أكد الدكتور والباحث الجامعي بوجمعة هيشور أن حوار الثقافات على مر السنين خلق سلوكا حضاريا وتلاطفيا بين شعوب ضفتي البحر المتوسط، معتبرا أن فتح المجال أمام المختصين في الحديث عن الغناء والموسيقى يترجم الحس الرفيع للإنسانية المشتركة والسمو في الانسجام بين الفتانة والجمالية، هذا التقارب، على حد قوله، أدى بشعوب الأندلس والمغرب بإبداعاتهم إلى إنتاج موسيقى عارفة جلبت أليها على مر السنين والقرون أجيالا وأجيالا من المغرمين. وتحدث هيشور عند تنشيطه لندوة صحفية بالمركب الثقافي الهادي فليسي أمس عن التسميات المختلفة التي أطلقت على هذا النوع من الفن، من الموسيقى الأندلسية المغربية، الموسيقى العربية الأندلسية، الموسيقى الإسبانية العربية، الموسيقى التقليدية، إلى الموسيقى الكلاسيكيةندلسية، مبرزا أن كل هذا من أجل وصف مكانة وامتداد هذا النوع من الموسيقى، التي تطورت في محيط شبه الجزيرة الإسبانية وفي بلاد المغرب، كما تحدث هيشور عن التركيبة الموسيقية، أين أوضح أن الوثائق عن الموسيقى المحضة قليلة جدا، خاصة''عندما لما نعلم مدى تأثير الموسيقى العربية في الموسيقى الإسبانية في القرون الوسطى''، مؤكدا على الدور الكبير الذي لعبته النغمات العربية في اشتقاق الفن الموسيقي الغربي الذي ذهبت إليه''جوليان ريبيرا''، أين جاءت الأشعار في بيت متكرر باللغة الإسبانية واللهجة من خليط العربية، حيث أعطى ذات المتحدث المثل بأغاني مارتان كوداس في القرن الثالث عشر، مضيفا أن موسيقى مجموعة ''الكونتيقاس'' للملك الفونس العاقل التي كرست في الإبتهالات في حق ''سيدتنا'' التي لها علاقة بمعجزاتها، ومن هنا قال ذات المتحدث أنه يمكن احصاء 420 أغنية حولت عن طريق ثلاث مخطوطات معاصرة هي المدرسة العربية لقرطبة، والتي درست تعدد الأصوات ابتداء من القرن الحادي عشر، ثم بدأ الشعراء بالظهور في المنتصف الثاني من القرن الثاني عشر كشعراء يتغنون على الطبوع العربية الأندلسية. أما عن الثقافة العربية البربرية فقد قال الدكتور هيشور أنها بدأت في الأندلس في القرن التاسع عند الأمويين في عهد عبد الرحمن الأول بن معاوية، ولكن في ملك عبد الرحمن الثاني وهو ابن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الأول ظهر أول العلماء والموسيقيين، وكان أبو الحسن علي بن نافع زرياب وبدون منازع السبب في ظهور الموسيقى الأندلسية في المغرب، هذا الأخير الذي بعد طرده من ساحة هارون الرشيد انتقل إلى القيروان ثم مكث بقرطبة مبتعدا عن اسحاق الموصلي معلمه ومنافسه وخصمه، حيث بدأ في إيجاد طريقة جديدة انسجم فيهل اللحن والصوت والإيقاع، وأحدث النوبة ثم طور آلة العود، وأضاف هيشور أن هناك أسماء عديدة في هذا الميدان لا يمكن إهمالها أو نسيانها أمثال ابن باجة. ومن جانب آخر تساءل المتحدث عن نقاط الالتقاء الثقافية التي يجب تجسيدها ميدانيا في تعدد الألحان من أجل الحلم بعالم يكون أكثر تسامحا وإنسانية، في وقت ثورة الأقمار الصناعية والرقمية التي تحرك وتنقل الصورة والصوت.