المستهلك يتحمل جزءا من المسؤولية يشهد المجتمع الجزائري منذ فترة إنتشار سلوكيات وعادات غريبة تهدد صحة وسلامة المواطن، والمتمثلة في الإقبال المتزايد لهذا الأخير على اقتناء مشتريات لا تمت للسلامة الصحية بصلة ولا تتوفر بها المعايير الدولية بتاتا، فمن مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى سلع مقلدة ومرورا بأدوية تقليدية ومستحضرات تجميل تباع على الأرصفة، اتسعت قائمة المواد التي يحاول اليوم الاتحاد الوطني لحماية المستهلك، توعية وتحسيس هذا الأخير حول مخاطرها وحمله على عدم شرائها. وهو الأمر، الذي وقفت عليه جريدة «الشعب»، من خلال استضافتها لمحفوظ حرزلي رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك . تعرف الأسواق الجزائرية في السنوات الأخيرة فوضى كبيرة انعكست بالسلب على المستهلك وقدرته الشرائية التي أصبحت عاجزة عن توفير كل الاحتياجات، بل صار فريسة سهلة للسلع المغشوشة والإشهار الكاذب، غياب المراقبة الذاتية عنده جعله رهين ممارسات لا تحترم حقوقه. لذلك لن نلقي باللوم على التجّار أو الوزارة المعنية فقط لأن المستهلك يتحمل أيضا مسؤولية ما يحدث حسب محفوظ حرزلي رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك لأنه جعل من نفسه ضعيفا أمام كل المزايدات التي يمارسها التجار ضده. ولأن الاتحاد الوطني لحماية المستهلك يتولى مهمة إبداء الرأي وتقديم الاقتراحات ويدخل في هذا الإطار سلامة المنتجات، إعلام المستهلك وتوجيهه، تحسين جودة المنتجات، وكل ما من شأنه أن يضمن حماية المستهلك ويدعم دوره في الحلقة الاقتصادية، كما يمكن للمجلس النظر في الاتفاقيات التي تنظم العلاقات بين مسدي الخدمات والمستهلكين، ولكن رغم أن المهام محددة ومضبوطة إلا أن الاتحاد لا يستطيع فعل أي شيء إن لم يملك المستهلك ثقافة ووعي ومراقبة ذاتية حتى لا يترك الفرصة مواتية أمام التجار لاستغلال المناسبات من أجل تحقيق الربح السريع على حساب القدرة الشرائية. وركز في حديثة رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك على أهمية اكتسابه للمراقبة الذاتية التي تمكنه من إمتلاك حق الاختيار بين أن يشتري أو لا أو حتى مقاطعة السلع التي يتم التلاعب بأسعارها أو تلك التي تعرف إشهارا كاذبا في وسائل الإعلام المختلفة، لا غيابها جعله يقف عاجزا أمام الارتفاع الفاحش للأسعار خاصة الموسمية كالبقول مثلا وهذا أمر غير مقبول، بل لاحظ محفوظ حرزلي أنه ورغم ارتفاعها الغير معقول إلا أنه يشتري بكميات كبيرة وكأنه لا يبالي بما يفعله به التجار. وذكر رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك بحقوقه السبعة حق السلامة، حق الضمان، حق الإعلام (الإعلام بخصائص المنتوج، الإعلام بثمن وطرق والشروط الخاصة لبيع المنتوج، إعلام المستهلك في إطار التجارة الإلكترونية)، حق الاختيار، حق العدول، الحق في جبر الضرر وحق المستهلك في الحصول على فاتورة. هذه الحقوق في غالب الأحيان لا يحترمها التجار بسبب جهل المستهلك لها، بل يخضع في كثير من الأحيان إلى مساومات تضرب بها عرض الحائط، بسبب كل ما نراه من سلع مغشوشة أصبحت تهدد المستهلك وعائلته بصفة مباشرة، ولعل تسجيل المستشفيات لكثير من حالات التسمم الغذائي لخير دليل على ذلك. وأعطى محفوظ حرزلي رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك مثالا على ذلك اللحم المجمد الذي يباع مفروما رغم أن القواعد الصحية تمنع عملية فرمه ولكن لا البائع ولا المستهلك يبالي بالأمر، لذلك سيكون من الضروري خلق ثقافة لدى المستهلك تمنع أي مضاربة في هذا المجال. لنا أيضا في إقبال المواطنين على الشراء من الأسواق الموازية خاصة الأدوات الكهرومنزلية التي تكون مغشوشة ومعروضة بأسعار منخفضة ما جعلها مطلوبة ولكن ينسى المستهلك أنها كثيرا ما تكون السبب الرئيسي للحوادث المنزلية الخطيرة، فهنا المستهلك بسلوكه هذا يضع سلامة وأمن عائلته على كف عفريت لأن الآلات المغشوشة تؤدي في غالب الأحيان إلى خسائر تمثل أضعاف المبلغ المدفوع لاقتناء تلك السلع. أما عن حملات التوعية والتحسيس فأكد محفوظ حرزلي ان الجمعية مرتبطة ببرنامج عمل مع وزارة التجارة متعلق بتوعية وتحسيس المستهلك حول كل الأخطار المحيطة به من سلع مغشوشة وإشهار كاذب، وقد انطلقت حسب محفوظ حرزلي رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك حملات تعمل على تحقيق هذا الهدف في بعض المدارس الابتدائية حتى نصنع مستهلك الغد واعيا بحقوقه كاملة، غير خاضع لأي من المساومات التي يبتزه بها التجار، يملك القوة والشجاعة لمقاطعة أي سلعة ارتفع سعرها بطريقة عشوائية وفوضوية.