الصناعات العسكرية فخر الجزائر وعكازها لتقليل الاستيراد وتعزيز الاكتفاء الذاتي الجيش الجزائري صمام الأمان بشمال إفريقيا والساحل الإفريقي في خطوة مهمة تعكس التزام رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بتعزيز السيادة الوطنية وتعزيز الاستقلالية الوطنية، ألقى الرئيس خطابًا هامًّا أمام جميع قيادات القوات المسلحة والنواحي العسكرية الأسبوع الماضي، حيث أكد على عدة نقاط جوهرية تحمل رسائل سياسية واضحة للداخل والخارج. يأتي هذا الخطاب في سياق تحديات متعددة تواجه البلاد، سواء على الصعيدين الداخلي والخارجي، ما يمنح أهمية كبيرة في توجيه السياسات الحكومية وتوجيه الرؤية المستقبلية للبلاد. وأكد الرئيس تبون في خطابه بقوة على أن السيادة الوطنية تتأكد بالاعتماد على جيش قوي عصري ومتطور، مشيرًا إلى الدور الجوهري للجيش الوطني الشعبي، باعتباره العمود الأساسي في حفظ السيادة والأمن الوطنيين. وبلغة الأرقام، تُعدّ الجزائر قوة عسكرية إقليمية وعالمية هامة، حيث تحتلّ مرتبة متقدمة على خارطة القوى العسكرية، وتُصنّف ضمن أقوى الجيوش في إفريقيا والعالم. وتأتي هذه القوة من مزيج فريد من العوامل، تشمل التعداد الكبير للقوات، والعتاد المتطور، والصناعة العسكرية المتقدمة، والقيادة الحكيمة والعقيدة القائمة على عدم التدخل ونصرة القضايا العادلة. وتُعدّ الجزائر من الدول القليلة في إفريقيا التي تمتلك صناعة عسكرية متقدمة، حيث تُنتج محليًا العديد من المعدات العسكرية، مثل المركبات المدرعة والأسلحة والذخائر. وتساهم هذه الصناعة في تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز الاكتفاء الذاتي الدفاعي للجزائر. ويُعدّ هذا الإنجاز مصدر فخر للجزائر، ويعكس التزامها بتطوير قدراتها الدفاعية بشكل مستقل. في السياق، أوضح الرئيس في كلمات مباشرة وواضحة، أن تطوير الجيش وتقويته "لا تعني تجهيزه للاعتداء أو السيطرة على أيّ منطقة أو على الدول المجاورة، بل لحماية التراب الوطني. ومنذ استقلال الجزائر كان الجيش الوطني الشعبي صمام الأمان في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي، حيث تمكن من دحر التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها، لاسيما بعد الفوضى الأمنية التي عاشتها منطقة الصحراء الكبرى وانتشار الأسلحة بشكل غير مسبوق. ومع ذلك، لم يقتصر خطاب الرئيس على الجوانب العسكرية فقط، بل أكد أيضًا على أهمية تطوير الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين كمكمل لهذا الجانب. ويعرف الاقتصاد الوطني نسب نمو جد مهم، فاق 4٪ سنويا. ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للجزائر 400 مليار دولار في آفاق 2026، بحسب ما جاء في خطابات سابقة لرئيس الجمهورية. ومن شأن هذا النمو، أن يساهم بشكل كبير في زيادة متوسط الدخل الفردي في الجزائر من 5500 دولار حاليا، إلى أكثر من 8000 دولار. وتعتبر الجزائر الأولى على المستوى المغاربي في متوسط الدخل الفردي. لا استسلام للضغوط الخارجية من النقاط الجوهرية التي تطرق إليها رئيس الجمهورية، الرفض المطلق للاستدانة الخارجية. مؤكدا أن البلاد لن تستسلم للضغوط الخارجية التي قد تهدد استقلاليتها وقرارها السيادي، مشددا على ضرورة الاعتماد على الموارد الداخلية وتعزيز الاقتصاد المحلي كخطوة أساسية نحو الاستقلالية الكاملة. وتمتلك الجزائر تجربة سيئة مع الديون الخارجية خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، حيث أثقلت الديون وفوائدها كاهل الخزينة العمومية، مما انعكس بشكل سلبي على المستوى المعيشي للجزائريين. وتحذر العديد من الدراسات والتقارير الدولية، من أن ديون الدول النامية من الممكن أن تؤدي الى أزمات اقتصادية حادة، لاسيما وأن منح هذه الديون يكون في الغالب مرفوقا بمشروطية سياسية تتعلق برفع الدعم عن الطبقات الهشة وتحرير العملة، ما يرهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة الممنوحة لصالح الدول المانحة. دعم القضايا العادلة خطاب رئيس الجمهورية لم يقتصر على الشأن الوطني فقط، بل تطرق أيضًا لدعم القضايا العادلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فأكد على دعم الجزائر للقضية الفلسطينية وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، وكذلك على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وحققت الجزائر، الجمعة الماضي، انتصارا دبلوماسيا تاريخيا بعد تصويت الجمعية العامة في الأممالمتحدة بالأغلبية (143 صوت) لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، وتعتبر الجزائر أول دولة عربية وضعت خطة شاملة لدعم هذا المسار خلال العامين الماضيين، البداية من انعقاد القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022، حيث تضمن البيان الختامي حينها، وبمبادرة من الجزائر، ضرورة السعي لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة. وفي خطابه في مارس 2023 من على منبر الأممالمتحدة، أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر سوف تعمل كل ما في وسعها من أجل حصول فلسطين على مقعد رسمي في الأممالمتحدة، والسعي نحو إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ومنذ جانفي 2024، بداية عضوية الجزائر في مجلس الأمن، صعّدت الدبلوماسية الجزائرية من حدة الضغط على الكيان الصهيوني والقوى الداعمة له، بتوجيهات من رئيس الجمهورية، وقدمت الدبلوماسية الجزائرية العديد من مشاريع القرارات، بما في ذلك مشروع قرار في مجلس الأمن لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة. أما فيما يتعلق بالقضية الصحراوية، فقد أكد رئيس الجمهورية على ضرورة منح الشعب الصحراوي حقه في تنظيم استفتاء وفي تقرير مصيره. كما تطرق إلى المآسي التي يتعرض لها الشعب الصحراوي والوضعية الصعبة التي يعيشها، فيما ثرواته المعدنية والبحرية تنهب من طرف الاحتلال المغربي، مما يدفعه إلى الانتفاض. وأكد الرئيس تبون، أن الجزائر لن تتخلى عن الشعب الصحراوي، داعيًا منظمة الأممالمتحدة إلى تسريع عمل لجنة تصفية الاستعمار للقيام بدورها في حل هذه القضية، لاسيما وأن الأممالمتحدة تصنف قضية الصحراء الغربية على أنها قضية تصفية استعمار.