اندلاع الثورة التحريرية المباركة محطة حاسمة في النضال التحرري بالجزائر واعلان القطيعة مع المستعمر الفرنسي الذي تمادى في تشويه الحقائق والتنكر لوجود أمة جزائرية عبر العصور ساهمت في الحضارة الانسانية. الثورة التحريرية بداية مرحلة جديدة في التاريخ الوطني حيث كانت عزيمة مفجري شرارة أول نوفمبر والشعب الجزائري أصلب مما كانت عليه، حيث أرادوا الحرية فعملوا على تحقيقها. وفي هذا الصدد، قامت جريدة "الشعب" بجمع بعض الحقائق التي تحتوي على شهادات مجاهدي منطقة الولاية التاريخية الثانية بقالمة تحديدا. فكان الحديث مشوقا مع صناع الحرية أمثال مخانشة إسماعيل، رقيق مسعود، فيصلي بوجمعة، بن صويلح نور الدين، وغيرهم ممن عاشوا الحدث، وزودتنا مديرية المجاهدين بأشرطة سمعية بصرية وشهادات لمجاهدين رحلوا عنا، لكنهم أحياء في الذاكرة الجماعية الحية. قال أكثر من مجاهد في سرد تفاصيل ما حدث في قالمة قلعة الثوار: "بعد الإعداد للثورة الذي بدأ مع ميلاد المنظمة السرية والتعبئة التي قام بها بعض القادة أمثال عبد الله نواورية ولخميسي فلكاوي وصالح دحمون، انتقلت عمليات التوعية العامة إلى المشاتي، حيث شهدت مختلف ضواحي قالمة إجتماعات تنظيمية خاصة من قبل بعض المناضلين الذين كانوا مطاردين، من قبل المستعمر وهاربين بالجبال ومن بينهم العيد خن، والشخشوخي، ولوصيف محمد الصالح المدعو رابح الأمة وآخرين بناحية دباغ". وقد عمل كل من فلكاوي لخميسي وعيسى بن طبولة وفتيسي عاشور على تنظيم المنطقة وجمع الإشتراكات وإنشاء الخلايا مع التوعية والتعبئة الجماهيرية، أما من ناحية حمام النبائل فقد عمل باجي مختار رفقة نواورية عبد الله ومجموعة من المناضلين على تهيئة المنطقة للعمل الثوري. تكونت خلايا في هوارة وذلك لنفس الغرض، حيث تمت لقاءات بواسطة بن طبولة عيسى الذي اتصل بحدادي عمر، حيث تركزت هناك العمليات في جوان على تخريب ونهب ممتلكات المعمرين. وأعطى المجاهدون الذين حاورناهم، تفاصيل عن العمليات العسكرية التي خاضوها بتحد وعزيمة همهم الأول تحرير الوطن. وقالوا في هذا الشأن: "شهدت العمليات بصورة فعلية يوم 06 نوفمبر 1954 ناحية حمام النبائل، وزادت الثورة اشتعالا وتوهجا في الولاية التاريخية الثانية يوم 20 أوت 1955 المحطة الحاسمة والمنعرج التاريخي". 20 أوت أول يوم يقع فيه صدام عسكري في وضح النهار، أخلط كل حسابات وادعاءات العدو الذي روج لها منذ عشرة أشهر، محاولا بذلك تحطيم معنويات الشعب الجزائري وإخماد الروح الوطنية للجزائريين الذين تحرروا من التردد وانخرطوا في معركة الحرية والعزة. شهدت ولاية قالمة معارك عديدة، أبرزها معركة البسباسة ( الدهوراة )بتاريخ 06 مارس 1956، و بعد أن قام مجاهدو ومسبلو الناحية بإحضار الخيول والبغال وقطع خطوط الهاتف، وسد الطرق المؤدية إلى ثكنة البطيحة، شرعوا في تنفيذ العملية ليلا وذلك بتبادل الإشارات بينهم والحراس، حسب الخطة المتفق عليها. فكيف تم ذلك؟ قال المجاهدون في شهاداتهم: "فتح أبواب الثكنة للمجاهدين من طرف، أعوان أبن سالم فاستولت مجموعة منهم على مخزن الذخيرة والأسلحة، ومجموعة أخرى حاصرت الضابط وبقية الجنود الفرنسيين، فتم قتل بعضهم وأسر البعض الآخر." وأضاف هؤلاء: "بعد أن تمت المرحلة الأولى بنجاح أعطيت الأوامر لأصحاب الخيول والبغال، بالتقدم نحو الثكنة لحمل الغنائم المتمثلة في تسعة مدافع رشاشة، ثلاثة مدافع هاون عيار 60 ملم، مدفع هاون عيار 80 ملم، 45 رشاشا من نوع "طامسون" و«ماط 49" وما يزيد عن خمس وخمسين بندقية من نوع قارا وسبوعي من صنع أمريكي، ومجموعة من المسدسات ومدفعين "بازوكا"، وعدة أكياس من القنابل اليدوية، وحوالي عشرين صندوقا من الذخيرة المختلفة، بالإضافة إلى ما حمله الملتحقون من أسلحة." وفي هذا السياق، قال المجاهد إسماعيل مخانشة، أنه بعد أن انسحبت القافلة المحملة بالغنائم أعطيت الأوامر بإضرام النار في الثكنة، وبعد طلوع النهار تفطن العدو وقامت قواته بملاحقة المجاهدين الذين نفذوا عملية تسمى بالبطيحة، مضيفا أنه تم