في خضم التحديات الإقليمية والدولية المستمرة التي نعيشها وحالة الشتات غير المسبوقة التي تعيشها المنطقة العربية، شهدت المنطقة المغاربية حدثاً تاريخياً بارزاً من الممكن أن يؤرخ لمرحلة جديدة، بعد اجتماع قادة كل من الجزائر وتونس وليبيا للمرة الأولى في اجتماع تشاوري، بهدف توحيد المواقف وتعزيز التعاون والتكامل بين هذه الدول الشقيقة. يؤكد العديد من المتابعين أن هذا الاجتماع له أبعاد عميقة وتأثيرات واعدة على مستقبل المنطقة، لاسيما في الجوانب الأمنية، السياسية والاقتصادية، هذه الأخيرة أصبحت تشكل في العصر الحديث عموداً أساسياً للتطور والاستقرار. كما يُمثل هذا الاجتماع علامة فارقة في مسيرة التعاون بين الدول الثلاث، ويُرسي الأساس لإنشاء وحدة ثلاثية جديدة تُعزز والاستقرار وتُطلق إمكانات اقتصادية هائلة. ضرورة توحيد المواقف بدأ اللقاء التشاوري الأول بين قادة الدول المغاربية الثلاث، الجزائر وتونس وليبيا، بالتأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ورفض أي تدخلات أجنبية من شأنها تأزيم الأوضاع. وقد أكد القادة على أهمية بناء علاقات ثنائية قائمة على التفاهم والتعاون المشترك، وتعزيز دورهم في المحافل الإقليمية والدولية لتحقيق أهداف مشتركة تصب في صالح شعوبهم. في هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية العلاقات الدولية الدكتور مصطفى بوحاتم، في تصريح ل«الشعب"، أن هذا الاجتماع يمكن أن يكون لبنة أساسية في بناء وحدة ثلاثية جديدة. إذ يعتبر أن التكامل الجديد يجب أن يركز بشكل خاص على الجوانب الاقتصادية، وهو ما يمثل فرصة هائلة لتحقيق التنمية وخلق فرص عمل للشباب وتعزيز استقرار المنطقة. وبالفعل، يولي هذا التكامل الجديد أهمية بالغة للمجال الاقتصادي. فهو يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز التجارة والاستثمار بين الدول المغاربية الثلاث نحو تحقيق تكامل اقتصادي أكبر وتنمية مستدامة. ومن المهم أيضاً أن يتضمن هذا التعاون تحفيز الابتكار وتبادل المعرفة والتكنولوجيا، لتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق التطور الاقتصادي المنشود. على صعيد البنية التحتية، يمكن أن يسهم التكامل الاقتصادي في بناء مشاريع مشتركة لتطوير الطرق والموانئ والمطارات، مما يسهم في تسهيل حركة التجارة والسفر بين الدول الثلاث، وبالتالي تعزيز الربط الاقتصادي والاجتماعي بين شعوبها. وفي ظل التحديات العديدة التي تواجهها الدول المغاربية، يبرز تحالف الجزائر وتونس وليبيا كخطوة مهمة نحو تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي، خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وأخذ العبرة من التجارب السابقة. ونجاح هذا التحالف في تحقيق أهدافه، سيكون له تأثير كبير على مستقبل المنطقة على جميع الأصعدة، وسيسهم في تعزيز الاستقرار المستدام. والاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا، يعد انطلاقةً واعدة نحو تأسيس وحدة حقيقية، لاسيما وأن الجزائر قد أعلنت، في وقت سابق، عن سعيها لإنشاء مناطق تجارية حرة مع كل من ليبيا وتونس كبداية نحو أفق أكبر. وتُعدّ هذه الخطوة بمثابة رسالة قوية تُؤكّد على إيمان هذه الدول بأهمية التعاون والتضامن في مواجهة التحديات المشتركة، كما أن الباب يبقى مفتوحا أمام دول أخرى للانضمام لهذا التكتل الجديد، بما يخدم مصالح الدول المنضوية تحت هذا التكتل، بعيدا عن أي حسابات قديمة كان لها الأثر السلبي على اتحاد المغرب العربي.