تعبير عن مقومات الوحدة المغاربية ضد التحديات والتهديدات الخارجية تعتبر معركة «ايسيين» التاريخية بمنطقة إليزي في ذكراها 59 رمز التلاحم وامتزاج الدم بين الشعبين الجزائري والليبي، ضد الاستعمار الفرنسي، ووقفة لاستحضار بطولات السلف وعظمة الحدث، لتظهر مجددا أن ما يجمع بين الأشقاء في منطقة المغرب العربي هو المصير المشترك، الذي يعود إلى أعماق التاريخ لا يمكن أن يمحوه أحد وكتب بأحرف من ذهب في ذاكرة الشعبين، هذا ما رصدته «الشعب» بعين المكان. أكد سعيد مقدم الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي، خلال تدخله، أمس، بالندوة التاريخية التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع يومية المجاهد، حول الذكرى 59 لمعركة إيسيين في 5 أكتوبر 1957، أنه لا توجد منطقة في العالم تتوافر فيها مقومات الوحدة كالمنطقة المغاربية التي تتربع على مساحة جغرافية تشبه القارة بأكثر من 19 من المائة من القارة الإفريقية و40 من المائة من العالم العربي. وأضاف مقدم، أن ما ينتظر المنطقة عمل جبار، بحكم التكالب الذي تعرفه من أطراف لا ترغب في التآزر والاستقرار، رغم أن العمل المؤسساتي للاتحاد استكمل. وبحسبه، فإنه لا يمكن تغليب المقاربة الأمنية على المقاربة الاقتصادية قائلا: «الجزائر بفضل مواقفها الدبلوماسية أعطت أهمية أكثر للمقاربة الأمنية، كي نتمكن من استعادة التأخر في مسيرة عمل الاتحاد في وقت لاحق». وفي هذا الصدد، أشار الأمين العام لمجلس الشورى للاتحاد المغاربي، أن هذا الصرح عرف نوعا من التباطؤ وأنه يكلفنا خسارة كبيرة في النمو تقدر ب10 ملايير دولار سنويا، كما أن كلفة اللامغرب العربي على حساب قدم على عديد التكتلات الجيواستيراتيجية، مؤكدا أنه لا يعترف بالبلدان فرادى في الوقت الراهن، ولا مكان للضعفاء. وبحسب مقدم، فإن المنطقة لم تنجح في إقامة شراكة متينة ولم نحقق التكامل الاقتصادي المنشود من طرف شعوب المنطقة، لاسيما الأمن الغذائي والتصحر. داعيا إلى تكثيف التكامل والبناء الاقتصادي والمواطنة المغاربية وإحداث منطقة اقتصادية حرة وسوق مغاربية. من جهته طالب عبد المجيد شيخي، المدير العام للمركز الوطني للأرشيف، إلى توسيع ذاكرة البحث بين البلدين، كي لا تتوقف عند حدث ما وتعزل آخر عن محيطه، قائلا إنه من واجبنا، كما فعل الليبيون، مواصلة البحث التاريخي، بحكم وجود مئات الآلاف من الوثائق في منطقة جانت وغات وفزات تنتظر منّا البحث، آملا في أن يكون هناك عمل مشترك لتقييم العلاقات السياسية، خاصة الاجتماعية بين البلدين، حتى نعيد تركيب العلاقة التاريخية، على حد قول شيخي. كما شدد على إدخال العامل الديني بما قامت به جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي كان لها دور هام. كما إلتزم بتنظيم نشاط في مجال الأرشيف بولاية إليزي قبل شهر نوفمبر. ووصف والي ولاية اليزي معركة ايسيين، بأنها وقفة استحضار عظمة الحدث لتستلهم منه الأجيال تضحيات السلف التي امتزجت فيها دماء الجزائريين والليبيين، على غرار الجارة تونس، عنوانه الأخوة والتضامن أثناء الشدائد ضد الاستعمار الفرنسي. على المؤرخين تسليط الضوء على تاريخ الجنوب نفس الأمر أكده رئيس المجلس الشعبي الولائي في كلمته، قائلا إن الأمة التي تحفظ تاريخها تحفظ ذاتها وأن من يجهل تاريخه يضلّ طريقه، مستعرضا دور المنطقة في التسليح وتمويل الثورة، مضيفا أن معركة ايسيين تدل على عراقة وقوة العلاقات الاجتماعية بين الجزائر وليبيا، داعيا المؤرخين إلى تسليط الضوء على تاريخنا في الصحراء وكشف الأرشيف لدى فرنسا، مع إعداد بحوث تحكي بطولات الرجال وأرشفتها لصالح الأجيال. ولم يفوت رئيس المجلس الشعبي الولائي الفرصة، للتنويه بمجهودات جمعية مشعل الشهيد في إحياء الذاكرة الجماعية إبان الثورة لتواصل الأجيال، واصفا الجمعية بمشعل الأجيال وتواصلها، مضيفا أنه حان الوقت للجالية الجزائرية بليبيا للوقوف للذود عن أراضينا لما يجري الآن في ليبيا، لصد محاولات الإرهابيين. تجدر الإشارة، أنه تم تكريم عائلة الشهيد عمارة موسى.