بسكرة عروس الزيبان ومدينة النخيل، مظهر جمال الطبيعة الفتّان، بوابة الصحراء الجزائرية من الجبهة الشرقية، معقل العلم والعلماء ومحضن الشعر والشعراء، ملهمة المبدعين والفنانين ومقصد السائحين والنابغين من مختلف أقطار العالم. ويذكر عن ماضيها الاسم الروماني القديم للمدينة وهو (فيسيرا)، غير أنّ هناك من يرى أن تسمية ‘'فيسيرا'' عربية وقع فيها دمج لإسمي قريتين قديمتين في المنطقة وهما ‘'سبة'' و''كرة''. وهناك من يرى أن التسمية قريبة من السكر نظرا لحلاوة تمور المنطقة. ومهما يكن من خلاف في التسمية فالأمر المؤكد هو عراقة هذه المدينة. حيث أن وجود مدينة بسكرة يعود إلى العهد الروماني، حيث ذكر المؤرخ الإغريقي بلين ‘'فيسيرا'' في كتاباته كيفية انضمامها إلى حكم الإمبراطور أغسطس ما بين سنتي 19و 30 قبل الميلاد، ولعل من أهم آثارها مسجد عقبة بن نافع. وتفيد الكتابات التاريخية أن مسجد الفاتح الفهري عقبة بن نافع أحد أقدم المساجد في شمال إفريقيا، بعد مسجد القيروان بتونس، فبعد استشهاد القائد عقبة بن نافع في موقعة تهودة سنة 63 ه الموافق ل 682م مع خيرة جيشه 300 جندي، دفن وبُني على قبره ضريح وأسّس مسجد حمل إسمه، ويعد هذا المسجد النواة الأولى لبلدة سيدي عقبة على اعتبار أن المدينة القديمة كانت تهودة، حيث قامت قبيلة أولاد مولات ببناء زاوية في القرن ال 9 ه، وبعد قرن كامل من الزمن تم إنجاز حارة كاملة مقابلة للمسجد سميت البليدة، ثم بنيت عدة حارات أخرى وأصبحت تسمى سيدي عقبة كما تسمى الآن. وقد وصف العلامة ابن خلدون هذا المسجد بأنه أشرف مزار في بقاع الأرض لما توفر فيه من عدد الشهداء والصحابة والتابعين، والملاحظ أنه لا توجد نصوص تاريخية تؤرخ لتأسيس المسجد وتفيد بتاريخ دقيق لبنائه، بيد أن الأرجح - حسب الباحثين - أن يكون أتباع عقبة بن نافع الذين أُسروا أثناء المعركة، وفداهم حاكم قفصة بتونس، وبعثهم إلى القائد زهير بن قيس هم والمسلمين الذين كانوا يقيمون في شمال إفريقيا من شيدوا مسجدا حول ضريحه في الفترة الفاصلة من القضاء على الكاهنة سنة 701م، وتأسيس دولة الأغالبة سنة 800م. وتعتبر مئذنة المسجد من بين أقدم المآذن في شمال إفريقيا، ورغم ذلك حافظت على تماسكها وصلابتها، تقع في الركن الشمالي لبيت الصلاة، وهي تنتمي إلى نمط المآذن الهرمية ذات القاعدة المربعة، ويبلغ ارتفاعها حوالي 16 مترا، ويبلغ طول ضلع القاعدة 5 أمتار ليتراجع إلى 50 . 3 متر عند القبة. تتكون المئذنة من طابق وآحد ارتفاعه 14 مترا، ويتخلله شرفات، ويعلوه جوسق أسطواني ارتفاعه 2 متر، يعلوها جمور نحاسي، وجاءت شبيهة بمئذنة جامع قلعة بني حماد، التي تتكون هي الأخرى من طابق واحد.