام قاسية على البارونات ليكونوا عبرة لكن رغم ذلك تبقى الظاهرة في تزايد مستمر.
التحقيقات تكشف تواطؤ مسؤولين أكدت التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن المشتركة عن ضلوع مسؤولين في عمليات تهريب المخدرات بكميات كبيرة من خلال دعمهم للبارونات، ولعل توقيف أكثر من مسؤول من الأمن الملكي بالمغرب، وكذا مسؤول المخزن لعمالة وجدة في المغرب من خلال تورطهم في قضايا مخدرات خير دليل على تورط مسؤولين في الأمن مع بارونات المخدرات في أكبر القضايا، وبالجزائر أطاحت قضية ال28 قنطار من الكيف التي ضبطت بمغنية والغزوات تنتظر طريق التصدير نحو أوريبا بمدير الأمن الولائي لتلمسان الأسبق الموجود رهن الحبس ورئيس أمن دائرة مغنية ومجموعة من الضباط الذين تبين ضلوع بعضهم ما بعض بارونات التهريب. هذا، وفي الوقت الحالي تحقق مصالح الأمن في وقوف مسؤولين سامين إستغلوا أوضاع الأمن بليبيا وتونس ومالي في خطتهم لجعل الجزائر معبرا لكميات كبيرة من المخدرات.