نعيش في عالم القرية وتحصين الذات يتحقّق بمنظومة تربوية في المستوى تحدّث عن تجربته وقت الثورة والاستقلال، أعطى قراءته للمشهد الإعلامي المتغير ورؤيته للأتي وتداعيات التحديات. إنّه الوزير الإعلامي لمين بشيشي الذي أجرت معه «الشعب» هذا الحوار. - الشعب: حضرتم مؤخّرا بالبويرة الملتقى الوطني حول دور الفنان في تربية النشء، كيف تقيّمون التظاهرة وما هي دلالتها في هذا الظرف من المتغيرات والحراك الثقافي في أبعد مداه ومضمونه؟ * لمين بشيشي: أولا حضوري كان شبه عمرة لأنّ الأقدار جعلتني أن أكون المبادر بفتح معهد البويرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، بفضل والي ولايتها في ذلك الوقت، الذي اتّصل بي وأنا على رأس الاتحاد الوطني للموسيقى. أخبرني أنّ هناك كنيسة كبيرة شبه كاتدرائية وقد غاب عنها الذين كانوا يتردّدون عليها، حيث أنّ المعمّرين غادروا بعد استقلال الجزائر، إنّها تصلح أن تكون مقرا لمدرسة موسيقية، وقلت له في ذلك الوقت بأنّني على استعداد أن أفتح معك هذه المشتلة الأولى لتربية الفنية بالبويرة، ولكن ينقص الأساتذة سكنات. خصّص مسكنين وعيّنت شخصان في ذلك الوقت، وبعد أكثر من ثلاثة عقود وأنا أعود إلى البويرة. والشيء الأعظم هو أنّ هذه المشتلة التي أشهدها اليوم من الطلبة والتلاميذ كبارا و صغارا الذين أتحفونا بإنجازاتهم الفنية الرائعة، بالنسبة لي أحمد الله سبحانه وتعالى أنّني عشت حتى رأيت هذه الثمرة اليانعة. - ساهمتم في تحرير الوطن بعملكم الإعلامي، وتساهمون في ترسيخ الثقافة الوطنية ومحاربة الاستغراب الذي هم من تداعيات الحقبة الاستعمارية، كيف تجري الأمور؟ هل من تقييم للتجربة للمسار؟ * كنت منذ الصغر متيّما بالفنون ولكن هذه الرغبة الملحة في التخصص في هذا الميدان واجهتها صعوبات في الانجاز ثم جاءت الثورة، فلم يبق هناك مجال آخر غير الكفاح، ومادامت لي بعض الإمكانيات بالنسبة للجانب الثقافي والإعلامي انغمست في مجال الإعلام. ساهمت في تأسيس جريدة المقاومة الجزائرية في تونس مع سي محمد الميلي وعبد الرحمان شيبان ومحمد الصالح الصديق، ثم ساهمت مع أخي المأسوف عليه عيسى المسعودي في برامج صوت الجزائر، انتقلت من تونس إلى القاهرة كملحق إعلامي في البعثة الدبلوماسية الجزائرية، ثم أنهيت مشواري في الثورة كإعلامي مسئول على مكتب الثورة في بنغازي، حيث كنت مشرفا على الثورة الجزائرية. بعد الاستقلال كنت مساهما في برنامج الحديقة الساحرة منذ حوالي عشر سنوات ودخلت سلك التعليم كمعلم.
