«خيره سبق» رددها الجميع وإجماع على إنسانيته النادرة شيع، ظهر أمس، بمقبرة العالية جثمان الفقيد عمر زيات، الذي وافته المنية صبيحة الخميس بمستشفى بارني بحسين داي بالجزائر العاصمة، إثر سكتة قلبية أودت بحياته عن عمر ناهز 60 سنة، وفي جو مهيب خيم عليه الحزن والأسى نقل جثمانه إلى مسجد الدوزي بحي الموز بالمحمدية أين أقيمت على روحه صلاة الجنازة ومباشرة إلى مقامه الأخير بالعالية، أين يرقد نومته الأبدية. حضر مراسيم الجنازة كل من وزيري الداخلية والثقافة نور الدين بدوي وعز الدين ميهوبي إلى جانب وزراء سابقين يتقدمهم عبد القادر والي وشخصيات وطنية سامية في الدولة ورؤساء أحزاب ومديرو مؤسسات ثقافية على غرار بن تركي مدير الديوان الوطني للثقافة والفنون وسامي بن الشيخ المدير العام «لأوندا «وأحمد ماضي رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتاب، وإطارات بوزارة الثقافة وعدد كبير من الاسرة الفنية والثقافية والإعلامية، ممثلين وفنانين ومخرجين ومطربين شباب ومن كل الأعمار بالجزائر والمهجر، ناهيك عن جموع كبيرة من المشيعين من الاهل والأقارب الذين تنقلوا صبيحة أمس إلى العاصمة لتوديع الابن عمر إلى مثواه الأخير. اشتغل الفقيد في بداية مشواره الفني أستاذا للتربية الفنية بمسقط رأسه بمدينة بريكة وحاول رفقة مجموعة من الشباب الطامح التوجه إلى التأسيس والعمل على بناء رؤية فنية عصرية بأدوات موسيقية تجمع بين التقليدي والعصري، ما جعله يتخطى عتبة المدينة، فذاع صيته، ليؤسس بعدها فرقة موسيقية ويتجه مباشرة إلى الانخراط في عالم التوزيع الموسيقي والاشتغال على الآلات الحديثة، ثم نمت تجربته بعد انتقاله إلى مدينة سطيف، ما زاد من شهرته في المشهد الموسيقي إشرافه على المهرجانات الكبرى الوطنية وتنظيمه عديد الحفلات لكبار الفنانين والمطربين الجزائريين والأجانب، وأصبح شريكا حقيقيا في العديد من التجمعات الكبرى التي كان يشرف فيها على إعداد وضبط الصوت والإضاءة والميكساج وكان له الفضل في إنجاح الكثير من تجمعات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في العهدات السابقة وكذلك المهرجانات الدولية على غرار تيمقاد وجميلة وغيرها مثل حصص ألحان وشباب. اشتغل بصمت غايته إسعاد الجمهور وإدخال الفرحة عمر زيات أو الفنان الأكثر حضورا باسم عمر» سونو صافي» ترك بصمته ماثلة في الجزائر، حيث تعامل مع كبار الفنانين ومنحهم الظهور والتميز محليا وإقليميا ودوليا، كيف لا وهو أشهر من نار على علم، لا يكاد يخلو من اسمه أي نشاط موسيقي كان في الجزائر. أجمعت العديد من الشخصيات الفنية التي اقتربت منها «الشعب» على نبل وأخلاق الفقيد وسيرته الطيبة في الأوساط الإبداعية والفنية على وجه الخصوص، خاصة إنسانيته التي فاقت الحدود، فظل وفيا لتلك البشاشة على ملامح وجهه ومحياه حتى في ظروف استثنائية، حيث لا تفارقه الابتسامة والسخاء والكرم فوصف بالطائي الجزائري، خصال جميلة كانت القاسم المشترك ورددتها كل الألسن ولم يختلف عليها أي أحد بفقدان الاستاذ عمر زيات شمعة أخرى في سماء الثقافة الوطنية تنطفئ ويأفل نجمها، لم يكن الظهور يوما طموحه، فظل رجل الخفاء بامتياز يشتغل بصمت هدفه النجاح وإدخال السعادة على الجمهور وإرضاء النفوس الباحثة عن المتعة والفرجة.