صدر العدد الأخير لمجلة «الجيش» في أبهى حلة متضمنا موضيع متنوعة ثرية جديرة بالمتابعة والاعتناء. وهي موضيع حظيت بالمعالجة الدقيقة من مختصين ومسؤولين في الجيش الوطني الشعبي دون المرور عليها مرور الكرام. واهتمت المجلة بشكل كبير باجتماع مجلس الوزراء وما تمخض عنه من قرارات في غاية الأهمية تصب في مجملها في تشجيع الاستثمار المنتج مولد الثروة والقيمة والعمل مقلصا من الإستيراد الذي ينخر الخزينة العمومية ويستنزف قدرات الجزائر. وأعطت مجلة الجيش قراءتها في المتغيرات الجيواستراتيجية وما يجري من تحولات بدول الجوار وتداعيات التهديدات الأمنية مذكرة في افتتاحيتها بوجوب البقاء في اليقظة لمواجهة أي طارئ. تضمنت هذه الوقفة إفتتاحية مجلة «الجيش» معيدة إلى الأذهان تاريخ الجزائر الحافل بالبطولات والمواقف والقرارات الشجاعة التي كانت دوما « نقاط انعطاف حاسمة غيرت مجرى التاريخ أكثر من مرة. وكانت هذه المحطات والإنجازات التاريخية نتاج تجربة وحنكة إستمدت من تاريخ الأسلاف الذين تمكنوا من بناء مجد الوطن بالصمود والإصرار على الانتصار بالاعتماد على ما يملكون من إمكانات ذاتية طورت وكيفت وفق المتطلبات وحسب ما تقتضيه الظروف السائدة» . أحسن ما جسد هذه المقولة وما رصدها في أكبر محطة تعبيرية ودلالة معرض الخمسينية « ذاكرة وإنجازات» أظهرت وحدات الجيش الوطني الشعبي مدى قوة هذه المؤسسة ومدى ارتباطها بالشعب الذي تحتفظ معه بعلاقة جدلية لم تستطع الظروف والتحولات المساس بها، بل تزداد متانة تظهر بحق أن هذا الجيش سليل جيش التحرير شعبي ويبقى كذلك إلى يوم الدين. كما اهتمت المجلة بمدرسة أشبال الأمة التي دشنت بالبليدة في إطار تعميم هذه التجربة التي تخرج نشئا محصنا بالروح الوطنية يساهم في البناء والإنماء وتعزيز وحدات الجيش الوطني وتخصصاتها بشكل يلبي احتياجات البلاد الدفاعية وإستراتيجيتها العسكرية المستمدة من قيم نوفمبر العزة والكرامة. تصدرت المواضيع المتنوعة التي تجاوزت الكثير منها طابع الآنية وأرخت لإحداث مرسخة في الذاكرة تعود الينا كل مناسبة تثبت بحق عظمة الجيش الوطني ودوره الريادي في صيانة الجمهورية وأركان الدولة الجزائرية وكذا تلبية نداء التضامن العربي وقت السراء والضراء. والحديث هنا عن مشاركة جيشنا البطولي في حرب أكتوبر 1973 وما أظهره من قدرات قتالية ضد إسرائيل من أجل فلسطين القضية العربية الأولى. هي صفحات خالدة ذكرت بها المجلة في باب «أيام في الذاكرة» مستعيدة إلى الأذهان مقتطفات من كلمة نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح يوم 23 أكتوبر 2012 خلال افتتاح الندوة حول مشاركة الجيش الوطني الشعبي في الحروب العربية الإسرائيلية. وجاء في كلمة الفريق قايد صالح آنذاك « لا بد أن نقف اليوم وقفة إجلال وإكبار لأولئك الرجال الذين صنعوا مجد تلك الفترة في وقت كانت فيه الجزائر حديثة العهد بالاستقلال. وعلى الرغم من ذلك استطاعت وحدات الجيش الوطني الشعبي أن تتجاوزها وأن تتكيف مع متطلباتها وإن تبين بأن بذور الثورة الجزائرية وكبريائها وقيمها السامية ستبقى حية في قلوب وعقول الجزائريين وستبقى منهلهم الفياض الذي يستمدون منه قوتهم وإصرارهم على الدفاع عن مبادئهم الثابتة»