- كيف استطعتم أن تغرسوا في جيل ما بعد الاستقلال الشخصية الجزائرية؟ * خلال عام 1968 كنت أرى التلاميذ يتكلمون باللغة الأجنبية،شعرت كأستاذ اللغة العربية كأنني احرث في الماء . لا اثر لدروسي . بدأت اختار بعض النصوص حول مراكز اهتمام المدرسة كاحترام الأم، الطبيعة، المهن . كنت أختار النصوص والقصائد الصغيرة بلغة سهلة ليست لغة عنتر العبسي وليست اللغة السوقية إنّما اللغة الوسطية، هذه الأنشودات التي نجحت في برنامج الحديقة الساحرة، وحاليا أستغرب حيث أنّ هناك عبارة اشتهرت حتى خارج الوطن وهي: «وان تو ثري فيفا لالجيري» أين نجد فيها الانجليزية الاسبانية الفرنسية دليل على نقطة استفهام كبيرة لتشبّث الشباب بها. في 1982 الأغنية التي اشتهرت في ذلك الوقت «جيبوها يا لولاد» لفرقة البحارة. في 2010، استغربنا للاستماع إلى بعض المعلّقين لاستخدامهم كلمات فرنسية في تغطيتهم للمبارات في القناة التي من شأنها أن يتمكّنوا من اللغة العربية، لقد تكلمت مع سيدة على رئس القناة الثالثة للتلفزيون حول تشجيعهم لهذا النمط، أجابتني: « نحن نأخذ ما نجده في السوق»، في حين أنّ الإذاعة والتلفزيون مدرستان تتعاونا على ارتقاء اللغة العربية. - كيف هو المستوى في القنوات الإعلامية الإذاعية على ضوء تجربتكم في هذا الميدان الأثيري بالخصوص؟ * بالنسبة لي القناة الأولى من المفروض أن تتكلّم باللغة العربية، القناة الثانية تتكلم باللغة الوطنية الأمازيغية، والثالثة ناطقة باللغة الفرنسية، الآن نحن نعيش فترة حرجة بالنسبة للغة الوطنية. الفنان والكاتب على الهامش - كيف تقيّمون حاليا الفنان والكاتب الجزائريين؟ * لدينا كتّاب لهم مستوى رفيع أمثال السيدة زهور ونيسي، حتى بالنسبة لجيل ما قبل الاستقلال يوجد نخبة لا بأس بها إلا أنه لا تلق لا رواجا ولا إعلاميا ولا إشهارا. في 2003 كانت هناك سنة الجزائر بفرنسا، رسمت بتوقيعين من رئيسي الدولتين، حكى لي الكثير من الفنانين قيل لهم إذا أردتم أن تشاركوا في سهرات بفرنسا عليكم أن تقحموا كلمات بلغات أجنبية في أغانيكم. هذا دليل على أن القضية مدبرة منذ ذالك الوقت، التقيت مع سيدة في الأردن أعلمتني أن هناك الكثيرون يتابعون قناة التلفزيون الثالثة. إذا كانت هذه اللغة المستعملة غير مفهومة فإنّهم يتركونها، من المفروض أن لا يكون النطق إلا باللغة الفصحى أو أقل تقدير بالدارجة دون إقحام الكلمات الأجنبية، على المجلس الأعلى للغة العربية الذي له دور استراتيجي أن يتدخل حتى ينقذ اللغة الذي هو مسئول على ثباتها وصفائها. - كيف ترون تأثير القنوات والفضائيات الأجنبية وخاصة الغربية على الشباب الجزائري؟ * الآن العالم أصبح قرية صغيرة إذا أردنا أن نحمي أنفسنا يكون من الداخل، الغزو الثقافي لا يمكن وضع جدار أمامه إنّما يجب أن تحصن أولادك هذا بتحسين البرامج المدرسية. إنّ المنظومة التربوية الوطنية وقع العبث بها والآن دخلت مسئولية أخرى وهي السلم الاجتماعي أي لابد أن يراعى مستوى الأطفال. من تحصّل على شهادة البكالوريا في البلدان المجاورة يعتبر أقوى عن الطالب الجزائري، هذا الموضوع يتعلق بالمسئولين المكلفين بالمنظومة التربوية، هناك برنامج لابد أن يطبّق والبقاء للأصلح خاصة في المقوّمات الشخصية. - هل ترون أنّ الفضائيات الجزائرية الجديدة قد ارتقت إلى المستوى المطلوب؟ * حاليا هذه القنوات أصبح لها زبائن معتبرين، هذه القنوات التي خرجت مثل الفقاقيع دون أي نص قانوني، هذا الموضوع يبدو لي أن له علاقة بالتسيب على المستوى العام، إنّ الدولة هي قوانين إذا لم يحترمها المسئولون الأولون فعلى الدنيا السلام، نحن في عصر شبه فوضى في هذا المجال، والشعب يهتم بتتبع هذه القنوات أكثر من الرسمية التي لا تتكلّم بالنقد أو تربية النشء، الشيء الذي أتحصّر عليه. العبرة بالخواتم.