أحيت ولاية سكيكدة الذكرى ال18 لوفاة البطل المجاهد العقيد علي منجلي عرفانا لمساره النضالي والثوري، بحضور رفيقه وصديقه المجاهد بليح عبد الحميد إبان الثورة بالإضافة إلى سلطات الولاية وأفراد من عائلة البطل، ومجاهدين من ولايتي عنابة وقالمة. تميز إحياء هذه الذكرى بمبادرة من بلدية عزابة مسقط رأس البطل المجاهد بالتنسيق مع مديرية المجاهدين، المتحف الجهوي، مديرية الشؤون الدينية وجمعية أول نوفمبر، بإلقاء مداخلات بالمركز الثقافي الإسلامي الذي يحمل اسمه تناولت شهادة حية للمجاهد بليح عبد الحميد حول المجاهد الراحل. وتطرق عبد الحميد لجوانب من حياة ونضال الفقيد وما بذله في سبيل استرجاع حرية هذا الوطن وكذا في تنظيم الوحدات العسكرية على الحدود، كون الفقيد واحد ممن غيروا مسار الثورة، وفي هذا الإطار أكد رفيقه عبد الحميد “أن اتفاقية إيفيان التي كان فيها علي منجلي ممثلا لهيئة الأركان العامة، هذه الأخيرة لم تكن معارضة للاتفاقيات عكس ما شاع في تلك الفترة بل كانت لها بعض التحفظات على الجوانب العسكرية، وبالأخص فيما يتعلق بمدة إجلاء قوات المستعمر من القاعدة البحرية بأرزيو، كما ذكّر المتدخل بالخصال النضالية والثورية العالية التي جعلت من علي منجلي قائدا ثوريا من الطراز الأول، وكان شديدا وصارما في القرارات التي يتخذها، وملتزما بالنظام. بليح عبد الحميد في مستهل حديثه عن قائده ابن الثورة التحريرية قال”الفقيد عرف عنه في صفوف المناضلين في الحركة الوطنية بحنكته السياسية ومواقفه النضالية الواضحة وعرف بين المجاهدين في ثورة التحرير الوطني كمجاهد وقائد صلب حاد الذكاء مخلصا شجاعا، لم يتخل يوما عن تسجيل البطولات والأمجاد”. من جهة أخرى، وعلى هامش هده الندوة، أوضح ابن الفقيد السيد عابد لجريدة “الشعب”، أن المرحوم كان مدرسة للمبادئ والقيم الوطنية، حيث اجتهد في تلقينهم تلك المبادئ والقيم، لأنه تربى في كنف عائلة متشبعة بالقيم الإسلامية والمبادئ الوطنية، حيث كان والده أول من رفع الأذان بمدينة عزابة إبان الاستعمار بعد أن خصص غرفة لإقامة الصلاة، إضافة إلى أنه كان عمليا بدرجة كبيرة. وأضاف عابد”ان اهتمامه الوحيد كان المساهمة في تقديم إضافات للمواطن كمشروعه المتمثل في بناء صرح ثقافي بمدينة عزابة، الذي أراد بهذا الإنجاز أن تكون لمدينة عزابة ملحقة للجامعة الإسلامية بقسنطينة، وأن يكون قطبا للعلوم الإسلامية، لإن والده طلق الحياة واهتم بهذه المشاريع للمحافظة على الهوية الوطنية ويبرهن على أن الإسلام والعلم وجهة واحدة، فلم يكن يهتم بالدنيا بل كان يعمل لآخرته”. العقيد علي منجلي بن احمد وناصري زغدة، ولد بعزابة بسكيكدة يوم 07 ديسمبر من سنة 1922، درس الابتدائي بالفرنسية بمسقط رأسه، انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري في شبابه المبكر، ثم واصل نضاله في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، حيث أصبح مسؤول هذا الحزب في قسمة عزابة ومرشحه للانتخابات المحلية وفاز بنيابة المجلس البلدي سنة 1947. واصل نضاله كمسؤول بارز في الناحية حتى انقسام الحزب سنة 1953 ولزم الحياد، ثم انضم إلى رأي ديدوش مراد وزيغود يوسف وهو الاختيار الثوري، ساهم في تحضير ثورة نوفمبر والتحق بصفوفها منذ الوهلة الأولى سنة 1954 بعد مؤتمر الصومام، ليصبح عضوا بالولاية الثانية، ويعتبر أول قائد لأول كتيبة جيش التحرير الوطني بالولاية. وقاد أكبر معركة في الولاية الثانية بعد هجومات 20 أوت 55 وهي معركة 08 أيام بعيون القصب بمليلة على مستوى بلدية عين شرشار سنة 1957، والتحق سنة 1958 بتونس وهناك تدرج في المسؤوليات حتى تشكل التنظيم الجديد لجيش التحرير الوطني وأصبح عضوا في قيادة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني سنة1959، وفي مارس 1959 كان النائب العام لدى المحكمة العسكرية التي يترأسها العقيد بومدين، كما أنه في مارس 1960 عين مساعدا للرئيس بومدين في هيئة الأركان العامة. العقيد شارك في الحقبة الأولى من مفاوضات إيفيان”20 ماي إلى 13 جوان 1961”، وبعد الاستقلال أصبح العقيد على منجلي عضوا في الجمعية الوطنية التأسيسية الأولى في سبتمبر 1962 ثم نائبا للرئيس بالجمعية. وفي سنة 1965 أصبح عضوا في مجلس الثورة إلى سنة 1967، واستقال من منصبه في ديسمبر1967 وعاش في مسقط رأسه حيث اختار لنفسه حياة الهدوء نتيجة لمعاناة المرض الذي لازمه الفراش لكن مع ذلك لم يستسلم وواصل نضاله بشكل آخر حيث ركز جهده في مدينة عزابة على بناء مسجد وجامعة إسلامية مضيفا بذلك لبنة كبرى في بناء صرح الجزائر التي قضي حياته كلها في خدمته مناضلا ومجاهدا وقائدا من التحرير إلى البناء والتشييد إلى أن وافاه الأجل يوم 14 أفريل 1998.