أعلن محمد لوكال محافظ بنك الجزائر، أن احتياطي الصرف من العملة الصعبة ناهز 109 مليار دولار، نهاية شهر فيفري الفارط، ويعرف تسييرا آمنا. كاشفا أن الدينار حقق تماسكا محسوسا منذ شهر جوان الماضي، ولايزال يشهد التعزيز. وتمت الاستفادة من التخفيض السابق للدينار أمام الدولار، نافيا أيّ زيادة في منحة السياحة السنوية، وربط ذلك بتنوع الاقتصاد وانتعاش السياحة في ظل وجود 4 ملايين حامل جواز سفر بيومتري مرشح للسفر. قال محمد لوكال محافظ بنك الجزائر، في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة، إن الأزمة الأخيرة التي نجمت عن تراجع أسعار النفط، كانت شديدة وتعدت بكثير من الأزمات السابقة. لكن بفضل توجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وكذا قراءته السليمة، تسنّى تجاوز الظرف الصعب، من خلال التسديد المسبق للمديونية وإنشاء صندوق ضبط الإيرادات، وفتح المجال لضبط السياسات وتجسيد التدابير الملائمة، عن طريق إخراج الجزائر من التبعية الكلية لقطاع المحروقات. في هذا المقام يرى لوكال، أنه لولا وسائل الامتصاص المتخذة، لما تمكنت الجزائر من الإيفاء بالتزاماتها الخارجية. ووصف الوضعية المالية الحالية بالأحسن بكثير من الأزمة التي عصفت بها عامي 1986 و2009. وذكر أن الأزمة عمرها ثلاث سنوات، أي منذ بداية انهيار أسعار النفط، شهر جوان 2014، لكن الجزائر تصدت لها كما ينبغي. وبشأن أسئلة تناولت شق السيولة البنكية، أوضح المحافظ أن الأخيرة مرت بمرحلتين: الأولى، يمكن تحديدها بمرحلة ما قبل انهيار أسعار البترول، حيث شهدت البنوك فائضا استمر لعدة سنوات ونسبة تمويل الاقتصاد ناهزت 26 من المائة، أي مست جميع القطاعات وسجل تطور ملموس في تمويل الاقتصاد. أما مرحلة ما بعد انهيار أسعار البترول، سجل فيها تآكل تدريجي وصارت البنوك في حاجة إلى سيولة، فأدخلت إجراءات جديدة لتمويل البنوك، تمثلت في «السوق المفتوحة». وأشار لوكال، أن هذا الإصلاح يتفق أنه جذري للبنوك، ولأول مرة يؤسس سوق مالي مفتوح بالجزائر من أجل تمويل المنظومة البنكية، ويتوقع أن يشجع السوق المفتوح أو الحر، الذي يتوفر على العرض والطلب من خلال الأموال في خلق المنافسة. وذهب إلى اعتبار أن تقدم مهم في تطوير وسائل تسيير السياسة النقدية في الجزائر. وخلص إلى القول في هذا المقام، أن المنظومة البنكية تعرف تنوعا وتوسعا، على اعتبار أنه ينشط بالجزائر ما لا يقل عن 26 بنكا، بينها 6 بنوك عمومية و20 بنكا برأسمال أجنبي من عدة قارات، أمريكا وأوروبا ومن الشرق الأوسط. ويتوفر بالموازاة مع ذلك على 10 مؤسسات مالية تنشط في مجال الإيجار «ليزينغ». علما، أن عدد الوكالات البنكية لا تقل عن 1500 وكالة، حيث التزم محافظ بنك الجزائر بتشجيع البنوك لتكثيف تواجدها ووكالاتها عبر الوطن، من خلال منحها توجيهات، واشترط وجود تحفيزات للتواجد في منطقة الهضاب العليا. كما دعا إلى إدخال العمليات الإلكترونية كون كل بنك لديه برنامجه لتكثيف وتطوير عملياته الإلكترونية، مع تكثيف المحافظ المصرفية عن طريق جذب عدد أكبر من الزبائن، وتحسين المنتجات البنكية، مثل توفير التمويل غير الربوي الذي يجري، بحسب إشارته، على مستوى وزارة المالية والحديث عن إعداد مشروع قروض سندية في هذا الإطار. فيما يتعلق بالمنتوج الحلال، الذي يطابق مبادئ الشريعة الإسلامية، تحدث عن توفره لدى بعض البنوك. ومثل الانشغال الأكبر لأعضاء مجلس الأمة، الرفع من قيمة الدينار، حيث قال لوكال إن تأطير الأزمة الخارجية وتغيرات سعر الصرف العالمي، أديا إلى انخفاض قيمة عملة الدينار إلى غاية شهر أفريل 2016 وبعد ذلك استنزف الدينار أمام عملة الدولار وارتفع مقابل الأورو. ولم يخف أن يبقى الدولار مرتفعا ليستفيد الدينار من ذلك، كون انخفاض الأورو عزز من قيمة الدينار وسمح الاستيراد من منطقة الأورو التي نستورد منها نحو 70 من المائة من إجمالي الواردات وكذا انخفاض المواد الأولية في الأسواق العالمية، إلى تخفيض التكلفة وانتعاش الدينار، وهذا ما ساعد في تحقيق توازنات، ولم يكن أي تدخل إداري، لكن منذ شهر جوان يعرف الدينار تماسكا وتعزيزا. على صعيد تحدي إزالة السوق الموازية أقر لوكال بامتصاصها تجسيدا لإجراءات شاملة، خاصة من أجل تقليصها ومحاربة التهرب الجبائي، حيث يعتقد أن بنك الجزائر لا يمكنه وحده تطويق هذه السوق ولا أي طرف منفرد، حيث أن الإدارة الجبائية لديها دور رقابي. عن أسباب غياب مكاتب الصرف وعدم الرفع من منحة السياحة السنوية، وقف على وجود قانون سمح بميلاد مكاتب صرف العملة منذ عام 2007 وتم منح 47 ترخيصا لفتح مكاتب، لكن 13 من أصحاب الرخص قاموا بإرجاعها والبقية لم تنشط، مرجعا عدم نجاعة مكاتب الصرف لغياب نشاط سياحي مكثف. واستبعد مراجعة المنحة السياحية السنوية في الوقت الراهن، في ظل الوضعية الاقتصادية الصعبة، حيث لا يعقل إنعاش اقتصاديات دول وعدم حماية اقتصادنا، في ظل تسجيل 4 ملايين حامل لجواز سفر بيومتري مرشح للسفر. ورد على الذين اقترحوا تغيير العملة لامتصاص السوق الموازية، قال لوكال إن تكلفتها كبيرة، وكون السوق الموازي يتطلب إجراءات أخرى، منها النقدية وغير نقدية، وتدخل عديد القطاعات مثل مصلحة الضرائب ووزارة التجارة. وحول مدى التأثير على الجزائر بسبب تخفيض صادراتها بسبب التزامات عقد الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، قال إنه من حق الجزائر تبني إجراءات لحماية اقتصادها حسب بنود يتضمنها الاتفاق.