لا بديل عن الحوار والصراحة لتكريس النهج الديمقراطي حرص رئيس الجمهورية منذ اعتلائه سدة الحكم على فتح باب الحوار، من خلال قيامه بمشاورات واسعة مع مختلف الفاعلين في الحياة السياسية والجمعوية بالجزائر، ليرسخ بذلك ثقافة الحوار والديمقراطية مع مختلف الفواعل الحية المكونة للمجتمع الجزائري، من أجل توحيد الرؤى وبناء تصورات حول القضايا الوطنية وتعزيز العلاقة بين السلطة والقاعدة وممثليهم في مختلف المجالس المنتخبة. شكّل النهج التشاوري لرئيس الجمهورية أداة فعالة لاستكمال البناء المؤسساتي للجزائر الجديدة منذ انتخابه واستعراض مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني، في إطار الديمقراطية، على ضوء الاستحقاقات السياسية المهمة التي عرفتها الجزائر والتي ستشهدها شهر سبتمبر، فضلا عن الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة. فكانت البداية بالتعديل الدستوري سنة 2020، حيث سبقته مشاورات واسعة مع الفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني قبل إحالته، وفقا للإجراءات الدستورية سارية المفعول، إلى البرلمان للمصادقة ومن ثم لاستفتاء شعبي في الفاتح نوفمبر من نفس السنة، وبتحقق ذلك بدأت مرحلة أخرى من التنظيم وإرساء قواعد جديدة على كل الأصعدة ذات بعد سياسي واقتصادي واجتماعي من أجل بناء قواعد جزائر قوية. من جهة أخرى، عرفت المشاورات التي أطلقها رئيس الجمهورية وتيرة متسارعة، حيث تم توسيع الاستشارة مع القوى السياسية بشأن قانون الأحزاب سنة 2023، إذ دعا إلى ضرورة تجاوز الأساليب البالية في النشاط الحزبي والتركيز على العمل الفعال القائم على تجنيد المناضلين، وترحيبه بكل ما من شأنه تدعيم الجبهة الداخلية وله صلة بالخط الوطني، والمساهمة في تعزيز الوحدة الوطنية بشكل دائم ومستمر، والعمل على تجنيد الشعب لخدمة الدولة حسب برنامج سياسي واقتصادي ويكون القاسم المشترك في كل ذلك الوطن. وذهب الرئيس إلى أبعد من ذلك من خلال حثّ الأحزاب السياسية على اقتراح تعديلات تخدم وتطور الممارسة السياسية وتضفي عليها الانفتاح والإبداع السياسي، عبر طرح تحضير أفكار جديدة والتخلي عن الأحكام المسبقة في معالجة ومناقشة القوانين المقترحة من الحكومة وعدم التشبث بمواقفها السياسية بشكل سلبي وتخرج من دائرة التقليد ونسخ البرامج. ولم يتوقف الرئيس عند هذا الحد، بل كان له سلسلة من اللقاءات الثنائية وأخرى فردية مع رؤساء وقادة الأحزاب وحتى من ممثلي المجتمع المدني والأحرار، في إطار تحريك المشهد السياسي بعد الركود الذي عرفه، وتعزيزه بالمبادرات والأنشطة التي تعيد للعمل الحزبي مكانته وتطوير الخطاب وتحديثه وجعله أكثر حيوية وفعالية ليتناسب مع طموحات الأجيال القادمة لاسيما الشباب ومتطلبات المرحلة المقبلة. فيما شكّل لقاء رئيس الجمهورية الأخير والأول من نوعه منذ انتخابه سنة 2019 مع قادة الأحزاب الجزائرية السياسية، والممثلة في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، فرصة ثمينة للطبقة السياسية لاستعراض مختلف الانشغالات والاقتراحات التي ترغب في طرحها، وكذا الانخراط في مسعى الحفاظ على مكاسب الجزائر الجديدة. وتعكس مبادرة رئيس الجمهورية، رؤيته السديدة وإيمانه القوي بدور الأحزاب السياسية في رسم ملامح الحياة السياسية الجديدة والتنظيم المجتمعي، وإعادة مد وبناء جسور الثقة في العمل السياسي، خاصة تمتين وتحصين الجبهة الداخلية، في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة ليكونوا في مستوى الرهانات التي تنتظر الجزائر.