أطاحت أزمة الفساد في تركيا برؤوس كبيرة أثبتت التحقيقات أنها ضالعة فعلا في الفساد بحكم مناصبها أو المركز الاجتماعي الذي تحتله. غير أن أردوغان أصرّ على توجيه أصابع الاتهام إلى الخارج والولايات المتحدة تحديدا وإن لم يسمها حتى الآن. وأمام هذه الأزمة الحادة، اختلفت التقديرات بشأن تداعياتها على مستقبل حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه أردوغان. فثمة من يرى أن الحزب، الذي فاز في الانتخابات البرلمانية السابقة بأكثر من 50٪ من الأصوات ويشغل حاليا رئاسة البرلمان، الجمهورية والحكومة لن يتأثر كثيرا وإن خسر بعض الأصوات، خاصة وأن الجيش تعهد بعدم التدخل. وهناك من يرى بأن هذه الأزمة مختلفة في طبيعتها وتداعياتها وستؤثر، لاشك، سلباً على مستقبل الحزب، لاسيما وأن الانتخابات على الأبواب والظروف الداخلية والخارجية تختلف عما كانت عليه من قبل. وتتجه الأنظار اليوم، في ظل واقع تركيا المشحون، إلى جماعة «غولن» وتحول التحالف القائم بينها وبين العدالة والتنمية إلى صدام مفتوح، على خليفة تراكم الخلافات بين الجانبين في عدة قضايا، منها الخلاف بشأن رئيس الاستخبارات والعلاقة مع إسرائيل وقضية التعليم في المعاهد الخاصة وغيرها.. وما يجعل المواجهة مفتوحة بين الجانبين، النفوذ الكبير لجماعة «غولن» في صفوف قوات الأمن والشرطة والقضاء، فضلا عن المرافق الحيوية في مجال الصحة والتعليم والخدمات، إضافة إلى استقالة 3 وزراء والتعديل الحكومي الذي أحدثه أردوغان والذي مسّ 10 وزراء، يمكن التوقف عند: الكشف عن ملفات فساد جديدة واستمرار موجة الإقالات والتنقلات في المؤسستين الأمنية والقضائية على خلفية المواجهة بين أردوغان وغولن. موجة استقالات جديدة للمسؤولين في حزب العدالة والتنمية، في ظل الحديث عن خلافات بين أردوغان ونائبه، بولنت، الذي يمثل كتلة كبيرة في البرلمان (100 نائب)، فضلا عن خلاف أردوغان والرئيس عبد الله غول. الاستقالة الجماعية ل15 نائبا يمثلون كتلة غولن في البرلمان. تصعيد المعارضة ومطالبتها باستقالة الحكومة ورئيسها، إلى جانب ذلك فالمشهد التركي بات مفتوحا على أزمة سياسية من جديد من نوع أزمات النظام التي تحدث عنها رئيس الوزراء الراحل، بولند أجاويد، في رشارة إلى الدولة الخفية الموجودة في بنيان الحكم وقدرتها على إثارة الأزمات وتغيير التحالفات. ومع انتهاء تحالف أردوغان غولن وتحوله إلى صراع تذكيه بعض أطراف المعارضة، فخارطة التحالفات السياسية والحزبية في البلاد لن تبقى كما هي في المرحلة المقبلة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في مارس القادم التي على ضوء نتائجها تتضح الرؤية.