يدفعنا ذكر الأمة إلى التفكير في بناء أمة والمعرضة بالضرورة إلى كل المخاطر في القرن ال21، اضافة إلى ذلك، فإننا نعلم أن وادي ميزاب كان عرضة لأعمال عنف بشكل دوري، لاسيّما بداية السنة الحالية 2014، أين أظهر العنف الذي تخلل أزمة غرداية الأوضاع المعيشية السيئة للمنطقة، هذا هو الثمن. ولكن سكان ميزاب يعتقدون بشكل خاص أن الدولة لم تضمن بشكل كاف أمنهم، وأن المشكل على حاله منذ زمن طويل. وبالمقابل، يتم الإعلان عن إنشاء (مركز عملياتي) مختلط للدرك والأمن الوطنيين بهذه الولاية، هدفه بسط الأمن بالقوّة. يدفعنا ذكر الأمة إلى التفكير في بناء أمة والمعرضة بالضرورة إلى كل المخاطر في القرن ال21، اضافة إلى ذلك، فإننا نعلم أن وادي ميزاب كان عرضة لأعمال عنف بشكل دوري، لاسيّما بداية السنة الحالية 2014، أين أظهر العنف الذي تخلل أزمة غرداية الأوضاع المعيشية السيئة للمنطقة، هذا هو الثمن. ولكن سكان ميزاب يعتقدون بشكل خاص أن الدولة لم تضمن بشكل كاف أمنهم، وأن المشكل على حاله منذ زمن طويل. وبالمقابل، يتم الإعلان عن إنشاء (مركز عملياتي) مختلط للدرك والأمن الوطنيين بهذه الولاية، هدفه بسط الأمن بالقوّة. إن الأسباب الكلاسيكية معروفة: ضيق الأفق، نقص المشاريع التنموية، إستفحال الآفات الاجتماعية. إن غالبية شباب غرداية ساخطون على المشاريع التنموية المنجزة في ولايتهم، المتخبون والأعيان يشجبون المخدرات، فمن يقف وراء هذه الأحداث هم بارونات المخدّرات والجريمة، وبطريقة خاطئة قلّلنا من أهمية عاملين، تخريب مقام عمي موسى في مقبرة عمي سعيد. «المقابر المسيحية بغرداية لم يتم استهدافها ولا مرّة منذ الاستقلال. لماذا إذا يتم التعرّض لمقابر المسلمين إباضيين؟ نلاحظ هنا، أن الأسباب تبدو أكثر عمقا وأن العلاج المعتمد تعزيز الأمن وإن كان يمكّن من ربح المزيد من الوقت، فإنه لا يمكنه حلّ المشكل في العمق في حين لا يحتمل الوضع التأجيل بتاتا. بنو ميزاب، جزائريون بدون تمييز تأسست ميزاب ومنذ قرون على قيّم العروبة والإسلام، وتشكّل جزءا لا يتجزأ من الجزائر، ومن هذا المنطلق، فإن بني ميزاب هم جزائريون بحصة كاملة دون أي تمييز، ومن حقهم الذي لا يقبل النقاش العيش في أمن وسلام في ظل القانون والحق الذي يضمن عدم التعرّض لهم ولا لأملاكهم، ليس هناك سبب كاف يمنع من تكرار ما حصل على مدار قرون في الجزائر المستقلة، المزابي يجب أن يبقى دائما أحد أحسن الأمثلة للوئام الذي يشكل إسمنت تناغمنا المجتمعي. المخاطر التي تهدد وحدة البلاد نسمع من هنا وهناك، عن تجزئة الدول العربية وتقسيمها، ولا يزال راسخ في أذهاننا تقسيم العراق إلى ثلاثة منطاق، وتقسيم السودان وما انجرّ عن ذلك من فوضى، الحرب الأهلية في ليبيا التي لم تعد لديها مؤهلات الدولة، الجحيم السوري، ومشروع تقسيم اليمن إلى ستة مناطق والجاري حاليا. وكل هذا بسبب الغياب العربي الذي فسح المجال ل»مبادرة الشراكة شرق أوسطية». إن الأمر يتعلق بغيوم تتجمع حول الجزائر، وأحداث غرداية لا يجب التقليل من شأنها، نتذكّر بألم حادثة تيڤنتورين، كنا نظنّ خاطئين الخطاب الذي كان سائدا هو أننا لسنا معنيين، وأننا دفعنا الثمن، وأن «الربيع العربي» بالنسبة لنا كان شهر أكتوبر 1988، ولم نكتف بذلك، وقتل بعضنا بعضا، خلال عشرات السنين، تحت الأنظار غير المبالية للغرب الذي كان يعدّد النقاط، وبعد ذلك كانت الحصيلة مائتي ألف قتيل ولازلنا في نفس النقطة. نحن مصابون بالهشاشة أكثر من أيّ وقت مضى، في هذا يحدثنا فرنسوا شارل: «خلال الأشهر الماضية نشرت الولاياتالمتحدةالأمريكية