إلقاء القبض على أربعة مسبلين كانوا على متن خيولهم وبغالهم عائدين بعد إنتهاء مهمتهم، حيث تم استنطاقهم إلا أنهم أبوا إفشاء السر فقتل ثلاثة منهم. ويتعلق الأمر بخمايسية العربي، شلغاف لخضر والثالث يسمى عبد الواحد. أما الرابع فحملوه على متن طائرة هيليكوبتر، حيث سلطوا عليه أشد العذاب وقذفوا به من علو الطائرة فاستشهد هو الآخر. وبالنسبة لجيش المشاة، فقد توجه إلى حيث يتمركز المجاهدون، فبدأت معركة حامية الوطيس، أثناء ذلك استنجد العدو بالطائرات والقوات المدرعة، وذلك بعد أن تكبد خسائر فادحة، وقد أسفرت المعركة عن خسائر في صفوف العدو، ومقتل ما يقارب خمسة وأربعين جنديا بينهم ضابط برتبة عالية. أما خسائر جيش التحرير الوطني يقول المجاهد مسعود رقيق فبلغت أربعة وثلاثين شهيدا، ونتيجة الخسائر بصفوف العدو يومي 06 و07 مارس 1956، فقد صب جم غضبه على المواطنين العزل وجمعهم من مشاتي القراير، الجفارة، الطملة القلب، البسباسة، فج الرامول، بمكان يدعى البسباسة وأطلق عليهم الرصاص ثم صب عليهم البنزين وأحرقهم وعددهم 365 شهيد. معركة أم النسور بجبل ماونة: 24 جانفي 1958 كان جيش التحرير في هذه المعركة مكونا من كتيبة من القسم الأول لناحية ماونة به ثلاث فرق تحتوي على 96 مجاهدا، وكل فرقة مزودة ببندقيتين رشاشتين المجموع 05 من نوع 42MG ألمان وواحدة بران من صنع إنجليزي ومدفع هاون عيار 45 مم، وان المجاهدين كانوا يحملون بنادق حربية من نوع عشاري (303) إنجليزي موز ير ألمان قارة أمريكية، ورشاشات من نوع "ماط 49" فرنسية بريطة إيطالية وتشيكية. وقد أسفرت المعركة عن خسائر بصفوف جيش التحرير ب44 شهيدا، بينهم قائد الكتيبة علي زغدودي المدعو بلخير، خمسة أسرى أحمد مومني المدعو حمودة، عبد الله طبه، عمار رواقدية، إبراهيم الربيعي، مسعود بومعزة ( توفي في السجن بعد أيام )، كما أستشهد ثلاثون مجاهدا من قافلة الولاية الثالثة المتوجهة إلى تونس، ومن ضحايا الحرب قتل مواطن وهو زغدودي عيسى. تمثلت خسائر جيش العدو في قتل حوالي 500 عسكري من بينهم 112 من اللفيف الأول الأجنبي للمظليين (ere REP 1 ) و500 جريح، هذا حسب المعلومات التي تم الحصول عليها في مفكرة قائد طائرة الهيليكوبتر العقيد جان بيار، الذي أسر في مارس من نفس السنة في الحاج أمبارك بضواحي قالمة، أما اللفيف الهند الصيني قضي عليه تماما. معركة مرمورة 28 ماي 1958 لقد قتل المئات من جنود العدو الفرنسي في هذه المعركة من بينهم العقيد جان بيار الذي استدعي خصيصا من حرب الهند الصينية للقضاء على الثورة الجزائرية، حسب الاستراتيجية الاستعمارية الفرنسية، مما أحدث أثرا عميقا في وسط المستدمرين الفرنسيين في مدينة قالمة، وهذا حسب ما ورد في مجلة "هيستوريا" أما عن نتائج هذه المعركة في صفوف جيش التحرير الوطني، فقد أستشهد ما يزيد عن خمسين مجاهدا. ومن أهم المعارك الأخرى معركة غار الدحرج، معركة قلعة دباغ 1956، معركة بني عدي بجبل دباغ (بلدية عين احساينية في 14/02/1956)، معركة كاف إبراهيم:"بوجدرة"(بلدية لخزارة 12/11/1956)، معركة مشتة بلحاف: (بلدية تاملوكة 17/05/1961 )، معركة دوار القرار: (بلدية الركنية 11/09/1961)،، اشتباك جبل دباغ: ( 04/03/1962) قائدها بوبيدي عبد الله وغيرها من المعارك الأخرى. فيما يخص بعض مراكز التعذيب والقتل الجماعي بولاية قالمة، فتمثلت حسب شهادات المجاهدين في 35 مركزا في كل من مدينة قالمة، بلخير، حجر منقوب، عين العربي، ضيعة علي الشريف بعين العربي، لخزارة، بوحشانة، بومهرة أحمد، بلاد غفار، ضيعة أندريا، هيليوبوليس، ضيعة لافي بهيليوبوليس، الفجوج، عين حساينية، بن جراح، حمام مسخوطين، بوشقوف، مجاز الصفاء، فراغة، حمام النبائل، العلمة، تاملوكة، بالطا ببلدية تاملوكة، خماسة، مشتة زيتوني. أما فيما يتعلق ببعض المحتشدات الموجودة بولاية قالمة خلال الثورة، منها ثلاثون محتشدا في كل من عين العربي، لخزارة، بلخير، بومهرة احمد، هيليوبوليس، الفجوج، عين حساينية، قالمة، بوشقوف، مجاز الصفاء، عين بن بيضاء وتاملوكة.