نظّمت جامعة محمد خيضر، بالتنسيق مع ديوان المطبوعات الجامعية احتفاء باليوم العالمي للّغة العربية، ملتقى وطني موسوم ب«اللغة العربية وإنتاج المعارف والآداب"، وذلك تحت شعار "اللغة العربية لغة الشعر والفنون".. الملتقى الذي شارك فيه مجموعة من الأساتذة من مختلف جامعات الوطن، ذكّر بالدور الريادي للّغة العربية في عصر ازدهار الحضارة العربية، وتعزيز فكرة استيعاب العربية للموروث الحضاري والإنساني (تجارب ونماذج)، إضافة إلى التأكيد على قدرة اللّغة العربية على إنتاج العلوم والمعارف والآداب، وكذا إبراز وتحديث الطرق والوسائل لتطوير اللغة العربية. وتناولت أشغال الملتقى عدّة محاضرات ضمن أربعة محاور، ركّزت على الدور المؤسّسي في الصناعة المصطلحية للّغة العربية وكذا العربية وفكرة التكيّف العلمي والمصطلحي بين الأمس واليوم، والإسهام المعرفي والأدبي للّغة العربية قديما وحديثا، وأخيرا العربية والتكنولوجيا الحديثة المتعلّقة بالتحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي والتطوّرات التكنولوجية الإعلامية. واستهلت فعاليات الملتقى بتقديم محاضرة للأستاذ "نصر الدين وهابي" حول "اللّغة العربية والمصطلح العلمي من خلال معجم الدوحة التاريخي للّغة العربية"، حيث تناول المحاضر العمل الذي يقوم به المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لإصدار أكبر مشروع للعربية والمتمثل في المعجم التاريخي للّغة العربية، وأكّد الباحث أنّ المشروع هو أمنية علمية وقومية منذ ما يربو على المائة عام، مشيرا إلى مساهمة الجزائر في هذا المشروع التاريخي من خلال التأريخ للألفاظ العامة والمصطلحات، وانتهى هذا الإسهام إلى جملة نتائج كشفت عن طاقات هائلة في احتواء العلوم والمعارف. وشهد الملتقى أيضا تقديم مجموعة من المحاضرات تناولت أوجه مختلفة للّغة العربية ودورها في العطاء الحضاري، منها موضوع "اللّغة كمرآة وأداة لإنتاج المعرفة، اللّغة العربية أنموذجا"، "تاريخ الرياضيات العربية وتطبيقاتها عبر العصور"، وكذا "اللّغة العربية وتحدّي العالمية"، "إضافة إلى موضوع "الذكاء الاصطناعي والرهانات الجيواستراتجية للّسان العربي"، ولم تقتصر المداخلات على الجانب العلمي بل تعدّته إلى مساهمة اللّغة العربية في جوانب أدبية وقانونية، على غرار محاضرة الدكتور سعيد درويش حول "كتابات جلال الدين الرومي ووجدانه العربي الإسلامي العالمي وكيف صاغت العربية الوجدان العالمي لهذا المتصوّف، إضافة إلى أثر الفقه العربي الإسلامي في القانون الوضعي "القانون الدولي الإنساني والقانون المدني أنموذجا". وتخلّلت أشغال الملتقى قراءات شعرية وتكريم قامات علمية وفكرية قدّمت الكثير للّغة العربية عبر مسارها المهني ونشاطها الدؤوب لخدمة اللّغة العربية، وهم الدكتور عبد الله حمادي والأستاذ والوزير السابق أحمد جبار وأحمد رواجعية والدكتور عبد اللطيف بالطيب، والأديبة زهور ونيسي. وتوّجت فعاليات هذا الملتقى بالمصادقة على مخرجات وتوصيات، تهدف إلى المساهمة في ترقية اللّغة العربية، بدءا بالتفكير في بلورة هذا الملتقى إلى مصاف ملتقى دولي، يتناول اللّغة العربية والعلوم وتوظيف الجانب العقلاني والتقني والمنهجي للّغة العربية في المناهج المدرسية والجامعية، كما لم تغفل التوصيات بضرورة الانفتاح على اللّغات الأجنبية وترقية البحث العلمي مع التأكيد على ضرورة التدريس بلغة الضاد. المشاركون في الملتقى صادقوا أيضا على الدعوة إلى نشر ما ينجز من أبحاث ومنشورات جامعية باللّغة العربية على منصة جامعة تصمّم لهذا الغرض، وكذا توحيد الجهود بين المخابر وتثمين مجال البحث بالعربية، إلى جانب ترسيخ الاحتفاء باليوم العالمي للّغة العربية في الجامعة الجزائرية ومراكز البحث عبر تداول مدروس، والاهتمام بالترجمة الجامعية بما يرفع من مكانة اللّغة العربية في جامعاتنا والمساهمة في تحيين دوري للقاموس العربي في العلوم المختلفة واقتراحها على المؤسسات المعنية، وأخيرا، إنشاء مركز بحث يهتم بتاريخ العلوم تشرف عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.