أكّد المخرج جعفر قاسم أنّ صناعة السينما في الجزائر تتطلّب امكانات مادية كبيرة وكفاءة عالية يجب أن يتميز بها المخرج السينمائي حتى يتمكن من إشباع رغبات الجمهور المشاهد والاستجابة لمختلف الأذواق، مضيفا أنّ الانتاج السينمائي قليل حيث من المفروض أن يتم انتاج على الاقل 50 فيلما خلال السنة الواحدة. وتطرّق جعفر قاسم في تصريح ل «الشعب» إلى بعض المشاكل التي تعترض العمل السينمائي في الجزائر، على غرار غياب الدعم المادي من طرف المؤسسات السينمائية، ما عدا وكالة الاشهار الثقافية التابعة لوزارة الثقافة التي لا تزال على حد قوله تحاول تشجيع الانتاج السينمائي في الجزائر وإعادة هيكلته، لأن الأزمة الحقيقة التي تحول دون تطور الصناعة السينمائية في الجزائر تنطلق أساسا من التمويل. نجاح العمل السينمائي يتطلّب كفاءة عالية أفاد جعفر قاسم أنّ استعمال تقنيات في المستوى لإنتاج الأفلام السينمائية كنظام الرقمنة الذي يسهّل عملية التركيب والتصوير لا يكفي وحده من أجل إنجاح العمل السينمائي، بل يتطلّب بذل جهد كبير وكفاءة عالية وكثير من الخيال والتصور، إلا أن الجزائر تفتقد إلى أناس مؤهّلين في هذا المجال. وأرجع السبب في ذلك إلى ضعف التكوين في المدارس المتخصصة في ذلك، فنجد المدرسة الجزائرية تخرّج سنويا عددا كبيرا من التقنيين والسينمائيين، إلا أنهم يفتقدون للمهنية والكفاءة العالية، وهذا ما لمسناه خلال إعطائنا المجال للطلبة المتخرجين من مدرستي أولاد فايت وبرج الكيفان لكي يكشفوا عن طاقاتهم وما يمكنهم أن يقدموه للسينما الجزائرية، ولكن للأسف فهم غير مؤهلين للعمل السينمائي. الاستنجاد بالخبرة الأجنبية ضرورة ملحة اعتبر الاستنجاد بالخبرة الاجنبية لإنجاح إنتاج الأفلام الوطنية واقع لا يمكن إنكاره، وحلّ لا بد منه يستدعي أن يلجأ إليه المخرج الجزائري، إلا أنه من المؤسف أن لا نجد أشخاصا مؤهلين في الجزائر في المجال التقني وكذا كتابة السيناريو، الذي اعتبره مخرجنا المرض الكبير في الجزائر والنقطة السوداء في العمل السينمائي، حيث يجد المخرج نفسه عالقا بين الاخراج واختيار السيناريو الجيد سواء ما تعلّق بالأفلام الدرامية أو الفكاهية. وأكّد على أهمية الثقافة السينمائية كونها الصورة التي تجعل الدول الأخرى تعطي انطباعا جيدا على الجزائر، وتتشكّل هذه الثقافة من خلال تميز العاملين في مجال السينما سواء المنتجين أو التقنيين أو الممثلين وكتاب السيناريو من أجل تبليغ رسالة إلى الجمهور المشاهد، والبحث عن النمط الذي يستهويهم، لكي لا يهرب المشاهد من السينما الجزائرية نحو الغربية، وبالتالي تصبح الصناعة السينمائية في المستوى المطلوب كما كانت من قبل. ضعف إنتاج الأفلام وراء هروب المشاهد وفيما يخص قاعات العرض لم يجد المخرج جعفر قاسم أي إشكال حول وفرتها من غيابها، بل أكد أن قاعات السينما متوفرة في الجزائر ولكن العائق الاكبر هو ضعف الانتاج السينمائي، وعدم وجود افلام تستهوي المشاهد الجزائري، تجعله لا يقبل بقوة على قاعات السينما حاليا كما كان في فترات سابقة أين كان الجمهور يعشق مشاهدة الافلام في قاعات العرض لأنها تملك نكهتها الخاصة عكس التلفزيون الذي يملك إيجابياته. وأشار في ذات السياق إلى أن المشاهد الجزائري أصبح لا يهتم كثيرا بالسينما الجزائرية كونها لا توفر الافلام التي يريد مشاهدتها، وذهب يبحث عن البديل خاصة مع انتشار القنوات الخاصة بالأفلام، ولكن يبقى الانتاج السينمائي حسب مخرجنا يختلف عن الانتاج التلفزيوني من حيث ما يوفّره للمشاهد. وذكر جعفر قاسم أنّ الانتاج السينمائي شهد تحسنا كبيرا خلال السبعينات، وبعدها تراجع في فترة العشرية السوداء التي تعد أصعب مرحلة مرت بها السينما الجزائرية من خلال تأثيرها السلبي على الصناعة السينمائية وعلى اهتمام المشاهد الجزائري، وبعد انتهاء فترة التسعينات عاد الانتاج السينمائي للبروز بعد فترة من غياب دام سنوات طويلة. فيلم تاريخي يعرض مع أواخر السنة الجارية كشف المخرج الجزائري جعفر قاسم عن جديده في مجال الإنتاج السينمائي، حيث قام بإخراج فيلم تاريخي من إنتاج وزارة الثقافة يتحدث عن مجازر 8 ماي 1945 التي جرت بقالمة، سطيف وخراطة، مشيرا إلى أن قصة الفيلم خيالية ولكن أحداثها مقتبسة من الواقع. وعن المسلسلات التي عرفت نجاحا كبيرا ولقيت صدى واسعا من قبل الجمهور الجزائري، أوضح قاسم أن أعماله متنوعة بين الكوميديا الساخرة على غرار سلسلة الأفلام «جمعي فاميلي» ومسلسل «موعد مع القدر»، الذي يمثل واقع مجتمع، فالمهم هو تبليغ الرسالة بطريقة عصرية تدخل الفرحة في البيوت الجزائرية.