في الساحل الجنوبي لإسبانيا قوات المارينز بعد أن صنفت الجزائر في خانة (البلد غير الآمن على سلامة دبلوماسييها»). ولم تخف نواياها التدخلية في شمال إفريقيا، هذا دائما، وبعد مالي وبالنظر إلى حالة التوتّر التي تعيشها المنطقة ككل، نجد الهواجس الجزائرية ما يبرّرها (..) (..) من العراق «أسلحة الدمار الشامل» إلى ليبيا «االدموي» القذافي «الصديق المفضّل لفرنسا، من سوريا إلى مالي، من كوت ديفوار إلى إفريقيا الوسطى... يتبيّن وعلى وجه الخصوص عدد الحروب التي شنّت باسمها في القارة، لكي نستطيع قياس حجم السياسة «الإنسانية».(1). ماهي الأمة؟ كيف نقضي على شياطين التقسيم والذهاب إلى العيش معا؟ التعريف الكلاسيكي: «الأمة هي تركيبة إديولوجية أكثر منها حقيقة ملموسة، أصولها مرتبطة بمفهوم الولادة، في حين أنها بالنسبة لآخرين فإن الأمة تعرف ب: الإقليم، العرق، اللّغة، الدّين، الثقافة. رينات في محاضرة له يوم 11 مارس 1982، اعتبر أن الأمة تقوم وفي الوقت نفسه على ماضي موروث يجب تشريفه، وعلى الإرادة الموجودة من أجل إستمراره. «الأمة هي روح، مبدأ روحي، إحداها في الماضي والأخرى في الحاضر، واحدة هي الإمتلاك المشترك لمجموعة غنية من الذكريات، الأخرى هي الرضى الراهن، الرغبة في العيش معا، الإرادة في مواصلة الحفاظ على الإرث الذي تحصّلنا عليه بشكل غير مجزّء، إتفاق كبير بين رجال بصفاء سريرتهم وحرارة قلوبهم، أنشأوا ضميرا واعيا يسمى الأمة»(2). في وقته عبد الحميد بن باديس، حاول إيجاد إجابة في صحيفة «الشهاب» لشهر أفريل 1936: «بحثنا في التاريخ وفي الحاضر كذلك، وسجّلنا أنّ الأمة الجزائرية كائنة وموجودة، شأنها شأن الأمم الأخرى الموجودة على وجه الأرض، هذه الأمة لها تاريخها المضيء بأحداثه الكبرى، لها وحدتها الدينية واللغوية، عندها ثقافة، لها تقاليدها وخصوصيتها سواء كانت طيّبة أم خبيثة، وهذا شأن كل من على الأرض»(3). رغم أنه وبالعودة إلى التاريخ، مفهوم الأمة شكّل ميثاق حلف بين الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) ويهود المدينة «نطالع في هذا أن الرسول (صلّى الله عليه وسلّم)، وضع دستورا يحدّد مسؤوليات كل مجموعة تقيم في المدينة، كما يضمّ واجبات الواحدة تجاه الأخرى، كل مجموعة عليها إحترام هذا الميثاق، وكل مخالفة لذلك تعتبر خيانة، حسب أحد البنود الواردة في هذا الميثاق الذي ينص في بنده الأول على أنّ كل سكان المدينة أي بمعنى كل المسلمين، اليهود، المسيحيين وكل الذين وقّعوا على هذا الميثاق، يشكلون «أمة واحدة، باستثناء الآخرين». الكل كان يعتبر كفرد من المدينة وأحد مواطنيها، بغض النظر عن عرقه، دينه أو توجهه. غير المسلمين كانت تتوفر لديهم نفس الحماية والأمن كالمسلمين تماما، وهذا حسب ما ورد في بند آخر الذي ينص: «اليهود الذين معنا يحصلون على المساعدة ويعاملون بطريقة متساوية، لن نتخلّى عنهم ولن نقدّم أي دعم لأعدائهم»(4). ظهور أمة يمرّ بتاريخ يتبنّاه الجميع إن استقلالنا بلغ سن النضج، إذ أن الجزائر تحاول دائما التموقع في محيط دولي معادي، كتابة التاريخ وبروز مشروع مجتمع ينتظر الكتابة، بمعنى علينا تأهيل تاريخ البلاد، بطريقة تجعله مستوعبا من قبل جميع الجزائريين وتدريسه في المدرسة بالتزامن وتلقين أسس العيش معا. الجزائر لم تطرح السؤال على نفسها ولا مرة لمعرفة من هي حقيقةً، هل نحن أمة؟ الشباب الجزائري بوعيه غير المحصّن بسبب المنظومة التربوية الفاشلة، يعرف نفسه بالنسبة للحي، للقبيلة، للأقلية التي ينتمي إليها، قلّما يشعر بجزائريته، ماعدا في الحلقات الحماسية لكرة القدم، هناك من لايزال مولعا فكريا بالشرق الأوسط بإسم العروبة (البعث)، وهناك من يعتقد أنه يجب العودة للحصن الأمازيغي المغاربي، وهناك في الأخير من يفضلون الحديث عن الأمة وليس البلد. على العكس الجيران التونسيون المولعون بأسسهم الصلبة الموغلة في التاريخ: فعلى سبيل المثال نجد على الأوراق النقدية صورة هنبعل القرطاجي، تمثال ابن خلدون في الشارع الرئيسي للعاصمة تونس، وحتى القديس أوغستين تم إستغلاله لنفس الغرض، عندنا الجزائريون لديهم ما يشبه حقد على الذات، لا شيء! أصبنا بفقدان الذاكرة فيما يخص تاريخ بلادنا. ماهو الحل في القريب العاجل في التاريخ المعاصر، عرفت الجزائر محاولات تقسيم «عرقي» وكورقة أخيرة للسلطات الاستعمارية، شهر أوت 1961، آلان باير ريغيت أعدّ تقريرا يتضمن مشروعا لتقسيم الجزائر، نجت منه الجزائر بأعجوبة، وهذا بفضل قوّة الثورة المجيدة، وبالنظر إلى التحديات الكبرى التي تواجهنا اليوم فجزائري القرن 21 فخور بهويته الدينية والثقافية الغنية، إضافة إلى ذلك الأحداث بيّنت أن المثل القديمة، الأعيان، والشخصيات الدينية تراجع تأثيرهم على الأحداث، ففي زمن الأنترنت لم يعد في الإمكان إخفاء شيء، وفي الوقت نفسه هذا مكسب إذا عرفنا إستغلاله من أجل الوصول إلى الشباب عن طريق خطاب مسؤول، وهو في الوقت نفسه سلاح لأولئك الذين يسعون لزعزعة الاستقرار في البلاد. وهنا نسجل أننا لم نؤسس لحصانة دفاعية تحمي البلاد. «الحل لا يجب تأجيله» وهو إطلاق ورشات للعيش معا دون تأخير وهذا يمرّ بثلاثة عوامل لا يمكن الإستغناء عنها. أولا وقبل كل شيء، المدرسة: يجب أن تنال برامج العيش معا وتلقين مبادئ المواطنة العناية الفائقة، من خلال برنامج يمتد على مستويات مختلفة إلى الطور الثانوي، هذا البرنامج يجب أن يشكل مادة تدريس في الجامعة بغض النظر عن التخصص. في نفس السياق، حان الوقت للتخلّى عن نظرة الإكتفاء الذاتي الثقافي لكل ولاية، وهذا من خلال كون الجزائريين والجزائريات يولدون، يعيشون ويدرسون في المدرسة، في الثانوية والجامعة، وهذا كله في نفس المدينة أو الولاية، ولهذا آثاره السلبية لأن الجزائريين بهذا لا يتعرّفون على بعضهم البعض. من الضروري تشجيع الإختلاط، عوض أن تضم المؤسسة الجامعية تخصصا واحدا، فليكن هناك إستقطاب وطني الذي يضمن وحده هذا الاختلاط والتمازج ويسمح بالانفتاح على العالم. العامل الثاني يخص الخدمة الوطنية المصفوفة الفعلية للهوية الجزائرية، إذا عرفنا إستغلال ذلك، فبالاضافة إلى الانضباط والجهد البدني، هناك كذلك تلقين للمواطنة، فالجزائريون من كل المناطق يختلط بعضهم ببعض ويتعلمون كيف يتعرّف الواحد على الآخر، وبالتأكيد أن كل واحد يعلم أن علاقات الصداقة التي تم ربطها خلال الخدمة الوطنية هي صداقات دائمة. هناك كذلك إطلاق عملية تفكير حول مهمة وزارة الشباب والرياضة والتي لا يجب إختصارها في فريق كرة القدم. لتكون رأس حربة في التعليم وعن طريق الرياضة لمبادئ التسامح، المواطنة، في نفس الإطار وبدرجات مختلفة، وزارة الثقافة لا يجب أن تكتفي بالترويج، ولكن كذلك بيداغوجية الشخصية الجزائرية عن طريق التاريخ، الثقافة، أعمال مهمة يجب القيام بها من أجل فتح كتب التاريخ، هناك في الأخير وزارة الشؤون الدينية التي يجب أن يتماشى دورها مع التحديّات التي تواجه الجزائر، من خلال إظهار القيّم التي جاء بها الإسلام والدعوة إلى العمل بها، ومن خلال النداءات المستمرة والمتواصلة الداعية إلى التسامح، والعيش جنبا إلى جنب بطريقة سلمية، وجهد كل واحد في الشعور بالإنتماء إلى الأمة.