لم يعد قرار التدريس بالعامية، التوصية الوحيدة التي تشغل بال المجتمع والخبراء والمختصين، بل برزت إلى الأفق توصيات لا تقل اهتماما عن الموضوع الذي اكتسح صفحات وشاشات وسائل الإعلام برمتها، فقرار مواصلة الاعتماد على مشروع الكتاب الموحد وتقليص السن الدراسية وفتح المعاهد التكوينية، مواضيع بدأت تتجلى إلى العيان، مع تجديد الدعوة إلى الاهتمام بالتراث الأدبي والحضاري الوطني. من بين التوصيات التي لم تحظ بالنقاش على المستوى الحالي تقليص السن الدراسية بالنسبة لطوري التحضيري والابتدائي، خرجت إحدى ورشات الندوة الوطنية حول إصلاح قطاع التربية بتقليص الطور الإبتدائي إلى السن الخامسة بدل السادسة في حين يتم تقليص سن الأطفال لطور التحضيري إلى الرابعة، الأمر الذي من شأنه حسب المختصين يقلل من استيعاب الطفل للكم الهائل من المواد الملقنة هو ما أوضحته الخبيرة مليكة قريفو في ردها على سؤال «الشعب» ضمن ندوة يومية «الحوار» أمس حول التدريس بالعامية. وقالت ذات المتحدثة أن تقليص السنة الدراسية يشكل خطرا على الطفل حسب دراسات الخبراء في العالم الذين أوصوا بضرورة رفع السن إلى السنة الثامنة، حيث يكتمل نضج الطفل فكريا وفزيزلوجيا وتقليص السن قد ترتب عنه نتائج وخيمة على المدى الطويل أبرزها تمرد الطفل على والديه ومجتمعه وحتى وطنه إضافة إلى كونه يقضي على حياة الطفولة. ويشكل القانون التوجيهي للتربية الوطنية الصادر سنة 2008 محل اهتمام من طرف الأسرة التربوية التي تعتبره خطوة ايجابية في ترسيمه لتقلين الأطفال والتلاميذ التراث الحضاري باللغة العربية الفصحى وليس بالعامية التي طرحت مجددا، حيث اعتبرت قريفو مسألة التدريس بالعامية ليست هي المشكلة بحد ذاتها، بل الأمر يكمن في تغييب التراث الأدبي العربي ضمن مشروع المدرسة الجزائرية. وفي هذا الشأن قالت قريفو أن مشروع الكتاب الموحد الذي اعتمدته وزارة التربية يحتاج إلى مراجعة شاملة موضحة أن وزيرة القطاع لها آراءها الخاصة ومن حقها الدفاع عن مشروع تتبناه وزارتها، لكن الدور الكبير يلقى على عاتق المفتشين ومعدي الكتب المدرسية،حين أشارت إلى مشكلة الاعتماد على دور نشر في إعداد الكتب المدرسية وهو ما يتنافى مع القانون الذي يجيز الطبع فقط على حد تعبير الخبيرة. وتشير صاحبة أول مدرسة خاصة في الجزائر وعضو نقابة الناشرين إلى ضرورة تفاعل المدرسة مع المتغيرات الاقتصادية الحاصلة وكذلك الاجتماعية، حيث إن الاهتمام بالتراث الذي يعد البوابة الرئيسية لتنشئة الطفل في مراحله الأولى، بدأ يتلاشى في محيطه العائلي لذلك وجب على المنظومة التربية إيجاد حلول وبدائل توفر ذلك خارج أسوار البيت وهذا من أجل ترسيخ المبادئ والكفاءات المرجوة لتحقيق تعليم بناء ومتكافئ. وتشير آراء المختصين والخبراء إلى ضرورة منح الأطفال ضمن الأقسام التحضيرية فضاء أوسع خارج القسم ومنحهم فرصة اللعب أكثر لان الطفل حسب الخبراء يكتسب معارف جمة خارج أحضان المدرسة، وهو ما أوضحته قريفو التي قالت أن التجربة والحياة يكتسبها الطفل في الشارع، في حين يتلقى تعليمه في المسجد الذي يعتبر المؤسسة الوحيدة التي تضمن تعليما فكريا وحضاريا بإرادة الطفل.