أكدت مديرة مركز الفنون والثقافة لقصر رياس البحر، فايزة رياش، أن الجزائر تبذل في مجال حماية التراث جهودا كبيرة، خاصة فيما يتعلّق بمجال الرقمنة، مشيرة إلى أن الجزائر كانت سبّاقة إلى وضع ترسانة قانونية محكمة، تحمي التراث الثقافي، من خلال قانون حماية التراث الذي يضع آليات حماية للصنفين المادي وغير المادي، إضافة إلى نصوص تنظيمية تخص المتاحف وإنشاء الحظائر الثقافية المنتشرة عبر كامل أنحاء القطر الوطني. وأوضحت رياش في تصريح ل«الشعب"، أن الترسانة القانونية الجزائرية، ساهمت بشكل كبير في حماية وحفظ التراث الثقافي، إضافة إلى الجهود التي يقوم بها الفاعلون في المجال، من خلال ما تمّ تأسيسه من فرق وخلايا لحماية التراث الثقافي، من قبل قيادة الدرك الوطني والأمن الوطني والجمارك، وأضافت تقول إن "هذه الفرق تقوم بمحاربة كل أشكال التعدي على التراث الثقافي، خاصة المادي سواء العقاري أو المنقول، وذلك من خلال مكافحة الاتجار غير الشرعي بالممتلك الثقافي". وقالت محدثتنا، إن دور فرق وخلايا حماية التراث بقيادة الدرك الوطني لا تقتصر فقط على محاربة المساس بالتراث الثقافي، بل تتعدى إلى الإسهام في اكتشاف بعض المحطات الصخرية والمواقع الأثرية، ومثال ذلك ما قامت به فرقة منطقة بشار في السنوات القريبة الماضية، أين تمّ اكتشاف مواقع أثرية جديدة من قبل هذه الفرق، فاليوم، نرى جهودا معتبرة من أجل حماية الموروث الثقافي، ومن ذلك مضاعفة جهود مؤسسات وزارة الثقافة والفنون التي تقوم بجرد كل الممتلكات الثقافية العقارية، أي المواقع الأثرية، لاسيما ونحن بحاجة إلى جرد هذه المواقع من أجل الحفاظ عليها". آليات صون التراث ونوهّت فايزة رياش بأهمية قانون حماية التراث الذي جاء بآليات فعالة، وهي التسجيل في قائمة الجرد الإضافي والتصنيف أو التسجيل عن طريق قطاعات محفوظة بالنسبة للقصبات والمدن القديمة، وهذه تقول رياش - آليات مهمة، وقالت: "الحاجة ماسة إلى أرشفة وتوثيق كل عناصر التراث الثقافي، خاصة غير المادي، ورقمنة كل المعلومات والمعطيات من أجل القضاء على كل أشكال التعدي". مخاطر محدقة.. وأكدت المتحدثة على أهمية مشروع الرقمنة الذي يسهل الوصول إلى المعلومة، وأشارت إلى أننا اليوم بحاجة إلى صيانة اللقى الأثرية المتواجدة بمختلف المتاحف، ولهذا - تقول - "الرقمنة ضرورة ملحة في هذا المجال، لنمتلك قاعدة بيانات خاصة بكل القطع وبكل الموروث الثقافي المنقول والمحفوظ بالمتاحف، وإضافة إلى ذلك، نحتاج إلى تطبيقات خاصة بأرشفة وتوثيق كل ما يتعلّق بالتراث، لأن كثيرا من المخاطر تحدق بمتاحفنا وكل موروثنا"، وأضافت "عندما نتحدث عن المخاطر لا نقصد بها فقط المخاطر البشرية، بل أيضا الطبيعية والتي يمكن أن تتعرض لها متاحفنا أو مواقعنا، فهمهم جدا الاشتغال على رقمنة وأرشفة وتوثيق تراثنا بنوعيه، المادي وغير المادي"، وتابعت "عندما نتحدث عن أحد متاحفنا وما يتمّ على مستواه من توثيق لكل ما يتعلّق بالقطع واللقى من صور وتركيبات ثلاثية الأبعاد، وكل ما يتعلّق بالمعلومات والمعطيات، إلى جانب البطاقات التقنية الخاصة بها، فإن أي باحث أو مختص يمكنه الوصول إلى هذه القطع بكل سهولة، كما يمكنه المساهمة في الحفاظ على هذا الموروث". الجرد والتوثيق وفي سياق متصل، ترى رياش أن أهم الآليات التي يمكن أن تساهم في حفظ وصون التراث هي الجرد والتوثيق، مشيرة إلى أن التسجيل في قائمة الجرد الإضافي والتصنيف مهم جدا، على اعتبار أن هذه الآليات، تساهم بشكل كبير في عملية الرقمنة لتراثنا الثقافي بنوعيه، حيث تؤكد المتحدثة على أهمية إعادة الدراسات الخاصة بتراثنا وإعطائها البعد العلمي والاقتصادي.. تقول: "نحتاج إلى دراسات معمقة لتراثنا الثقافي، وأن يكون كل عمل علمي للتراث عبارة عن أرشفة وطريقة لحفظ وصون التراث الثقافي الكبير الذي تزخر به الجزائر". مديرة مركز الفنون والثقافة لقصر رياس البحر، شدّدت في ختام حديثها على أهمية المساهمة والإسراع للعمل أكثر على رقمنة كل تراثنا، وتكثيف مصادر الإلمام بكل ماله علاقة به، ومن أوجه تلك المصادر، وأضافت أن المركز بصدد التحضير لتنظيم مهرجان ثقافي للزي التقليدي، مؤكدة بأن الحدث ليس فقط مجرد عقد فعالية موسومة ب«مهرجان"، ولكنه يدخل في إطار وضع موسوعة خاصة باللباس وملحقاته، وكل ما يتعلق به من اكسسوارات.