يبقى الجزائري محتارا في أغلب الأحيان حول الوجهة السياحية التي يختارها لقضاء العطلة السنوية، في ظل كثرة العروض الخارجية التي تروج لوجهات اليونان، تركيا، تونس، المغرب ومالطا، وحتى الولاياتالمتحدةالأمريكية وتايلاندا وماليزيا التي دخلت سوق المنافسة وباتت تستقطب الكثير من الجزائريين الميسوري الحال. بالمقابل، يضطر الكثير من البسطاء لتقبل ضعف الخدمات والظفر بقضاء بعض الأيام في جيجل، عين تموشنت، وهران، عنابة، بجاية وغيرها من الولايات الساحلية التي منحها الله أجمل الشواطئ في العالم ولكن يد الإنسان لم تترك فيها الإبداع اللازم للرقي بها. وبين ما يوجد هنا وما يتواجد هناك تفصل الأموال في الوجهة فالذين فضلوا الذهاب إلى تونس استفادوا من التخفيضات المغرية جدا للوكالات السياحية التي رفعت من نشاطها بعد الاعتداءات الإرهابية التي شهدتها سوسة حيث تم إلغاء جل الحجوزات الأوربية ليتم تعويضها بالجزائريين الذين توجهوا بأعداد قياسية بعد نهاية شهر رمضان المعظم واحتلوا تقريبا كل الفنادق والمراكز السياحية متمتعين بالعروض التي تضمن 10 أيام بخدمات راقية بمبالغ لا تتجاوز 400 أورو، وإذا قارنا ذلك بالجزائر فان هذا المبلغ يضمن لك المبيت فقط ل 4 أيام بولاية جيجل التي وصل فيها كراء الشقق المتواضعة إلى 7000 دج ولنا أن نقارن. وتبقى وجهة تركيا مفضلة كذلك في ظل العروض التي لا تنافس حيث تعرض بعض الوكالات مبالغ ب 150 ألف دينار جزائري لقضاء 15 يوما في تركيا باحتساب تذكرة الطائرة وهو ما دفع بالكثيرين إلى اختيار الدولة العثمانية لتغذية فضول ما يشاهدونه في المسلسلات وما قرأوه في التاريخ. خطابات بعيدة عن الواقع تمر الأيام والأسابيع وهي تتشابه على موسم الاصطياف في الجزائر، ومازال النقاش يدور حول حظائر ركن السيارات أن كانت بالمجان أو لا مع تسجيل اختناق كبير في حركة المرور وضعف الخدمات المقدمة على مستوى الشواطئ. يحدث هذا في ظل كثرة الخطابات التي طمأنت الجزائري حول تمكينه من عطلة مريحة في بلده ولكن لا شي تحقق، وبسط السماسرة يدهم على كل شيء. جيجل التي يقصدها مئات الآلاف في موسم الاصطياف باتت ولاية للابتزاز والسطو على أموال الناس بالباطل فسعر ليلة واحدة في الشقق فاق 7000 دج، وهو ما يضاهي أسعار بعض الفنادق في نيس الفرنسية. ويطرح انتشار هذه السلوكات وتسليم كل شيء للسوق الموازي الحديث عما ذكره قبل موسم الاصطياف التي لم تتجاوز صفحات ونشرات وسائل الإعلام بينما الحديث عن الواقع أمر آخر ويصل إلى حد التناقض. إن المرحلة التي تمر بها البلاد خاصة بعد تراجع أسعار النفط تدفعنا لفعل كل شيء لإقناع الجزائري بالبقاء في وطنه وتمكينه من قضاء عطلة في المستوى تكون دافعا له للتأكد من تطوير قطاع السياحة وتمكين الخزينة العمومية من أموال كبيرة يمكن أن تحول لاستثمارات جوارية تكون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والسياحة الجزائرية التي لم تستطع الإقلاع بالرغم من حملات التحسيس الكثيرة. إن تقييم نجاح المواسم السياحية في مصر والأردن وتونس، يكون بالعائدات التي تتراوح في هذه الدول بين 3 و5 ملايير دولار وهم الذين لا تتجاوز مساحتهم مجتمعين مساحة الجزائر، وكان يمكن للسياحة الجزائرية أن تساهم في إبقاء العملة الصعبة محليا، حيث سيكلف سفر الجزائريين إلى الخارج لإخراج أكثر من مليار دولار. مسابح «صابلات».. المثال في المردودية كشفت مسابح «صابلات» التي يقبل عليها الجزائريون بقوة، عيب السياحة التي لا تتطلب ملايير الدولارات، بل مشاريع بسيطة يمكن أن تصبح مصدرا لدخل مهم فإذا قمنا مثلا بتزويد كل بلدية بمسابح صابلات، سيقتنع كل جزائري بالبقاء في بيته ويستفيد من عطلة جيدة وتعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني . إن إقامة مشاريع مثل مسابح صابلات قد يقلل من تدارك النقص في هياكل الاستقبال وتنخفض الأسعار وتصبح المنافسة بين مختلف الولايات لاستقطاب سياح من الداخل حتى نتمكن بعدها من إقناع السائح الأجنبي من المجيء للجزائر.