كشف البروفيسور عبد الرزاق بلعقروز أنّ كتابه الجديد "حقول الإصلاح في الفكر الإسلامي المعاصر" سيصدر سبتمبر المقبل عن "مركز نماء للبحوث والدراسات". ويحاول بلعقروز في هذا الكتاب استكشاف البنية المعرفية والمنهجية لدى المفكرين الإصلاحيين، مؤكّدا أنّ المعالم المستخلصة من جهود المفكرين الإصلاحية ليست من أجل الوصف فحسب، بل وجب تحويلها إلى دليل تدريب فكري لجيل من الشباب، الباحث عن صيغ فكرية لبناء ذاته. "حقول الإصلاح في الفكر الإسلامي المعاصر..نماذج اجتهادية وإشكالات منهجية"، هو العنوان الكامل لكتاب البروفيسور عبد الرزاق بلعقروز، الذي سيصدر قريبا ضمن سلسلة "دراسات فكرية" عن "مركز نماء للبحوث والدراسات". وفي تصريح خصّ به "الشعب"، قال أ.د.عبد الرزاق بلعقروز إنّ هذا الكتاب الذي سيصدر مطلع شهر سبتمبر، يتطرق إلى مجموعة من المفكرين تتضمّن: الجزائري مالك بن نبي، والفلسطيني إسماعيل راجي الفاروقي، والمصري عبد الوهاب المسيري، والهندي الباكستاني محمد إقبال، والسعودي عبد الحميد أبو سليمان. كما جاء في آخر الكتاب، المتكون من 262 صفحة، حوارات مع المؤلف تحت مسمى "ضمائم"، دارت حول ثلاث محاور، هي تطبيقات الإصلاح في الأخلاق، والفكر، والمنهج. وأكّد محدّثنا أنّ الغرض من كتابه هذا هو "محاولة التمييز بين شيئين اثنين: بين أمر معرفة المفاهيم الإصلاحية الموجودة عند المفكرين، وبين المنهج الذي استطاعوا بواسطته أن ينتجوا ما ينتجون، والكتاب يتجه ليس فقط إلى تحليل مضامين أفكارهم وإنما استكشاف البنية المعرفية والمنهجية التي يمكن أن نستفيد منها نحن اليوم، ولشبابنا من أجل أن ينجزوا فعل التفكير وفق هذه النماذج". ويضيف بلعقروز: "ولذلك وجدت أنّ من السمات الكبرى الأساسية التي تميز هذا اللفيف من المفكرين، أولاً هو الاشتباك النقدي مع الفكر الغربي، وثانياً الدعوة إلى إنشاء علوم جديدة، وثالثاً القراءة الذكية والمطبقة للنصوص والمفاهيم، ورابعا الوعي الروحي هو سر الحركة في التاريخ، وخامسا الرؤية التوحيدية وإعمالها كأداة نظر في مجمل الموروث". ومن السّمات الأخرى التي تميز هؤلاء المفكرين، يقول بلعقروز، هو أنّهم "أنشأوا تفكيرهم على إحداثية التعالق بين الفكر الغربي وأدوات المعرفة الغربية، وبين الموروث الإسلامي في نصوصه التأسيسية وعلومه الاجتهادية، هذا هو الشيء الذي يتميز به هؤلاء، فلا هم مفكرون ساروا وفق المنهج الغربي بطريقة تتبعية، ولا هم أيضا ارتكزوا إلى التراث بطريقة ظلامية، وإنما حاولوا أن يستكشفوا المضيء عند كليهما". ليس الغرض من هذا الكتاب مجرد القيام برصف جهود هؤلاء المفكرين الإصلاحيين، بل النفاذ إلى البنية المعرفية والمنهجية التي استطاعوا من خلالها أن يتحققوا بمواصفات إصلاحية نوعية في حقول المعرفة والأخلاق، والسر في نوعيتها، أنها نفذت إلى أساسات الفكر الغربي، في رؤيته إلى العالم وفي نسقه المعرفي وفعله التاريخي، ثم بنت أنساقها الإصلاحية على إحداثية التعالق الإبداعي بين أدوات الوعي الغربي ومنطلقات الفكر الإسلامية في كلياته التأسيسية وعلومه الاجتهادية..."إذن، فالمعالم المستخلصة من الجهود الإصلاحية لهؤلاء المفكرين، ليست من أجل الوصف فحسب، بل إن أمامنا واجب تحويلها إلى دليل تدريب فكري لجيل من الشباب، الباحث عن صيغ فكرية لبناء ذاته؛ في ظل تقطع السبل وتعكر الرؤية؛ إنها مثالات على البناء المنهجي في التفكير والبحث والسلوك، وشواهد منهجية على العقل المسلم المفكر في اقتداره على التواصل مع الإمكانات العالمية؛ من غير قطيعة سلبية، وعلى التواصل أيضا، مع الجوانب المضيئة في التراث الإسلامي من غير ارتداد سلبي ارتكاسي، وما هذه السمات النوعية التي اختص بها هؤلاء إلا ثمرة إيقاظ ملكات التفكر في العقول، والتوتر الأخلاقي في القلوب".