قدم، الوفد الجزائري للطفولة، الذي شارك في المهرجان الدولي بأوكرانيا من 16 جويلية إلى 5 أوت الجاري، شهادات حية عن أولى سفريته إلى البلد البلقاني والرسالة التي حملها والتي لقيت الرواج والصدى من قبل البراءة الممثلة لخمسين دولة في المخيم بشبه جزيرة القرم على شاطئ البحر الأسود. وذكروا، في حفل استقبال أقيم أمس بالسفارة الأوكرانية بالجزائر، كيف وقع الاختيار على أطفال جمعية ''آمال الشباب'' ببومرداس، لتمثيل الجزائر في المهرجان الذي دأبت ''كييف'' على تنظيمه للمرة الثامنة بلا انقطاع كفضاء لتعميم ثقافة التسامح وحوار الحضارات والسلم والصداقة. وهي قيم ما أحوج العالم إليها في زمن حبلى بالتصادم والتصارع والحروب دون الاستفادة من تداعيات النزاعات التي قضت على أمم وأخرجت أخرى من اللاوجود، وشوهت خرائط تاركة أسئلة بلا أجوبة ماذا بعد؟ من هذه الزاوية، أعطى الوفد الجزائري المتكون من تسعة أطفال ومرافق ترافقهم صحفية من القناة الإذاعية الدولية، قراءته للأحداث المتسارعة في المعمورة التي تناضل بشق الأنفس من اجل عالم آخر أكثر أمنا وحبا وأخوة، عالم خال من الأحقاد والضغينة والإقصاء وقبول الآخر كما هو دون فرض عليه اكراهات وضغوط، عالم يعترف بالخصوصية والتمايز، ويرفض الانسلاخ عن الهوية والانتماء لثقافات تكسب القوة والاعتبار بالتنوع والتعدد وتشكل روافد لحضارة الإنسانية جمعاء. وكشف، أطفال جمعية ''أمال الشباب'' التي مثلت الجزائر في الطبعة الثامنة لمهرجان البراءة في أوكرانيا، لثاني مرة بعد جمعية ''الفورام'' برئاسة د. مصطفى خياطي، عن التنوع الثقافي في الجزائر التواقة لاحتلال موقع يليق بمقامها في عصبة الأمم، وهذا من خلال تقديمهم عروض عن تقاليد البلد وتراثها وأنشطة فنية تجاوب معها الحضور إلى أبعد الحدود. وتضمنت، مشاركتهم التي أثرت بأنشودة ''يا جزائر'' التي يغنون فيها عن انتمائهم للوطن الذي يجمعهم، ورفعه فوق كل الحسابات، والرقصات الفولكلورية بالزي القبائلي والشاوي والترقي والقسنطيني والڤناوي، دعوة ملحة للاهتمام بحقوق البراءة التي تطالها جرائم في وضح النهار. إنها دعوة صريحة وجهت إلى بان كي مون، الأمين العام الاممي، تحمله مسؤولية المزيد من التكفل بالطفولة وحماية حقوقها، أقواها قداسة على الإطلاق: الحق في الحياة. وأشاد بها مطولا السيد ''سيرهيي بوروفيك'' السفير الأوكراني الذي انتهت مهمته الدبلوماسية بالجزائر، وقال بكلام مباشر غير سياسي، خال من تقاليد البروتوكول، انه مرتاح لمشاركة أطفال ''آمال الشباب'' في المخيم الصيفي، وانتزاعهم عن جدارة واستحقاق، ثاني مرتبة وسط منافسة مشتدة عن آخرها لم تكتف بقاعدة ''الحضور من أجل الحضور''. واعترف بأن هذه المشاركة لبراءة الجزائر خطوة مهمة في ترسيخ حوار الثقافات وتبديد المخاوف من عالم يتجه نحو التصادم الحضاري المروجة من قبل مفكرين لم يتحرروا من الأفكار المسبقة ويستمرون على نهج تجاوزه الزمن ولم يعد يقبل به الحاضر والمستقبل. وقد أسقط أطفال الجزائر القناع عن هذه الأطروحات الخاطئة بحمل رسالة صداقة وسلام لنظرائهم في مختلف بقاع المعمورة، وبالخصوص الأوكرانيين، وتزيد قيمة وأهمية، وتعد خارطة طريق للمرحلة المقبلة، الظرف الذي سوقت فيه ودلالاته وأبعاده، فهي تأتي في زمن تحتفل فيه الجزائر وأوكرانيا يوم 20 أوت الجاري بالذكرى ال 17 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وكذا الذكرى ال 18 للعيد الوطني الأوكراني المخلد في 24 من ذات الشهر. وقال عنها، إيفان سيهيدا، الملحق الثقافي بالسفارة، إنها ذكرى مهمة تأتي في وقت تعيش فيه أوكرانيا على وقع إصلاحات تناشد التغيير في ظل الخصوصية والتمايز دون التنازل، قيد أنملة، عن هويتها ومكتسباتها. لقد نجع أطفال ''آمال الشباب'' ببومرداس، في تمثيل الجزائر بمهرجان أوكرانيا للطفولة التي غابت عنه لسنوات طويلة، وعرف، من خلال العروض، بثقافتها وألوانها الفنية وطبوعها، منتزعا الأكليشيهات التي ألصقت بها زورا وبهتانا. هي مهمة أديت على أحسن حال رغم التحضير القصير، حسب رئيس الجمعية السيد هاني عيسوجا يحيى، فكانت البراءة الجزائرية أحسن سفير للثقافة الجزائرية وحضارتها الضاربة في الأعماق على حد تأكيد، سلطاني كنزة، الإعلامية العربية الوحيدة التي عايشت الحدث عن قرب وحملت رسالة محبة وسلام إلى الجزائريين من الرئيس الأوكراني السابق ليونيد كوتشما تعطي قناعة أخرى كم هي الروابط عريقة بين البلدين، وكيف أنها صلبة إلى درجة لا تهتز تحت أي طارئ.