دعا الرئيس بوتفليقة في مجلس الوزراء الأخير المجلس الأعلى للقضاء والوكلاء العامين ووكلاء الجمهورية بالتزام المزيد من التجند في سبيل محاربة الرشوة والفساد والاختلاسات والمساس بالممتلكات العمومية، وترويج المخدرات واختطاف الأشخاص مطالبا كافة القضاة بالسهر على معاقبة هذه الجرائم بكل ما يحمله القانون. وتعتبر دعوة الرئيس استمرارا للإصلاحات التي فرضها في المجال القضائي بتوسيع صلاحيات القضاة وتعزيز مجالات الاختصاص وإنشاء الأقطاب القضائية المتخصصة للقضاء على الآفات الاقتصادية التي تتقدمها الرشوة، هذه الظاهرة التي أصبحت سرطانا حقيقيا ينخر الإقتصاد الوطني ويعطل قضاء مصالح المواطن والمؤسسات ويسيء لسمعة الدولة في مختلف التقارير التي تصدرها مختلف المؤسسات العالمية المتخصصة.ويؤكد خبراء اقتصاديون على غرار السيد مسدور فارس أن الرشوة أصبحت تشكل حاليا 12 بالمائة من رؤوس الأموال المتداولة في المجال الاقتصادي وهو ما يعكس توغل هذه الآفة بقوة وتجذرها في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والتي أساءت كثيرا لسمعة الدولة الجزائرية خاصة في مجال الاستثمار فالمتعاملين الاقتصاديين الأجانب عندما يكتشفون بأن أي دولة تغرق في الرشوة يتخوفون من الاستثمار فيها بالنظر لارتفاع التكاليف والمصاريف، فيجدون أنفسهم بالإضافة الى الأعباء القانونية يتفاوضون مع المرتشين لتسهيل الحصول على وثائق أو أمور من هذا القبيل.وعرفت الرشوة في الجزائر انتشارا كبيرا كان نتيجة للعشرية الدموية حيث استغلت العديد من الأطراف تدهور الوضع الأمني وانشغال الدولة بمحاربة الإرهاب ليعيث فسادا في مصالح المواطن والدولة ويفرض منطق الرشوة في كل شيء فمن منح الأراضي والسكنات الى الترقيات والمستشفيات وكذا البنوك والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي أصبح كل شيء مرهونا بتقديم المقابل، وعندما استتبت الدولة الأمن وقيام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه زمام الحكم في 1999 بإصلاحات هامة في مجال العدالة لصد آفة الرشوة وما شابهها وارفاق الدولة ورشة الإصلاحات بترسانة من القوانين الهامة على غرار قانون مكافحة الفساد الذي فرض عقوبات صارمة تصل الى 10 سنوات سجنا نافذا وتتضاعف العقوبة في حال العودة، كما نص القانون على تخفيض في العقوبات على كل من يبلغ على هذا النوع من الآفات.وأمام بدء حصد نتائج تطبيق القانون وتطهير الدولة والمجتمع من المرتشين أصبحت العدالة أكثر قوة حيث درست العديد من الملفات الثقيلة في هذا الجانب ما جعل على غرار قضيتي الخليفة والبنك التجاري والصناعي وتحويل 3200 مليار سنتيم من البنك الوطني الجزائري وهو ما جعل المواطن يسترجع ثقته في العدالة التي تواصل مسارها الإصلاحي الذي سيضع حدا لجميع الآفات التي أساءت كثيرا لسمعة البلد.