وكأنّها "لحظة الإعدام" تلك التي تتراءى بأفق مخاوف نازحي رفح في حال نفّذت سلطات الكيان الصهيوني تهديداتها باجتياح مدينة تعد آخر ملاذ لهم جنوب قطاع غزة. ويخشى مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا إلى رفح وقوع مجازر في حال اجتياح المدينة، مع انعدام الخيارات المتبقية أمامهم، إذ لا مكان آمن يمكن اللجوء إليه. نهاية الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء الصهيوني أنّه أمر الجيش بالتحضير لهجوم على رفح القريبة من الحدود مع مصر، والظاهر ميدانيا، أن الاحتلال تجاوز مرحلة التحضير لهذا الاجتياح الذي يحذّر منه العالم أجمع، وشرع بالفعل في الهجوم على الجيب الصغير المكدّس بالجياع والمشردين والمرضى، حيث كثّف قصفه وغاراته على منازل مأهولة في منطقة رفح، ما أسفر عن استشهاد العشرات، ووفقا للأنباء، فإنّ 11 من شهداء رفح سقطوا جراء استهداف الاحتلال منزلا في حي النصر شمال المدينة، فيما استشهد 3 آخرون في قصف استهدف منزلا في حي الجنينة شرق المدينة. ويأتي الإصرار الصهيوني على اجتياح رفح، فيما تتصاعد التحذيرات الدولية والأممية من مغبة شن الاحتلال هجوما عسكريا واسع النطاق على المدينة الحدودية، محذّرين من "عواقب كارثية تؤدي لخسائر لا تطاق في صفوف المدنيين"، حسب تعبير مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. وكانت الولاياتالمتحدة، شددت على أنها لن تدعم أي عمل عسكري كبير في رفح، لا يأخذ في الحساب أمن المدنيين، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "قلقه" إزاء شن الاحتلال عملية عسكرية على مدينة رفح الحدودية، محذّرا من "تداعيات إقليمية لا تحصى" للهجوم. وقالت ناديا هاردمان، الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في "هيومن رايتس ووتش"، إنّ "إجبار أكثر من مليون فلسطيني نازح في رفح على الإخلاء مرّةً أخرى، دون العثور على مكان آمن يذهبون إليه، سيكون غير قانونيّ وقد تنتج عنه عواقب كارثيّة". وأمام المخاوف الدولية، تتحدّث الوسائل الإعلامية الصهيونية عن مصادقة جيش الاحتلال على خطة تتضمن إجلاء النازحين من رفح، لكن يبقى السؤال مطروحا، "إلى أين سيتم إجلاء نحو مليون ونصف مليون نازح وقطاع غزّة قد تحوّل إلى منطقة غير قابلة للعيش؟". قنص النّازحين بمستشفى ناصر في الأثناء، أعلنت وسائل إعلام فلسطينية، أمس، سقوط شهداء وجرحى في قصف مدفعي صهيوني على ساحة مجمع ناصر الطبي في خان يونس بقطاع غزة. وأفاد مراسلون بأنّ آليات الاحتلال تواصل حصارها لمجمع ناصر ووصلت إلى بوابته الشمالية، كما أغلقت الطريق الجنوبي المؤدي إليه. وأكّد المراسلون أيضا، إطلاق قناصة الاحتلال الرصاص على الناس أمام بوابة الاستقبال للمجمع، كما أطلقت دبابات صهيونية النار والقذائف صوب الطوابق العلوية من المجمع الطبي. ووجدت الطواقم الطبية عجزا في الحركة بين مباني المجمع بسبب قناصة الاحتلال الذين يطلقون نيرانهم بكثافة، ممّا هدّد حياة 300 فرد من الطاقم الطبي و450 مريضا وجريحا و10 آلاف نازح داخل مجمع ناصر الطبي، وفق مصادر صحية. وقال مدير مستشفى الجراحة بمجمع ناصر الطبي، أمس، إنّ "قوات الاحتلال تنفذ عمليات تجريف عند بوابة المجمع الشمالية، محذرا من خطر انتشار الجوع بين النازحين والطواقم الطبية"، كما ذكر مراسلون أن دبابات الاحتلال تتمركز عند مدخل المستشفى الميداني الأردني المجاور لمجمّع ناصر الطبي. الكيان يرفض شروط "حماس" من ناحية ثانية، قال مصدر قيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن الحركة بحثت موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار مع الوسطاء بالقاهرة، وإنها تنتظر الرد الصهيوني. في المقابل، نقلت وسائل إعلام صهيونية، إنّ سلطات الاحتلال أبدت استعدادها للتفاوض على أساس مقترح اجتماعات باريس، وإنها سلمت قطر ومصر ردها على مقترح حماس، وإن الرد تضمن رفض جزء كبير من مطالب الحركة. وحسب المصادر، فإنّ الاحتلال يرفض الالتزام بإنهاء الحرب بعد الانتهاء من تنفيذ الصفقة، ويرفض عودة السكان إلى شمال قطاع غزة، أو رفع الحصار عن القطاع. ويعد وقف العدوان على قطاع غزة من أبرز النقاط الإشكالية في المفاوضات، إذ ترفض فصائل المقاومة نقاش أي مقترحات قبل وقف العدوان وانسحاب الجيش الصهيوني من القطاع ورفع الحصار عن القطاع.