مع اقتراب افتتاح الدورة البرلمانية الخريفية المقررة مطلع شهر سبتمبر الداخل، باتت الطبقة السياسية على وجه الخصوص ونواب غرفتي البرلمان يترقبون بالكثير من الاهتمام الإفراج عن مشروع قانوني البلدية والولاية، لتشريحه وإثرائه بشكل يرقي أداء المنتخبين، عن طريق تحريرهم من التبعية الإدارية وتوسيع صلاحياتهم، وإعادة الاعتبار للمجالس الشعبية البلدية لضمان سقف معتبر من استقرارها، والتفرغ لتحديد وتكريس استراتجيات تنموية فعلية يستفيد منها المواطن . تردد منذ عدة أشهر وحسب تصريحات رسمية، أن الجهاز التنفيذي يعتزم خلال الدورة البرلمانية الخريفية طرح مشروع قانوني البلدية والولاية،استجابة ونزولا عند رغبة الطبقة السياسية، والمنتخبين المحليين على حد سواء، ولامتصاص الكثير من حالات الانسداد والفوضى وتأخير عجلة التنمية في الكثير من بلديات الوطن التي تناهز حوالي1541 بلدية . وإن كان بعض المتتبعين لهذا الشأن، والذين يقرون بالولادة العسيرة لهذه النصوص التشريعية التي تكتسي أهمية، على اعتبار أن مشروع التعديل لا يزال قائما منذ سنة ,1997 لا يخفون حساسية هذين النصين القانونيين، وهناك من توقع أن يصدر على شكل أمرية رئاسية، ولن يطرح على النقاش. حاولت ''الشعب'' معرفة مواقف بعض ممثلي التشكيلات السياسية، ورصدت هذه الانطباعات .. أكد العياشي دعدوعة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، أنه عكف منذ عدة سنوات على صياغة سلسلة من المقترحات، كاشفا عن مقترحات حزبه، حيث قال أن مسعاهم يرتكز على تكييف القانونين مع الواقع الحالي، ولينسجم مع عملية تغيير الدستور والانفتاح الذي تعرفه الجزائر . وأوضح دعدوعة أن أهم التعديلات تنصبّ حول توسيع صلاحيات المنتخبين، ومنحهم المجال الكافي للتخطيط وتنفيذ القرارات والمشاريع . ويشك دعدوعة في أن هذ النص التشريعي سينزل إلى غرفتي البرلمان في الدورة الخريفية المقبلة . وفنّد دعدوعة بشدة ما يتردد حول أن الكثير من الأميار يتورطون في قضايا اختلاس ونهب المال العام، و وصفها بالاتهامات التي لم تترجم إلى إدانات، بل أنه صرح أن الإدانات قليلة وتعد على أصابع اليد، وتم تضخيمها بواسطة التهويل، وخلص دعدوعة إلى القول في دفاعه المستميت عن الأميار أن السكين دائما تمسح في الأميار، الذين كثيرا ما يتعرضون لظروف صعبة وتواجههم مسائل معقدة، موضحا في سياق متصل أنه لا يوجد مسؤول يتقلد المسؤولية وفي ذهنه النهب والسرقة، وربما يحدث ذلك حسبه بسبب الجهل أو التفريط، وفوق كل ذلك فرئيس البلدية يختاره الشعب بإرادته الخاصة، فقد يكون إطارا كما قد يكون مواطنا عاديا . أما الصديق شهاب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني والقيادي في حزب الأرندي، حيث سبق له وأن تقلد منصب رئيس بلدية لأكبر بلديات العاصمة، يرى قبل الحديث عن مسألة توسيع صلاحيات المنتخبين ضرورة سَن وصياغة نصوص قانونية لمنح البلدية إمكانيات مضاعفة، بهدف مراجعة وضبط الجباية بشكل جيد، و توزيع المداخيل وتمويل المشاريع، وشدد شهاب على ضرورة استحداث مشروع قانون جديد يولي عناية كبيرة بالمالية وعملية تسيير المشاريع المحلية، ليتسنى بعد ذلك حسب شهاب تطهير المحيط المالي والإداري للبلدية، مع استئصال شأفة البيروقراطية، والقضاء على العراقيل والمشاكل العويصة التي تعيق المنتخب لأي أداء راق وتسيير محكم لشؤون بلديته . واغتنم شهاب الفرصة ليقترح صياغة نص قانوني يضمن استقرار المجالس الشعبية البلدية، حتى يتسنى لها ممارسة مهامها في محيط هادئ، حتى تزال البؤرة السوداء المتمثلة في ظاهرة سحب الثقة من المنتخب المحلي، ليتكرس الاستقرار ويكون التفرغ لتحديد أنماط التنمية . ولم يخفِ أحمد يسعد الرئيس السابق للكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم تشاؤمه من هذا المشروع القانوني، واستبعد بشدة أن يطرح على المناقشة والتشريح، متوقعا أن ينزل في شكل أمرية رئاسية، وذكر يسعد أنه يوجد إرجاءٌ متواصلٌ لهذا المشروع منذ سنة ,1997 فبعد أن بُرمج للمناقشة سُحب في آخر لحظة وتم التراجع عن الأمر، ووصف يسعد ذلك بالتماطل في الإفراج عنه، على اعتبار أنه ذو أهمية، حيث من شأنه أن يضبط صلاحيات المنتخب ويوضحها، ويدفع بعجلة التنمية بوتيرة أقوى، ومازال يسعد شبه مقتنع بأن هذا النص التشريعي لن ينزل إلا في شكل أمرية، لذا لا يستعد ولا يحضر نفسه في الإعداد لمجموعة من المقترحات. وذهب يسعد إلى أبعد من ذلك، عندما قال بأن هناك تصريحات مختلفة على مستوى وزارة الداخلية، فهناك من يقول أن القانونين جاهزين وهناك من ينفي ذلك . أما بعض المنتخبين، فحذّروا من الوصول إلى مرحلة أن المواطن يحجم عن أداء واجبه الانتخابي، بسبب محدودية صلاحيات المنتخبين، لأن المواطن في الوقت الحالي بدل أن يقصد البلدية صار يقصد الدائرة فكل الصلاحيات في يدها، واشترطوا توسيع الصلاحيات حتى تقترب البلدية من المواطن وتكون في خدمته بشكل يكون قريبا من اهتماماته. وتوقعوا أن توسيع الصلاحيات سيشجع أكفأ المواطنين على الترشح، وهذا من شأنه أن يساهم في ترقية أداء هذه المجالس المحلية . وما تجدر إليه الإشارة، أن أصوات الكثير من النواب وأعضاء الغرفة البرلمانية الأولى لم تخفت ولم تتعب في الدعوة إلى التعجيل بتعديل قانوني البلدية و الولاية في كل مرة يناقشون فيها قانون المالية أو مخطط عمل الحكومة.