قطعت الجزائر أشواطا هامة في إصلاح العدالة تعتزم استكمالها خلال الفترة الرئاسية الثالثة لرئيس الجمهورية، ولعل أهم مايسجل في هذه الاصلاحات إعادة الاعتبار لمهنة المحضر القضائي الذين بات عددهم يقدر ب 1800 محضر قضائي بعدما كان لايتجاوز 800 محضر، وعلاوة على ذلك تم مراجعة التسعيرة المطبقة التي ارتفعت الى حدود 3 آلاف دج. لاتقل العناية التي توليها وزارة العدل لمختلف المهن سواء تعلق الامر بالقاضي او النائب العام او المحامي او وكيل الجمهورية عن تلك التي توليها لمهنة المحضر القضائي الذي وان كان يعاني مشاكل في الميدان منها رفض تسلم محضره على سبيل المثال، الا انه تمكن من افتكاك عدة مكاسب انعسكت ايجابا على أداء وظيفته. وتضمنت الاصلاحات تغييرات جذرية في القطاع معتمدة في ذلك أساسا على تحيين القوانين وتنظيم دورات تكوينية مستمرة داخل و خارج الوطن وكذا عقد ندوات، وفي هذا السياق احتضنت الجزائر مطلع السنة الجارية فعاليات الطبعة الثالثة من الندوة الدولية للمحضرين القضائيين عشية دخول قانون الإجراءات المدنية والادارية حيز التنفيذ والمتضمن المهام المسندة للمحضر القضائي بشكل واضح ودقيق بما يعزز دور القضاء والمتقاضين. وتثمينا للمجهودات المبذولة من قبل الجزائر في هذا الاتجاه اعتمد مجلس وزراء العدل العرب في دورته لسنة 2008 القانون العربي الاسترشادي المتضمن مهنة المحضر القضائي الذي اقترحته الجزائر من أجل ترقية المهنة وإعطائها دفعا وتعميمها على مستوى الوطن العربي. وقد حدد قانون الإجراءات المدنية والإدارية الذي اصبح ساري المفعول منذ نهاية شهر افريل المنصرم المهام المنوطة بالمحضر القضائي والمتمثلة أساسا في الوساطة والتحصيل الودي وتحصيل الغرامات المالية بالاضافة الى المهام التقليدية كالتسجيلات والتبليغات، وعلاوة على ذلك فإن القانون يخول لهم حضور الجلسات في اقسام التحقيق. وعلاوة على مراجعة التشريعات السارية المفعول تعتزم الوصاية استحداث مدرسة كبرى لتكوين المحضرين القضائيين بولاية بومرداس على ان يدرس المحضر لمدة لاتقل عن 3 اعوام مقابل حصوله على شهادة كفاءة في ممارسة مهنة المحضر القضائي. واعتبرت الغرفة الجهوية للوسط قانون الاجراءات المدنية والادارية بمثابة ثورة حقيقية على اعتبار انها وسعت النطاق الجغرافي لنشاطه واعطت له التسهيلات لتنفيذ الاحكام الذي يؤكد قوة العدالة، ومن بين التسهيلات التي تكرسها الصلاحيات المخولة له في مجال تبليغ وتنفيذ الاحكام واجراءات البيوع والحجوز القضائية. غير ان المحضرين القضائيين وبسبب المنافسة لم يطبقوا التسعيرة الجديدة، حيث يقدر المبلغ المدفوع مقابل تحرير محضر قضائي 1500دج، ولأن القانون الجديد الزمهم بتحرير محضرين واحد للتكليف والثاني لتبليغ التكليف فإن المواطن يدفع للمحضر القضائي مبلغ لايقل 3 آلاف دج، ونظرا للعدد الكبير للمحضرين فانهم يفضلون صياغة محضر واحد فقط بمبلغ لايتجاوز الالف دج في اقصى الحالات على ان يدون في الوصل المبلغ المحدد من قبل الغرفة والوصاية. ويبقى الأمر الأكيد ان المحضرين القضائيين قطعوا اشواطا هامة وافتكوا مكاسب تجعلهم في موقع قوة وتبشر بتنفيذ الاحكام القضائية التي لاطالما شكلت معضلة.