يتوقع أن تسير قيادة حركة مجتمع السلم ''حمس'' التي آلت إليها مؤخرا رئاسة هيئة التحالف الرئاسي على خطى قيادة حزب جبهة التحرير الوطني ''الأفلان'' التي أعادت بعث الهيئة بعد 5 سنوات من ميلادها والتي تميزت أساسا بالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية وتباين كبير في المسائل الأخرى كانت سببا في الانتقادات المتبادلة بين القادة الثلاثة. شكلت السنة الخامسة التي احتفل بها التحالف، شهر فيفري الأخير منعرجا هاما، ذلك أن مصير الهيئة الذي كان غامضا بسبب الاختلاف والتباين الكبيرين بين قادته ممثلين في عبد العزيز بلخادم الأمين العام للأفلان وأحمد أويحي الأمين العام للأرندي وأبو جرة سلطاني رئيس ''حمس'' الذي وصل بهم إلى حدّ توجيه انتقادات لاذعة لبعضهم البعض. غير أن انتخابات التاسع أفريل (2009) غيّرت كل المعطيات، اذ استطاع بلخادم توحيد الرؤى وجمع الشمل وإقناع زميله بأنه لا بديل عن التحالف للحفاظ على موقعهم في الساحة السياسية، ولعل ما يؤكد ذلك، عدم حصول أي تشكيلة على الأغلبية خلال تشريعيات (2007)، لكن النتائج التي حصل عليها كل حزب مجتمعة مكنتهم من الحفاظ عليها لتشكل قوّة على مستوى الغرفة البرلمانية السفلى. وكان ''الأفلان'' ومنذ توليه الرئاسة، خلال القمة التاسعة المنعقدة أواخر نوفمبر الماضي، قد كثّف من اللقاءات أنعشت الهيئة بعد فترة ركود عندما كان يتولى رئاستها ''الأرندي'' بسبب انشغال هذا الأخير بتنظيم مؤتمره الوطني وانشغال ''حمس'' أيضا بالتحضير لنفس الموعد العام الماضي، ولأن الأمر مختلف بالنسبة لقيادة الحزب العتيد، فقد تفرغت في غضون ذلك لتحضير عهدتها التي تزامنت والرئاسيات لتضمن بذلك دورها الريادي في هذا الحدث السياسي الهام وتحافظ على مواقع الأحزاب الثلاثة في الساحة السياسية، لاسيما بعد تراجع نتائجها خلال التشريعيات. ويأتي حرص قادة التحالف الرئاسي على صون هذه الهيئة بعدما أيقنوا بأنها طوق نجاة، ولعل ما يؤكد ذلك، سلسلة النزاعات الداخلية والانشغالات التي كان للتحالف فضلا في عدم العصف بها، ولأن الأمر كذلك، فإن ''حمس'' التي تعيش على وقع صراع داخلي خلال الأشهر الأخيرة لن تفوّت الفرصة لتضع برنامجا خاصا خلال فترة رئاستها تؤكد من خلاله بأن النزيف في صفوفها والصراع الداخلي لم ينل منها حتى وإن أضعفها. وبما أن رئيس الجمهورية أعلن عن تعديل معمّق للدستور، توقع الأمين العام ''للأفلان'' أن يقوم به مطلع الفترة الرئاسية، فإنه سيكون أهم نقطة في جدول أعمال التحالف، حيث سيعمل القادة على إنجاح هذا الموعد السياسي الذي وإن تباينت مواقف الطبقة السياسية منه إلا أنها لم تبد معارضة لمبدأ المراجعة بعد ما خضع الدستور لتعديل جزئي نهاية العام الماضي. وقبل ذلك، فإن التنافس والاختلاف بين الأحزاب التي يؤكد قادتها في كل مرة بأن التحالف لا يعني الإنصهار وإنما يقتصر على الإلتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية، سيتواصل لاسيما وأنها تحضّر لمحطة هامة لا تقل أهمية، ويتعلق الأمر بعملية التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المقررة شهر ديسمبر والتي بدأت لها التحضيرات قبل عدة أسابيع. ويبقى الأمر الأكيد أن الأحزاب الثلاثة أيقنت بعد مرور 5 أعوان عن ميلاده بأنه لابديل لها عن هيئة التحالف الرئاسي الذي يشكل طوق نجاة، الأمر الذي سيؤدي إلى استقرار نسبي، بعد أعوام ميزها تباين كبير إنعكس على استقرار الهيئة.