يبدو أن المعضلة الأمنية التي تعيشها ليبيا منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي قبل حوالي سنتين لاتزال تلقي بظلالها من خلال عرقلة مسارات التحول الديمقراطي الذي ينشده الشعب الليبي عبر بناء دولة قانون ومؤسسات تنتجها العملية الانتخابية النزيهة والشفافة، إلا أن الاوضاع التي تطبع المشهد العام هناك توحي بأن الوصول الى بر الأمان ليس غدا، ويكفي أن الميليشيات المسلحة أصبحت تشكل قوّة موازية للدولة الليبية التي تعاني من هشاشة مؤسساتية وضعف هيكلي، أغرت تلك الميليشيات بإنتهاك سيادتها من خلال إقتحام ومحاصرة الوزارات السيادية. السلطة الليبية، في خطوة إستباقية بادرت الى نشر وحدات عسكرية حول المؤسسات والادارات التي لم تطلها يد تلك الجماعات المسلّحة بعد والعملية تهدف الى بسط نفوذ الدولة وايقاف هذا السلوك المطلبي الجديد الذي يعتمد على اقتحام المؤسسات وحصارها، التصرف الذي لاقى شجب وتنديد الشارع الليبي الذي طالب كذلك بحل تلك الميليشيات، الشيء الذي قد يكون الفرصة المواتية، للحكومة الليبية من أجل تحويل مسألة جمع السلاح وحل الجماعات المسلحة والقضاء على كل مظاهر التسلح خارج الأطر النظامية الى مطلب شعبي أو على الأقل مدعوما شعبيا، للضغط بدورها على تلك الميليشيات المسلحة، التي تشكل التحدي الأمني الأكبر للسلطات وتحول دون توفر الأجواء الضرورية لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية للتأسيس لدولة قوية واقتصاد متين. وتبقى المسؤولية الواقعة على عاتق الحكومة الليبية ثقيلة ثقل المعضلة الأمنية التي تعيشها البلاد.