من المفارقات الكبيرة التي تشهدها ولاية بومرداس الساحلية والسياحية هي افتقادها لحديقة تسلية أو متنزه عائلي مهيأ على غرار عدد من الولايات بإمكانه جلب اهتمامات العائلات والأطفال الباحثين عن أماكن للراحة والاستجمام في أيام نهاية الأسبوع أو العطل المدرسية والسنوية، وكل ما هو موجود لا يتعدى فضاءات عمومية وحدائق لا تتوفر على أدني ضروريات الترفيه والاسترخاء التي يبحث عنها الزوار.. ظلت مراكز الترفيه والتسلية مطلبا ملحا منذ سنوات من عدة أطراف بما فيها عدد من أعضاء المجلس الولائي الذين تطرقوا إلى هذه النقطة في أكثر من مناسبة مع تقديم مقترحات لتهيئة فضاءات وحدائق طبيعية للتسلية بالمناطق الغابية والجبلية واستغلال المساحات العذراء في مناطق مثل واد يسر، بني عمران، الناصرية، قدارة وغيرها من الأماكن الأخرى التي تتوفر على فضاءات طبيعية شبه مهيأة لتجسيد مثل هذه المشاريع الطموحة لاستقطاب العائلات وتحريك السياحة الداخلية الراكدة التي بقيت محصورة بولاية بومرداس على موسم الاصطياف فقط ولفترة لا تتعدى ثلاثة أشهر في السنة عبر الشريط الساحلي الضيق. كما بقيت مشاريع قطاع السياحة مجرد وعود لم تتجسد إلا في بعض المرافق الخاصة بمراكز الاستقبال من فنادق ومركبات سياحية يتم إنجاز البعض منها حاليا، وهي الحركية التي لم تسايرها عملية ترجمة المقترحات الخاصة بترقية السياحة الجبلية والحموية بالمناطق الداخلية للولاية من أجل تثمين القدرات الكبيرة في هذا المجال وبالتالي إيجاد بدائل وخيارات أخرى للعائلات والزوار الذين يقصدون هذه الولاية الساحلية المتميزة بموقعها وتنوعها الطبيعي. وهنا يمكن الإشارة إلى المشاريع العديدة التي كانت أعلنت عنها مديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية بومرداس منذ فترة لتنشيط هذا النوع من السياحة ببرمجة فضاءات طبيعية وغابية للتهيئة ومراكز للترفيه على غرار مركز غابة «أسواف» والميناء القديم لبلدية دلس، منطقة الناصرية، بني عمران ومناطق جبلية أخرى عديدة لكنها وجدت صعوبة كبيرة في أن تتحول إلى حقيقة لأسباب عديدة. وأكثر من هذا لم تستطع السلطات المحلية ومديرية الغابات حماية حتى بعض المساحات الطبيعية والغابية المهيأة أصلا في بعض المناطق من الولاية كغابة الساحل بزموري التي تتربع على حوالي 400 هكتار أتت عليها ظاهرة الإتلاف المنظم رغم برمجتها كفضاء تسلية بإمكانه تعويض النقص الذي تعاني منه الولاية. هي إذن صورة عن الواقع الذي تعيشه ولاية سياحية مثل بومرداس التي بدأت تستقطب سنويا أزيد من 9 ملايين مصطاف وتحتل المراتب الثلاثة الأولى وطنيا لكن بمرافق أقل ما يقال عنها أنها لا تليق بمقامها السياحي بالنظر إلى افتقادها لمراكز تسلية وترفيه تستغل خارج موسم الاصطياف وتضع حد لمعاناة تنقل العائلات البومرداسية المجبرة على قضاء عطل نهاية الأسبوع والعطلة المدرسية في ترحال مستمر ما بين منطقة تيكيجدة بالبويرة، الشريعة بولاية البليدة، الحامة وحديقة التسلية ببن عكنون في وقت تبقى فضاءاتها الغابية تنتظر مشاريع التهيئة والاستغلال وغياب الإرادة في تحويل هذه التصورات والمقترحات إلى واقع حقيقي بعيدا عن الوعود المتكررة كل سنة أثناء تقديم مشاريع قطاع السياحة، وهي الوضعية التي تنطبق أيضا على البلديات الساحلية المكبلة والعاجزة أحيانا حتى في إدارة موسم الاصطياف بتوفير أقل الخدمات التي يتطلع إليها المصطافون فكيف الحديث عن فضاءات التسلية العمومية التي تبقى من أهم مطالب المواطنين والعائلات بالخصوص التي تجد صعوبة كبيرة في تلبية حاجيات أطفالها أو إيجاد أماكن هادئة للترفيه عن النفس في أيام الصيف وسهرات رمضان.