أرضية حقيقية لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني يتجدد موقف الجزائر الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، يتمدد في كل زمان ومكان، وقد عبر عنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في أكثر من مناسبة آخرها رسالته بمناسبة إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث أكد فيها التزام الجزائر الثابت بدعم الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة في سبيل استرجاع كافة حقوقه غير القابلة للتصرف أو المساومة، وعلى رأسها حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة. «تعي جيدا ثمن انتزاع الحرية، وهي لن تتخلى عن مساندة القضايا العادلة ودعم الشعوب المضطهدة التي تكافح من أجل التحرر، ومن هذا المنطلق سعت دائما إلى دعم القضية الفلسطينية لتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من حقوقه غير القابلة للتصرف، في إقامة دولته المستقلة"، الجزائر مثلما قال رئيس الجمهورية أمام قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي. وتعبيرا عن موقفها ودعمها للقضية الفلسطينية، بادرت الجزائر نهاية السنة الماضية بإشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بعقد مؤتمر للمّ الشمل من أجل توحيد الفصائل الفلسطينية تكلل باعتماد "إعلان الجزائر" الذي أسس أرضية حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني. كما تصدرت القضية الفلسطيني أشغال القمة العربية المنعقدة في الجزائر، وانتزعت الجزائر قرارا بدعم القضية الفلسطينية على كافة المستويات ودعم مطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة. وتعد هذه المبادرات استمرارية لمبادرات مماثلة وعديدة تقدمت بها الجزائر وأفضت إلى قرارات فلسطينية مصيرية، على غرار إنشاء دولة فلسطين المستقلة في نوفمبر 1988 بالعاصمة، إذ شهدت قاعة المصالحة بقصر الأمم التي جمعت الفصائل الفلسطينية لتوحيد الصفوف قبل 35 سنة، إعلان قيام دولة فلسطين، فكانت الجزائر بذلك أول دولة تعترف بها، لتحتضن بعدها أول مكتب للثورة الفلسطينية. ويستمر نضال الجزائر اليوم، دوليا لتمكين فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، كإجراء هام يكرس الحق القانوني والسياسي والمعنوي والأخلاقي لدولة فلسطين في أن تحظى بمكانة بين الأمم لإسماع صوتها والدفاع عن أولوياتها، وكخطوة حاسمة ترد على محاولات تشويه وتصفية القضية الفلسطينية التي يراد وأدها. وتتمسك الجزائر بمبادرة السلام العربية لعام 2002 كإطار لتسوية القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الذي تعتبره السبب الجوهري في عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط. كما تدعم الجزائر الجهود والمساعي القانونية الرامية إلى محاسبة الاحتلال الصهيوني على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها ولا يزال في حق الشعب الفلسطيني، من خلال استجابة محكمة العدل الدولية إلى طلب الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة الصادر ديسمبر الماضي، وإصدار رأيها الاستشاري حول ممارسة المحتل الصهيوني التي تمس حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، والانتصار بذلك للحق وإنصاف كفاح الشعب الفلسطيني الذي طالت تضحياته ومعاناته من مظالم الاحتلال. وتدعم كذلك قرار حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي، ووقف الأعمال أحادية الجانب لسلطة الاحتلال وعلى رأسها الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وترفض الجزائر طمس القضية الفلسطينية العادلة مثلما أبرزه الرئيس تبون في رسالته، سواء من خلال فرض سياسة الأمر الواقع، أو من محاولات القفز على حقائق التاريخ والشرعية من خلال صفقات وهمية، وهي تحاول اليوم جاهدة لإعادتها الى سلم أولويات المجموعة الدولية التي تنكرت وتنصلت من قراراتها ووعودها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967. فهذه القضية للأسف لم تحظ بأي مبادرة جدية للسلام منذ تسعينات القرن الماضي، وأصبحت اليوم رهينة وهم هو البحث عن السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط على أنقاض الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وحطام دولته، وهو ما لا يرضاه "دعاة السلام في العالم" من بينهم الجزائر ويدفعهم للتحرك الفوري والعاجل من أجل إنقاذ مسار السلام مثلما قال الرئيس تبون، وإعلاء مبادئ ومقاصد ميثاق الأممالمتحدة لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ووضع حد للظلم التاريخي المسلط عليه. ووضعت الجزائر، ضمن أولوياتها في عهدتها المرتقبة بمجلس الأمن، إعلاء قيم ومبادئ الأممالمتحدة وتعزيز التزاماها الجماعي، لإرساء أسس متينة تفضي إلى مزيد من التعاون الفعال بشأن القضايا الرئيسية، ومنها القضية الفلسطينية، حتى يتم إشعاع السلم والأمن الدوليين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في عالم متعدد الأقطاب، بتغليب الحلول السياسية والتسوية السلمية للنزاعات والصراعات، وتحقيق بذلك تطلعات شعوب المنطقة العربية والإفريقية، عن طريق اعتماد مقاربات ترتكز على حلول نهائية للمشاكل والأزمات من خلال معالجة أسبابها الجذرية.