تعريف توافقي يفرق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للتحرر دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، من العاصمة العراقية، بغداد، إلى تضافر جهود الجميع من أجل تطوير “استراتيجية عالمية جديدة” للوقاية من الإرهاب. أوضح ولد خليفة في كلمة له خلال أشغال المؤتمر 11 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد حاليا ببغداد، أن الارهاب “يشكل اليوم تهديدا يمس كل الدول والمجتمعات والقارات والحضارات”، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة “لا تمتّ بصلة إلى الدين ولا يمكن أن تحصر في وطن أو ثقافة أو مذهب”. وتابع قائلا، إن الإرهاب “تحدّ عالمي يقتضي تضافر جهود الجميع من أجل تطوير استراتيجية عالمية جديدة للوقاية منه ومن التطرف العنيف، بدءاً بإيجاد تعريف توافقي عالمي يفرّق بينه وبين المقاومة المشروعة للتحرر والسيادة، مع السعي لبناء أرضية قانونية وعملية ناجعة للتعامل الوقائي مع هذا التهديد الإجرامي غير المسبوق”. كما استعرض ولد خليفة التجربة الجزائرية في مجابهة هذه الظاهرة، مذكرا بأن الجزائر “كافحت الإرهاب لقرابة عقد كامل لوحدها في ظل صمت دولي مريب، كلفنا أزيد من 200 ألف قتيل وأزيد من 30 مليار دولار أمريكي خسائر اقتصادية، دون ذكر التداعيات الصحية والنفسية على المواطنين”. وأضاف رئيس المجلس الشعبي الوطني، أن الإرهاب “الذي واجهناه وانتصرنا عليه، كان مخططا مفروضا لزعزعة أمننا وتوقيف مشروع النهضة الوطنية الذي باشرناه بعد استرجاع سيادتنا سنة 1962”. وأوضح بأن الدولة “عمدت منذ التسعينيات من القرن الماضي، إلى تجنيد مؤسساتها الأمنية للتعامل بنجاعة وفي إطار القانون مع هذا التهديد العابر للحدود، حماية للمجتمع والوطن ودول الجوار، بل وحتى العالم”. كما أدرجت في استراتيجيتها “عددا من آليات مكافحة التطرف عن طريق الإعلام والمنظمات المدنية والمدارس والمساجد وفواعل الإرشاد الديني”. سياسة المصالحة الوطنية أغلقت فترة مؤلمة من تاريخ الجزائر أشار رئيس المجلس الشعبي الوطني، إلى أن سياسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في ترسيخ وتطوير مؤسسات الدولة الجزائرية، “أدت إلى المبادرة بسياسة السلم والمصالحة الوطنية التي أغلقت فترة مؤلمة من تاريخنا المعاصر بإنتاج توافق والتزام بين جميع المواطنين ضد الإرهاب”. وتابع، بأن هذه السياسة “مكّنت البلاد من مباشرة استراتيجية وطنية عقلانية ومبدعة تقوم على جعل المواطن مصدرا للمشروعية وفاعلا في التشريع وغاية لكل السياسات العامة”، وهذا “ما مكن بلدنا - كما قال - من تحقيق كل أهداف الألفية للتنمية قبل 2015 وعزز من المناعة الوطنية ضد التهديدات والتدخلات وجعل من الجزائر قلعة للاستقرار والأمن والتنمية في بحر من الاضطرابات والأزمات التي يعرفها العالم العربي في السنوات الأخيرة ومن بينها بعض دول الجوار المغاربي”. وذكر في هذا الشأن بأن الجزائر “بقيت وفيّة لمواقفها الثابتة والداعمة لنضالات الشعب الفلسطيني من أجل حقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة وسيدة وعاصمتها القدس الشريف”. من جانب آخر، أبرز ولد خليفة “الاستراتيجية النهضوية التي بادر بها الرئيس بوتفليقة”، مشيرا إلى أنها أدت إلى “تعميق مسار الإصلاحات السياسية الديمقراطية والرفع من جودة أداء المؤسسات السياسية ومن ترشيد العمل السياسي والتنظيمي”. وأضاف، بأن هذه الاصلاحات “رفعت من مستوى المشاركة السياسية للمواطنين في المجالس المنتحبة المحلية والوطنية والبرلمانية ورقت من مستوى التمثيل البرلماني للنساء، حيث ارتفع من 07 من المائة سنة 2007 إلى أزيد من 31.6 من المائة سنة 2012 وتوسعت مجالات الحريات السياسية والمدنية والإعلامية والفكرية بما عزز من الطبيعة الديمقراطية للنظام السياسي”. وخلص رئيس المجلس الشعبي الوطني إلى أن التعديل الدستوري المرتقب “سوف يحقق للجزائر تقدما ديمقراطيا كبيرا في منطقتنا العربية والإفريقية والإسلامية”.