باشر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمس الأربعاء، زيارته إلى بروكسل لمناقشة الأزمة في أوكرانيا مع قادة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد أن أسقطت طائرة أوكرانية بمنطقة مجاورة لروسيا. قالت سلطات إقليم ترانز دنيستر، المنشق عن جمهورية مولدوفا الموالي لروسيا، إنها أسقطت طائرة أوكرانية دون طيار كانت تقوم باستطلاع فوق أراضيها، في حين وصف أوباما ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم بأنه ليس صفقة منتهية، مضيفا أن موسكو ستدفع الثمن. من جهتها أعلنت إدارة الطاقة وتغيّر المناخ البريطانية، أن لندن تعيد النظر في اتفاق أبرمته مع شركة روسية للتعاون النووي. وكانت أزمة أوكرانيا قد طغت على قمة لاهاي حول الأمن النووي والتي أنهت أعمالها، قبل يومين، وأقرت نقل اجتماع مجموعة الثماني من مدينة «سوتشي» الروسية إلى بروكسل في بلجيكا. ووجه أوباما رسائل إضافية إلى نظيره الروسي بوتين مفادها، أن استمرار الموقف الروسي إزاء الأزمة الأوكرانية قد يعجل بمزيد من العقوبات الاقتصادية. ووصف أوباما روسيا بأنها قوة إقليمية استولت على جزء من أوكرانيا من منطلق ضعفٍ وليس قوةٍ. وأضاف، نحن في الولاياتالمتحدة لدينا تأثير كبير على جيراننا ولا نحتاج بصورة عامة إلى غزوهم لنقيم علاقة تعاون قوية معهم. وقد رسمت القمة معالم سياساتها المستقبلية لعزل روسيا ومواصلة الضغط الدبلوماسي عليها وفرض عقوبات اقتصادية جديدة بغية إضعافها. ومن المقرر أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، على مشروع قرار وزعته أوكرانيا يقر بعدم شرعية الاستفتاء الذي أُجري في شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستوبول ويطالب جميع الدول الأعضاء بعدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تفسر بأنها اعتراف بالوضع الناشئ عن الاستفتاء. وكانت روسيا قد استعملت حق الفيتو بخصوص مشروع قرار مماثل قدمته أمريكا إلى مجلس الأمن. وقد سيطرت القوات الروسية والموالية للروس على القرم منذ ثلاثة أسابيع وأحكمت قبضتها على غالبية القواعد والسفن الأوكرانية في شبه الجزيرة التي ألحقت بروسيا وعلا علمُها كل مقار الوحدات العسكرية بالقرم. وأمام هذا الوضع، يتضح أن الأوروبيين والأمريكيين غير مستعجلين في إخراج روسيا من القرم، لأن وجودها هناك منحهم فرصة تاريخية لعزلها وفرض عقوبات اقتصادية، والصراع على أوكرانيا عموما وشبه جزيرة القدم على وجه الخصوص لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكمات تاريخية، حيث كانت أوكرانيا، قديما وحديثا، حلبة صراع الأنداد وتصفية الحسابات، فروسيا وليتوانيا وبولوندا، إضافة إلى النمسا وتركيا، احتلت أجزاء من أوكرانيا في فترات تاريخية مختلفة، ترتب عن ذلك حقيقة مفادها، أن المصير الأوكراني عبر التاريخ لم يكن بأيدي أبنائها بل كان بأيدي لاعبين من خارجها. وقد اعتبر رئيس مجلس الدوما الروسي، سيرغي ناريشكين، أمس، أن الغرب بفرضه عقوبات على موسكو يحمل مواطنيه فاتورة فشل سياسته بأوكرانيا.