وضعت الحملة لصالح انتخابات الرئاسة التي تجري اليوم في مالي في دورها الثاني أوزارها الجمعة 08 أوت 2013 دون تسجيل حوادث تثير الاهتمام، حملة تميزت بمنافسة حادة بين المرشحين اللذين أفرزهما الدور الأول من هذا الموعد الهام في مستقبل البلاد التي خرجت لتوها من مأزق ألم بها بعد انقلاب مارس 2012 الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري تبعه إلغاء العمل بنظام الشرعية الدستورية ودخول البلاد في فريسة للفوضى و للجماعات الإرهابية التي استولت على الشمال وكادت تصل إلى العاصمة باماكو. وقد ظهر في الخطاب السياسي للمرشحين خلال الحملة تمايز كبير، ففي حين ركز إبراهيم أبو بكر كيتا على انتماء و أصالة الشعب المالي من خلال البعد الديني أي الإسلام حيث يفتتح خطاباته بآيات قرآنية كما فعل في حملته الانتخابية في دورها الأول وتركيزه على المصالحة الوطنية خطاب جعله يتقدم على منافسيه بفارق كبير بلغ 39,79 بالمائة. صومايلا سيسي من جهته كان يحاول إظهار خصمه بأنه ليس رجل المرحلة الذي يستطيع قيادة قاطرة التطور والتقدم في حين بمقدوره هو فعل ذلك، والعودة في كل مرة إلى الهفوات والنقائص التي شابت الدور الأول من أجل الإنقاص من مصداقية التقدم الذي أحرزه منافسه في هذا الدور وتبرير الحصيلة الهزيلة التي تحصل عليها . المهم أن الماليين أدركوا أن المخرج الوحيد من الأزمة متعددة الأوجه التي تعيشها بلادهم هي المشاركة بقوة في الانتخابات لاختيار رئيس بتفويض موسع تعطيه أغلبية كافية لفتح كبرى الملفات، يأتي على رأسها طرح صيغة لمصالحة بينية تحصن البلاد من كل التهديدات التي قد تصدع وحدتها الترابية أو لحمتها الشعبية ما يفسر نسبة المشاركة التي بلغت 53 بالمائة في الدور الأول و هي نسبة عالية مقارنة بالاستحقاقات التي سبقتها و التي لم تتجاوز ال 40 في أحسن الظروف، كما يبدو أن الماليين أكثر إصرارا في هذا الدور الثاني حيث يتوجه اليوم حوالي 7ملايين ناخب من أصل 15 مليون من سكان البلاد إلى 20,000 مكتب اقتراع يتوزعون على مختلف المناطق و المحافظات لاختيار الرئيس الخامس لمالي منذ استقلالها عن الاحتلال الفرنسي العام 1960. ومن المرجح أن يحسم هذا الدور الثاني لصالح رئيس البرلمان المالي والوزير الأول سابقا ابراهيم ابوبكر كايتا البالغ من العمر 68 سنة المعروف اختصارا ب «ايبيكا» ورئيس حزب التجمع من أجل مالي، خاصة بعد اعلان جبهة مالي المشكلة من 20 مرشحا من أصل 25 خاضوا الدور الأول من الانتخابات ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني دعمها ل «ايبيكا» في الدور الثاني، وما ضاعف أكثر حظوظ الأخير في الفوز بالرئاسة الذي بات في حكم المؤكد في انتظار ما تسفر عنه النتائج ، هو التغير في اللحظات الأخيرة للتوجه الانتخابي لدرمان دمبيلي الذي تحصل على المرتبة الثالثة في الدور الأول ب 9,71 من الأصوات المعبر عنها وانضمامه إلى معسكر المرشح إبراهيم كيتا بعد أن أعلن سابقا دعمه لصومايلا سيسي رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية، الذي تلقى ضربة قاضية بعدما كان يرفع شعارات أقرب إلى الطرافة خلال حملته الانتخابية تقول: « حتى ايبيكا سيصوت لصالحه». الأكيد أن هذه الانتخابات تحولت إلى رهان ليس للماليين وحدهم ولكن للمجتمع الدولي كله الذي أبدى اهتماما غير مسبوق بهذا الاستحقاق من خلال الانخراط في تأطير و تأمين هذه الانتخابات والعمل على ديمقراطية وشفافية هذا الاقتراع المصيري الذي يعتبر محطة إنقاذ وطني.