بإيمان راسخ إنّه قضاء الله وقدره وأنها سنة الله ورسوله، تحدّث محمد عجايمي عن فقيد المسرح الوطني والثقافة الجزائرية أمحمد بن قطاف مدير المسرح الجزائري...، صوته الجهوري كسرت قوته الموت التي سرقت دون سابق إنذار صديقا، رفيقا وإنسانا دام عطاءه لسنوات طويلة. {كل من عليها فان...}، هي أول الكلمات التي قالها أحد أعمدة المسرح، التمثيل والشعر محمد عجايمي، الفنان المتميّز وصف العملاق محمد بن قطاف بالإنسان الطيب الذي اعتبره من أفذاذ الممثلين الجزائريين. حز في نفسه كثيرا أو كما قال رحيل الرجل ورفيق الدرب المبدع، عملا معا في المسرح الإذاعي وشاركا في فيلم «الهجرة لمحمد حازورلي»، خسارة كبيرة للثقافة الجزائرية لأنه رجل مبدع ذو ثقافة واسعة في كتابة المسرح والسيناريوهات. وقال محمد عجايمي في خضم حديثه عن الفقيد محمد بن قطاف أن الفنان بحاجة إلى الاعتراف والاهتمام في حياته، لأن الثقافة مهمة وبإمكانها لعب دور محوري في القضايا السياسية والاجتماعية بتوعية مختلف فئاته لذلك حسب محمد عجايمي وضع سياسة ثقافية شاملة تضمن حقوق المبدع من أمثال امحمد بن قطّاف وتسمح لغيره ممن هم على قيد الحياة بأداء رسالتهم الثقافية على أكمل وجه. هذه الكلمات التي قالها محمد عجايمي وإن كانت قليلة ذكرتني بمسيرة الفقيد خاصة المرحلة المتعلقة بالعشرية السوداء التي جعلت الكثير من نخبة الساحة الثقافية يهربون إلى الضفة الأخرى، بينما بقي محمد بن قطاف في بلده يناضل من اجل بقائها مرفوعة الرأس وسط الأمم، استعمل الكلمة والمسرح كسلاح وقف وجها لوجه مع من أرادوا قتل كل ما له علاقة بالثقافة. يتحدث صموده في صمت عن قوته وشجاعته وعن رجل أراد الحياة من خلال إبداعاته المسرحية التي جعلت من الكوميديا وسيلة لتمرير رسائل لتوعية وتحسيس المجتمع. من منّا لا يتذكّر مسرحية «الحافلة» مع عزالدين مجوبي التي سجلت بصمة لا تزول آثارها في المسرح الجزائري، لأنها واحدة من صرخات مواطن على لسان الرجل الإنسان امحمد قطّاف، ورغم أن يد الغدر قتلت صديقه عزالدين مجوبي إلا أن الخوف لم يتغلغل إلى شخصه بل حمل على كتفه مهمة صديقه، لان المسرح أمانة لا يستطيع الرجال أداء مسئولياتها الثقيلة لأنها رسالة جيل إلى جيل آخر يسير على خطى من سبقوه. محمد بن قطاف الرجل المحترم رحل إلى مثواه الأخير كأي إنسان في يحيا على وجه الأرض، ولكن لن يُذكر بعد مماته كأي رجل آخر لأنّ إبداعاته حية لا تموت، تتكلمّ عنه في كل وقت لأن اسمه نقش بأحرف من ذهب على خشبة المسرح، ولن ترسم صورته إلاّ مبتسما لأنّ ذكراه لا تكون إلا كذلك، ولا يمكننا إلاّ أن نقول: {إنّا لله وإنّا إليه راجعون}.