الحديث عن القطاع الفلاحي، في المرحلة الراهنة والفترة المقبلة، لا ينبغي أن يقتصر على التطرق إلى المشاريع المسطرة، أو الخوض في مواسم البذر والغرس والجني التلقائية، لكن مازالت الوقفة الدقيقة والضبط الحقيقي للقطاع ضروريا من أجل رصد الموارد الحقيقية، وتدقيق المؤشرات، ورسم معالم الخيارت القابلة للتطبيق، على اعتبار أن القطاع الفلاحي صار محل الأنظار بإمكانياته اللامتناهية والتي تبهر الأجانب على وجه الخصوص بشكل كبير. وكون الفلاحة دون شك تعتبر إحدى بوصلات النمو، التي يمكن الاعتماد عليها والثقة فيما ستقدمه إذا ما تم الإقلاع الفلاحي المنشود، خاصة وأن للجزائر كل الإمكانيات التي تؤهل هذا القطاع الحيوي ليحسن وتيرته، حتى يقفز إلى تجسيد الأهداف المسطرة، كونه المصدر الوحيد لتحقيق الأمن الغذائي، وقاطرة حقيقية للصناعة التحويلية، التي يمكنها أن تستحدث آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتصدر كميات معتبرة من المنتوج الفلاحي المصنع لتاسيس اقتصاد وتجارة خارج المحروقات. وتتميز المرحلة الراهنة بكون الفلاح والمستثمر في الزراعة وفروعها يحملان طموحا ويسعى إلى تجسيده، كونهما يوجدان في صميم هذا التحول الاقتصادي، والإدارة المحلية والقائمين على القطاع الفلاحي في الوقت الحالي مطالبون بإبراز الاحتياجات وتوفير كافة المعطيات للمستثمر، من المساحات المحددة للاستغلال والاستثمار وحجم القدرات المائية المرصودة وواقع الإنارة وشبكات الطرق ومدى إدراج الطاقات المتجددة في المشاريع من أجل التفرغ لإنشاء المشاريع التي لا تقبل الإخفاق. وبات الاستثمار في الفلاحة توجها ناجحا بامتياز، لأن السوق الغذائية واعدة، تمنح المستثمر جميع فرص النجاح، لذلك فإن التقييم بكل الدقة المطلوبة يبدأ الآن، ويعد خطوة نحو الإقلاع الفلاحي المتاح، والذي يتأتى من خلال إستراتجية متكاملة بدءا بالتنسيق بين الإدارة والمستثمر إلى غاية التسويق أو التصدير عبر الأسواق الخارجية، خاصة أن المنتوج الفلاحي الوطني له رواج كبير بالنظر إلى نوعيته المتميزة في الأسواق القريبة والبعيدة. وصار اليوم ضروريا تحديد وبلغة الأرقام الاحتياجات بشأن المشاريع الاستثمارية في الفلاحة بما فيها القائمة على الشراكة الأجنبية، مقابل حجم الطلب الوطني نسبة للنمو الديمغرافي وتطور المعيشة وتحقيق الإكتفاء الذاتي، ومدى الإرتباط الناجع بالصناعة التحويلية، للتوصل إلى ضبط كافة الإنتاج وقدرات التصدير وإذا كانت تنقصنا الخبرة..