لليوم العاشر على التوالي، يتواصل القصف الصهيوني العنيف على قطاع غزة، مخلفا أكثر من 2329 شهيدا، و9024 مصابا، بينما ردّت المقاومة باستهداف بلدات صهيونية بالصواريخ. يأتي التصعيد وسط توتر على الحدود الشمالية مع لبنان، حيث أوردت مصادر من حزب الله تأكيده قصف قوات صهيونية في مستوطنة شتولا بالصواريخ، ووقوع إصابات مؤكدة في صفوف عساكر الاحتلال في البلدة. وعلى الصعيد الدولي، دعا مشروع قرار روسي أمام مجلس الأمن الدولي، إلى وقف إطلاق نار إنساني في غزة، وإيصال المساعدات للمحتاجين، بينما يُنتظر انتهاء المهلة التي منحها جيش الاحتلال لإجلاء سكان شمالي القطاع (نحو 1.1 مليون)، إلى جنوبي غزّة استعدادا لشنّ هجوم برّي. الإجتياح البرّي لن يكون نزهة الإجتياح البريّ لقطاع غزّة سوف لن يكون نزهة بالنسبة للكيان الصهيوني، فاحتمال كبير أن يتحوّل القطاع إلى مقبرة لجيش الاحتلال؛ لأنه سيكون مطالبا عندها بخوض قتال من بيت إلى بيت وهو أصعب أنواع القتال على الطرف المهاجم. وبينما يستعد الإحتلال الصهيوني لإطلاق عدوانه البريّ على غزّة، يتوقّع الكثير من الخبراء العسكريين، أن القضاء على المقاومة سوف لن يكون سهلا بالمرّة؛ لأن دخول غزة يختلف عن عملية "طوفان الأقصى" التي باغتت بها القسام قوات الاحتلال وهم نيام، مشيرين إلى أن حديث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، يحمل رسالة واضحة وهي: "كما فاجأناكم في طوفان الأقصى سنفاجئكم عندما تدخلون غزة". وبالنظر إلى الحروب السابقة يضيف الخبراء - أنه إذا بدأ الهجوم قد لا يتمكن الصهاينة من إنهائه بسبب تغير الظروف والمعطيات على الأرض، لافتين إلى أن غزة كلها بيوت مبنية، وليس فيها شوارع، وإنما هي أزقة على الأغلب، ما يعني أن تحقيق هدف القضاء على المقاومة يتطلب الدخول بالمشاة لكي يقاتلوا من بيت إلى بيت. وإذا أقدمت قوات الاحتلال على هذه العملية، فإنها ستواجه ما واجهه الأميركيون في الفلوجة العراقية عام 2004 و2005. بناء على ذلك، فإن المقاومة - بحسب هؤلاء الخبراء - "ستفاجئ الصهاينة بتقنية إدارة المعركة على المستوى الفردي والجماعات الصغيرة". ورجحوا أن يبدأ الهجوم البري من جهتي الشمال والشرق، وأن يكون مكثفا وموسعا جدا من خلال الدفع بعدد كبير من القوات؛ لأن الاحتلال حشد 5 فرق حتى الآن (اثنين مدرعات ومثلهما من المشاة وفرقة مظليين). لكن هذه القوات - كما يضيفون - عندما تندفع إلى الأراضي الزراعية سيتم التعامل معها من المسافة صفر، وفي الوقت الراهن يمكن القول إن المقاومة تمتلك أسلحة مقاومة للدبابات سواء من قذائف "آر بي جي-7" أو من الصواريخ شديدة الفعالية. ووفقا لهؤلاء الخبراء، فقد أشارت التقارير إلى أن المقاومة حشدت ما بين 3500 إلى 4500 مقاتل مزودين بهذه الأسلحة عام 2014، مما يعني أنها قادرة على حشد ما هو أكثر اليوم بعد مرور 9 سنوات. الهجوم سيكون مكلفا ومع ترقب الهجوم البري، يتوقّع محللون آخرون أن يتحوّل القطاع المحاصر إلى مسرح لعملية عسكرية دامية ومرهقة وطويلة للغاية، كما تحمل العملية الكثير من المخاطر بالنسبة للقوات المهاجمة، إذ أنّ التفوّق التكنولوجي لا يقدم حلولاً سهلة للصهاينة. ويقول أندرو غالر، من شركة الاستخبارات البريطانية "جينز"، إن حرب المدن تشكل دائماً "واحدة من أكثر البيئات التكتيكية واللوجستية تعقيداً" لأي جيش نظامي. ويعمل رجال المقاومة في متاهة من الأزقة الضيقة وشبكة من الأنفاق لا تستطيع أجهزة المخابرات الصهيونية كشفها. ويضيف غالر: "في تاريخ حرب المدن، يمكن أن يستغرق تطهير مبنى واحدا كنقطة حصينة أياماً أو أسابيع أو أشهراً". ويقول: "الطريقة الوحيدة أمام الاحتلال لتحقيق هدفه المتمثل في القضاء على القدرات العسكرية ل(حماس) هي حرب المدن من منزل إلى منزل، ومن مبنى إلى مبنى. وهذا قد يستغرق أشهراً عدة نظراً لحجم غزة، وعدد المقاومين المستعدين للقتال، وحجم مخابئ أسلحة المقاومة، وحجم السكان المدنيين".وتزداد صعوبة العملية البرية مع حقيقة أن المقاومة مدججة بالسلاح وقبل ذلك وبعده جاهزة للدفاع عن القطاع والقضية.ويشير المحلل إلى أن "حماس" نشرت في 2014 ما بين 2500 و3500 مقاتل، مجهزين بالصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وقاذفات القنابل اليدوية والبنادق الآلية والأسلحة الصغيرة. هذا وأعلن الجيش الصهيوني استعداده "لتوسيع دائرة الهجوم" ضد قطاع غزة، بعد نشر قواته في جميع المناطق، تمهيدًا لتنفيذ "عملية برية واسعة".