بعد ثلاثة أيام من الهلع والترقّب، انتهى الكابوس وتنفس الفرنسيون الصعداء واستعادوا بعض السكينة والاطمئنان ليباشروا حياتهم من جديد وكلهم عزم على مساندة الحكومة وأجهزتها الأمنية والمخابراتية في حربها ضد الإرهاب. لقد انتهت الأيام العصيبة التي عاشتها باريس بضريبة ثقيلة، حيث خلفت الهجمات التي شهدتها مابين الأربعاء والجمعة الماضيين، 17 قتيلا و20 جريحا. وعن هذه الحصيلة الثقيلة، قال رئيس الحكومة الفرنسي، مانويل فالس، في لقاء تلفزيوني، إن 17 قتيلاً سقطوا خلال ثلاثة أيام، مؤكداً وجود "أخطاء" في الاستعدادات لمراقبة الأشخاص الذين يشتبه في احتمال ارتكابهم اعتداءات إرهابية. فرغم أن منفذي الهجوم، كانا تحت رقابة الشرطة الفرنسية لفترة من الزمن، كما أنهما مدرجان على قوائم إرهاب أميركية، فإنهما تمكنا من تنفيذ عمليتهما من دون أن تتمكن القوات الأمنية من منع وقوعها. تصريحات فالس جاءت بالتزامن مع تبنّي تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن، الهجوم الذي نفذه الأخوان كواشي. وكانت الخيوط الأولية للتحقيق سرعان ما أكدت ارتباط منفذي هذه العمليات بتنظيم القاعدة في اليمن، حيث أكد شريف كواشي أحد المشاركين في الاعتداء قبل مقتله، أن تنظيم قاعدة الجهاد في اليمن قام بتمويله وأرسله للقيام بالعملية. مسيرة حاشدة بمشاركة قادة أوروبيين وأكد كواشي أن سفره إلى اليمن في 2011 كان ممولاً من الأميركي اليمني الأصل أنور العولقي، الذي قتل في اليمن في غارة لطائرة أميركية من دون طيار في 30 سبتمبر 2011. وبينما يواصل الفرنسيون استعادة أنفاسهم وتجاوز حالة الصّدمة، تستعد باريس، اليوم، لتحتضن مسيرة حاشدة، بمشاركة قادة أوروبيين، أطلق عليها "مسيرة جمهورية" للتضامن مع فرنسا في محنتها ولدعمها في محاربة الإرهاب. فتلبية لدعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، سيشارك القادة الأوروبيون، اليوم، في مسيرة "جمهورية" إلى جانب مئات آلاف الفرنسيين، بينهم الألمانية أنغيلا ميركل والإيطالي ماتي ورينزي والبريطاني ديفيد كاميرون والإسباني ماريان راخوي، ورؤساء حكومات السويد والنرويج والبرتغال والدنمارك وبلجيكا وهولندا. وفي حين لاتزال ردود الفعل العالمية على الأحداث غير المسبوقة في باريس تتعاقب، وتلبية لدعوة الرئيس فرانسوا هولاند، أعلن رئيسا الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والإسباني ماريان وراخوي مشاركتهما في المسيرة، إلى جانب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس أوكرانيا بترو بوروشنك ورئيس مجلس أوروبا دونالد توسك ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ورؤساء حكومات السويد والنرويج والبرتغال والدنمارك وبلجيكا وهولندا ومالطا وفنلندا ولوكسمبورغ. من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تضامن بلاده بكل قوة مع فرنسا، مشيرا إلى "القيم العالمية" التي تربط بين البلدين مثل "الحرية". هذا واتخذت السلطات الفرنسية أوامر بتعزيز الإجراءات الأمنية بباريس وضواحيها من خلال نشر 500 عسكري، اليوم، لانعقاد مؤتمر دعت إليه فرنسا. تجمعات تضامنية، بكندا وأميركا تقام، اليوم، في كندا والولايات المتحدة، تجمعات تضامنا مع ضحايا الاعتداء الذي تعرضت له صحيفة "شارلي إيبدو" الأربعاء، والرهائن الذين قتلوا، الجمعة، في باريس. وتزامنا مع "المسيرة الجمهورية" التي ستنظم في باريس، من المقرر أن تكون هناك مسيرة صامتة في واشنطن بعد ظهر اليوم، يشارك فيها سفير فرنسا جيرار أرو. وقالت السفارة، إن المسيرة المفتوحة لمن يرغب "هي للتضامن مع ضحايا الدفاع عن الحرية"، وستجري بين المتحف المخصص للصحافة "نيوزيوم" والنصب التذكاري لقوات الأمن، ومن المقرر أن يتم تجمّع مماثل في نيويورك في واشنطن سكوير بعد الظهر. وفي كيبيكومونتريال وأوتاوا وفانكوفر بكندا ستنطلق مسيرات صامتة. وقالت سيفيرين بواتييه، وهي إحدة المسؤولات عن "تجمع شارلي إيبدو" في مونتريال "تضامنا مع المظاهرة التي ستجري في باريس" فإن مسيرة صامتة ستجري في مونتريال لتنتهي أمام القنصلية العامة لفرنسا.