خيّم مشروع مراجعة الدستور على الجلسة الختامية للدورة الخريفية للمجلس الشعبي الوطني. وقد تشكلت، أمس، لجنة من مكتبي البرلمان بغرفته، لإعداد الترتيبات المتعلقة بالمصادقة على الوثيقة، يوم الأحد 7 فيفري، بحسب ما أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال في تصريح مقتضب على الهامش. قال رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، في الكلمة التي ألقاها في اختتام الدورة الخريفية للغرفة السفلى للبرلمان، إن بين أهم التعديلات الدستورية المقترحة في مشروع قانون مراجعة الدستور، ترسيخ الأمازيغية. كما أبزت الديباجة مأساة عشرية التسعينيات وصمود الشعب الجزائري، للحفاظ على وحدته وسيادة بلاده، وعزمه على الحفاظ على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، «الذي أصبح نموذجا ترجع إلى منهجيته ونصوصه بعض البلدان في محيطنا الجيوسياسي المضطرب، فهي البلد الأكثر استقرارا في المنطقة والتي تصدر الأمن والسلم إلى جوارها وإلى العالم». كما كرّس مشروع الدستور التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، في إطار تعددية حزبية تظهر جلية في مجلسنا الذي يجمع 27 تشكيلة سياسية، وكذلك الفصل بين السلطات واستقلالية العدالة وحرية التعبير والاحترام في كل مجالات المسؤولية، بعد المكاسب الهامة التي حصلت عليها بعد الإصلاحات الجريئة لرئيس الجمهورية سنة 2011. وتعد بعض هذه الجوانب من التقدم الديمقراطي، كما قال، الذي يهدف إليه مشروع التعديل الدستوري الذي يكرس سيادة الشعب ويزيد من مناعة الجزائر، معتبرا أن هذه فرصة تاريخية أمام نواب الشعب لإعلاء صرح الديمقراطية والعدالة والتقدم في جزائر اليوم والغد، وتعزيز نظامنا الجمهوري في دولة الحق والقانون التي تضمن كرامة المواطنين في داخل الوطن وخارجه. المصادقة على 5 مشاريع و7 أخرى في الدورة الربيعية وأفاد في معرض الكلمة التي ألقاها، أن 5 مشاريع تم مناقشتها والمصادقة عليها خلال الدورة الخريفية المختتمة، يتعلق الأمر بالقانون المعدل والمتمم للأمر رقم 75 - 59 المتضمن القانون التجاري، ومشروع القانون التوجيهي حول البحث العليم والتطوير التكنولوجي، ومشروع قانون يتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2015، ومشروع قانون يتضمن الموافقة على الأمر رقم 66 - 155 المؤرخ في 8 أوت 1966 والمتضمن قانون الإجراءات الجزائية، ومشروع قانون المالية 2016. تهدف هذه القوانين، إلى تعزيز وتحيين المنظومة التشريعية الوطنية، بنصوص تهدف إلى تعميق مسار الإصلاحات الشاملة ومنظومة الحكم الراشد وفق المعايير وكسب رهان تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية وهو ما يتطلب تكاتف جهود كل المؤسسات وممثلي الشعب في المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية. وذكر بأن هناك 7 مشاريع محالة على اللجان المختصة، وهي قيد الدراسة، يتعلق الأمر بمشروع قانون يتضمن تنظيم مهنة محافظ البيع بالمزايدة، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 05 -06 المؤرخ في 23 أوت 2005، يتعلق بمكافحة التهريب ومشروع قانون يتعلق بترقية الاستثمار وتطوير المؤسسة، وكذا مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 04-04 لسنة 2004 يتعلق بالتقييس. كما أحيل مشروع قانون يتعلق بتعديل الأمر المتضمن قانون العقوبات ومشروع قانون يتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص، كل هذه المشاريع ستكون محل نقاش وتصويت في الدورة الربيعية القادمة. ليس للأقلية الحق في منع الأغلبية التصويت على مشروع قانون شدد ولد خليفة على ضرورة احترام النواب، سواء من الأغلبية أو المعارضة، النظام الداخلي للمؤسسة التشريعية والاحتكام إلى قواعد العمل الديمقراطي في المؤسسة الدستورية المنتخبة... إذ أن الأنظمة الديمقراطية التي تعطي الحق للأقلية في التعبير عن رأيها، «ليس من حقها منع الأغلبية من التصويت على أي مشروع قانون يقدم إلى المجلس»، معتبرا هذا من أساسيات ثقافة الدولة والممارسة الديمقراطية. ولفت في سياق ذي صلة، إلى أن التخويف من الأزمة الاقتصادية ونشر التشاؤم واليأس والإحباط في بعض الخطابات الحزبية والإعلامية، «ليس مقاربة مفيدة لمواجهة انعكاسات انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية». وفي مجال الدبلوماسية البرلمانية، عمل المجلس على تفعيل العلاقات مع البلدان الصديقة وإنشاء 4 مجموعات للصداقة، أكدت من خلالها مواقف الجزائر من القضايا التي تعرفها المنطقة وفي العالم، وهي مواقف ثابتة، تتمثل في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحقها الثابت في تقرير المصير والمساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار في محيط جيوسياسي، وحل كل النزاعات عن طريق الحوار. وأشار في هذا الإطار، إلى مسعى الجزائر لإيجاد حل توافقي بين الفرقاء في جمهوريتي مالي وليبيا، منوها بالدور الكبير الذي يقوم به الجيش الوطني الشعبي المرابط على الحدود، لتحقيق مناعة للوطن في هذه الرقعة الجغرافية المضطربة. كما أكد في هذا الصدد، موقف الجزائر الثابت، قولا وعملا، من حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف، ورفع ما يعانيه من ظلم واضطهاد، بمرأى ومسمع العالم. كما تناصر حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإنهاء آخر مستعمر في إفريقيا.