عرف الصالون الدولي للكتاب في طبعته ال 18 التي تختتم اليوم بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة إنزالا كبيرا من المثقفين والإعلاميين من أجل توقيع كتبهم في ظاهرة ايجابية خطفت الأضواء وجلبت اهتمام الرأي العام الوطني والدولي. وتعكس هذه الخطوة مدى اهتمام الجزائريين بالكتابة محبطين كل الادعاءات التي تؤكد بأن ثقافتنا شفاهية وفقط ،وساهم هذا المر في منح قيمة مضافة للصالون الدولي للكتاب من خلال شغف الجمهور بالتفاعل مع المبدعين والرواة الجزائريين. وقد تنوعت الكتابات في الصالون من السياسة على غرار قادة بن عمار صحفي جريدة الشروق الذي كتب عن العشرية الدموية والوضع السياسي في البلاد من خلال محاولته التطرق للخلفيات التي طبعت الأزمة مبرزا بان كتابه عن الحزب المنحل«الفيس من الداخل» يعتبر مساهمة في التأريخ لأحدى أهم مراحل الجزائر . كما خاضت النائب أسماء بن قادة في كتابها «أفكار خارج المزاج» تطرقت فيه لخلفيات التفكير السياسي والاقتصادي بالمقارنة مع التحولات التي يعرفها العالم العربي والغربي بصفة عامة. وتطرق الصحفي عثمان لحياني من يومية الخبر في مؤلفه الى الديمقراطية في تونس من خلال السفريات التي قادته الى هناك ومساهمته في نقل الأحداث بعيدا عن الانحياز والذاتية،وسارت قرينته فتيحة زماموش على نهجه ووقعت حضورها في كتاب يتحدث عن ثورة الياسمين بتونس أكدت ولوع الصحافيين . وتطرقت الإعلامية صوريا بوعمامة إلى « أوراق ليست للنشر» في كتابها . وشهدت التظاهرة حضور الرواة بقوة باللغتين العربية والفرنسية ووقع أمين الزاوي روايته «نزهة خاطر» بينما خاض ياسمينة خضرة في رواية « الملائكة تموت بجراحنا « والتقت كذلك هجيرة قويدري صاحبة رواية «نورس باشا» بجمهورها ناهيك عن مختلف الإبداعات الأخرى على غرار الصحفي حميد عبد القادر الذي كتب رواية «توابل المدينة» ،وعزالدين ميهوبي رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الذي فرض على نجم برشلونة ميسي لحضور الصالون الدولي للكتاب،وان كان حضور المثقفين والإعلاميين والسياسيين بقوة فالجمهور خطف الأضواء من خلال تضاعف أعداده ومن فئات مختلفة لا يقتصر مجيئها على شراء كتب الدين بالجملة والإقبال على كتب الطبخ ولكن بعقلية وبسلوك مختلف تماما من خلال التفاعل مع المثقفين والجلوس معهم ومناقشتهم في مختلف المواضيع وهو ما يؤكد استفادة الجزائريين كثيرا من التحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية. وقد تركت هذه الظاهرة أثرا ايجابيا لدى الجمهور الذي اكتشف عالم آخر من حياة المثقفين والكتاب الذين كان يراهم في وسائل الإعلام. وقد كان لوسائل الإعلام دورا كبيرا في جعل طبعة هذه السنة استثنائية من خلال إقناع أصحاب الملفات بملاقاة الجمهور وهذا بالترويج للصالون ومنحه مكانة في الصفحات الأولى للجرائد والعديد من الحصص في مختلف القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة وهو ما جعل الجمهور يتجه بقوة للصالون. ويمكن أن تكون ظاهرة البيع بالإهداء محفزا للصحفيين والمثقفين الى الكتابة والتحضير للطبعة القادمة لتنشيط الساحة الثقافية وتشجيع مختلف الشخصيات على كتابة سيرها الذاتية لتمكين المجتمع من الاستفادة منها دون أن يحتقر أي فرد مساره. ويخطأ من يقول بان الجزائريين بعيدون عن العربية ويكتفون بالثقافة الشفاهية فالقليل من الجهد أثبت بان الجزائريين يحسنون الكتابة من خلال إلمامهم بمختلف القضايا ومتابعتهم لمختلف الملفات بحكم الموقع الجغرافي وسعيهم الدائم لمساندة القضايا العادلة وهو ما يعتبر مؤشرا لعالمية الكتابة الجزائرية التي تحتاج فقط لإجراءات شكلية لانتزاع جوائز في مختلف التظاهرات العالمية.