إرادة سياسية قوّية.. أمن راسخ.. مجتمع متماسك ومنهج تشاركي الاقتصاد الجزائري حقّق مؤشرات إيجابية روّضت المؤسسات الدولية يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور نور الدين جوادي، أن الأداء المتين للاقتصاد الوطني خلال الأربع سنوات الماضية، وراءه أربعة أسباب جوهرية، تكلّلت العام الماضي 2023م ببلوغ معدل نمو 4.1 %، وفائض في الميزان التجاري بلغ 6.5 مليار دولار، وارتفاع احتياطي الصرف الأجنبي إلى 69 مليار دولار متبوع بعدم اللّجوء للاستدانة الخارجية، وكذا تحقيق مستويات عالية من الأمن الطاقوي والغذائي. وقال جوادي في قراءة لكلمة وزير المالية لعزيز فايد، ألقاها خلال ندوة صحفية نشطها بمقر الوزارة، حول "مخرجات اجتماعات الربيع 2024 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والقضايا الاقتصادية ذات الصلة"، إن الاقتصاد الجزائري حقّق مؤشرات إيجابية روّضت حتى المؤسسات الدولية، وأرغمتها على الإشادة بأدائه، والاعتراف بالجهود الجبارة المبذولة في سياق إنعاشه وتطويره، بل ودفعتها إلى رصد استشراف جدّ تفاؤلي حول مآلاته المستقبلية. وأوضح البروفيسور جوادي في تحليل خصّ به "الشعب"، أن أولى الأسباب تتعلق بالإرادة السياسية القوية من لدن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، التي تعتبر "المادة الأولية" لأيّ مشروع نهضوي أو إستراتيجية تنموية، وهي العنصر الذي غاب لسنوات طوال، وعطّل مشروع التنمية في الجزائر، وهو اليوم حاضر بقوة من خلال التوجهات والسياسات الملموسة التي تنتهجها الدولة بكامل مؤسساتها التشريعية وأجهزتها التنفيذية، وعلى رأسها تجسيد التحوّل الرقمي وبناء قاعدة بيانات دقيقة شاملة ومحيّنة وشفافة في عمق بنية الاقتصاد الوطني. أمّا السّبب الثاني، فيتمثل في الاستتباب الأمني الذي يمثل "البنية التحية" للإقلاع الاقتصادي والتنموي، فالجيش الوطني الشعبي وكامل المؤسسات الأمنية استنفرت خلال السنوات القليلة الماضية وأسهمت كثيراً في خلق حالة من الأمن والأمان جدّ مستقرة، كما كان لهم دور استراتيجي في حماية الاقتصاد ومحاربة المضاربة والجريمة بكل أنواعها، وهو ما منح الدولة مناخا خصبا للمضي قدما في تجسيد تصوّراتها التنموية ومشاريعها الاقتصادية الكبرى، بحسب الخبير الاقتصادي ذاته. وتحدّث جوادي في ثالث الدوافع عن البعد الاجتماعي في السياسة العامة للحكومة، ونوّه بأنه "صمّام الأمان" لكافة الإنجازات والمكتسبات التنموية، الذي تعتبره الدولة خطًا أحمر، كونه موروث ومكسب تاريخي جنّب الاقتصاد الوطني خسائر فادحة ومكّن الدولة من توطين أسس اقتصاد قوّي أساسه الثقة بين المواطن والدولة، وقوامه الكرامة والعيش الكريم للمواطن الجزائري بقدرة شرائية عالية وخدمات عمومية ذات جودة ومتاحة للجميع. ووفقًا له، يأتي رابعًا المنهج التشاركي الذي يشكل "الضامن الرئيسي" لاستدامة التنمية وشموليتها، وتبنّته الدولة خلال السنوات الأربع الماضية في التخطيط والتنفيذ، وتسيير وتقييم قراراتها التنموية، حيث شمل الجميع دون أيّ إقصاءٍ، وأولى أهمية بالغة للجالية الوطنية بالخارج، ومنح رأس المال الوطني والوطنيين حيّزًا واسعًا في المشاركة وبناء الجزائر الجديدة. وخلص الخبير الاقتصادي والباحث الأكاديمي نور الدين جوادي، إلى أنّ المسؤولية الكبيرة أمام الجميع اليوم من أجل صون هذه المكتسبات التنموية المتحققة، والمرحلة القادمة تحتاج إلى وعي أوسع بما يُحاك ضد الجزائر من مؤامرات لوأد مشروعها التنموي وإفشال مسارها الإصلاحي خاصة في محوره الاقتصادي، وهو ما يتطلب لمّ الشمل والالتفاف حول مؤسسات الدولة والجيش الوطني الشعبي لقطع الطريق أمام كل المناورين والإشاعات التي تسعى لزعزعة الأمن الوطني وتقزيم ما تمّ إنجازه من مكتسبات تنموية هامة جدًا.